قناة عشتار الفضائية
 

عندما زار البابا الراحل كوردستان... مشاهد لا تُنسى من زيارة تاريخية

عشتارتيفي كوم- كوردستان24/

 

 شكّلت زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى إقليم كوردستان في مارس 2021 محطة محورية في أول جولة بابوية إلى العراق، حملت رسائل قوية للتسامح والعيش المشترك، في وقت كانت البلاد تمر بتحديات أمنية وصحية معقدة.
وصل البابا إلى أربيل يوم الأحد، 7 آذار/مارس، قادماً من بغداد، وكان في استقباله بمطار أربيل الدولي رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، إلى جانب شخصيات دينية ومدنية من مختلف المكونات.
استُقبل البابا بمراسم رسمية في المطار، قبل أن يُعقد لقاء مشترك في الصالة الرئاسية لكبار الضيوف، عبّر فيه الجانبان عن أهمية الحوار والتسامح في هذه المرحلة التاريخية.
وفي إطار زيارته التاريخية إلى إقليم كوردستان، التقى قداسة البابا فرنسيس بالرئيس مسعود بارزاني، عبّر البابا خلال اللقاء عن تقديره العميق للدور الذي اضطلع به إقليم كوردستان في احتضان المكونات الدينية والقومية المختلفة، وفي ترسيخ قيم التعايش السلمي بينها، مؤكداً أن كوردستان كانت على الدوام "بيتاً وملاذاً للمسيحيين"، وأنه لم ينسها قط.
كما أشار البابا فرنسيس في وقتها إلى أن زيارة كل من الرئيس مسعود بارزاني ورئيس الحكومة مسرور بارزاني إلى الفاتيكان، كانت من الدوافع المهمة التي شجعته على القيام بهذه الزيارة التاريخية إلى كوردستان.
واحتشدت جموع غفيرة من سكان أربيل في شوارع المدينة، مرحبين بموكب البابا، ورافعي أعلام العراق والفاتيكان وإقليم كوردستان، وسط أجواء احتفالية امتزجت فيها مشاعر الفرح والرهبة الروحية. 
ذروة هذه الزيارة تمثّلت في إقامة قداس جماهيري هو الأول من نوعه في تاريخ العراق وإقليم كوردستان، وذلك في ملعب فرنسوا حريري، حيث احتشد قرابة 10 آلاف شخص رغم قيود جائحة كوفيد–19. وقد لوّح البابا للحاضرين من سيارة مكشوفة، في مشهد استثنائي اختصر رمزية التلاقي بين الأديان والثقافات في أرض كوردستان.
حضر القداس كبار الشخصيات، من بينهم رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، ورئيس الحكومة مسرور بارزاني، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق وقتذاك، جينين هينيس بلاسخارت، إلى جانب رجال دين مسيحيين ومسلمين من مختلف الطوائف.
هذه اللحظة الروحية جاءت تتويجاً لجولة بابوية تاريخية بدأت في العاصمة بغداد، حيث حطّ البابا رحاله يوم الجمعة، 5 آذار/مارس 2021، في أول زيارة لحبر أعظم إلى العراق. وقد استُقبل رسمياً من قبل رئيس الوزراء آنذاك مصطفى الكاظمي، بمشاركة وفود رسمية وشعبية، بينها مجموعات من أبناء الطائفة المسيحية.
وفي بغداد، زار البابا كاتدرائية سيدة النجاة، التي شهدت مجزرة دامية عام 2010، وأقام فيها صلاة على أرواح الضحايا. كما التقى في النجف المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، في لقاء وصف بأنه "تاريخي"، وأكد فيه الجانبان أهمية الحوار بين الأديان، والتعايش بين المكونات.
وعقب هذا اللقاء، أعلن الكاظمي تخصيص يوم 6 آذار/مارس من كل عام يوماً وطنياً للتسامح والتعايش في العراق.
زيارة البابا فرنسيس للعراق – والتي شملت خمس محافظات من بينها النجف ونينوى وأربيل – لم تكن مجرد جولة دينية، بل حملت أبعاداً إنسانية وثقافية عميقة، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة. أما كوردستان، فكانت مسرحاً للذروة الروحية لهذه الزيارة، ومثالاً حياً على التنوع والتسامح في قلب الشرق الأوسط.