قناة عشتار الفضائية
 

هجرة الأقليات تثير مخاوف ديمغرافية بالعراق


عشتارتيفي كوم- الجزيرة نت/

تقلصت أعداد الصابئة المندائيين والأيزيديين والمسيحيين في العراق بحدة خلال السنوات العشر الماضية. ويرى ناشطون أن ما يدفع هذه الفئات للهجرة هو إهمال تفعيل التشريعات الخاصة بهم وخشيتهم من أجهزة الأمن واستهدافهم من قبل مجهولين.

كان دخيل قاسو الشاب الأيزيدي يجلس في المقهى مع مجموعة من أصحابه يتحدث معهم عن المخاطر التي صادفته أثناء تسلله عبر الحدود العراقية التركية عن طريق مهربين.

ويروي قاسو كيف تم القبض عليهم بعد ستة أيام من بقائهم بأحد الفنادق الشعبية بإسطنبول، خلال محاولتهم الهجرة إلى ألمانيا.

ومثل قاسو غادر الآلاف من أبناء الأقليات العراق بحثا عن العمل والأمان، مما يثير مخاوف ديمغرافية ويهدد التنوع الذي كان السمة البارزة في البلاد.

ويقول خضر دوملي -الباحث في شؤون الأقليات بمركز دراسات السلام وحل النزاع- إن الشاب قاسو نموذج للكثير من أبناء الأقليات الراغبين بالهجرة من العراق.

ويبين دوملي للجزيرة نت أن غالبية الأقليات التي تعيش في العراق بدأت تتجه للتقلص منذ عشر سنوات.

هجرة واختفاء
ويقول إن الصابئة المندائيين الذين كانت أعدادهم تقارب عشرة آلاف نسمة في السبعينيات بدؤوا يختفون من مدن جنوبي العراق مثل البصرة والعمارة لينحصروا في كركوك وأربيل بعد أن أصبح تعدادهم أقل من ثلاثة آلاف نسمة في عموم البلاد.

وبين دوملي أن الأيزيديين أيضا ركبوا موجة الهجرة، موضحا أن أعدادهم في العراق كانت أكثر من 450 ألف نسمة بحسب آخر الإحصائيات التي قامت بها منظمات مدنية مع بعض المراكز الثقافية التابعة لهم.

وتبين هذه الإحصائيات أن عدد الأيزيديين الذين هاجروا من العراق لغاية صيف 2013 بلغ سبعين ألف شخص وأن غالبيتهم يتوجهون إلى ألمانيا.

ويرى دوملي أن السبب الأساسي الذي يدفع أبناء الأقليات إلى الهجرة من العراق هو عدم اهتمام الحكومة بتفعيل التشريعات التي أقرت في الدستور والمتعلقة بحقوقهم.

كذلك من دوافع الهجرة صمت الحكومة إزاء المجازر التي ترتكب بحق الأقليات وعدم وجود تنمية اقتصادية في مناطقها، على حد قوله.

تغييرات ديمغرافية
من جانبه، بيّن ميخائيل بنيامين -نائب رئيس مركز نينوى للبحث والتطوير- أن أعداد المسيحيين قد انخفضت بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة.

وقال للجزيرة نت إن أعداد المسيحيين كانت تقارب مليونا و200 ألف نسمة قبل عام 2003 في حين أن تعدادهم الآن حوالي 650 ألفا فقط، قائلا إن ما يدفعهم للهجرة هو شعورهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.

ومن بين الأسباب التي تدفع المسيحيين لمغادرة العراق عدم شعورهم بالأمان وإقصاؤهم في المجال السياسي والإداري، حسب بنيامين.

ويضيف أنه لم يعد لدى المسيحيين دافع للبقاء في العراق، قائلا إنه في حال استمرار هذه الهجرة فإن تغيرات ديمغرافية قد تحصل في البلاد.

ويضيف أن من أبرز الأسباب التي تزرع الخوف لدى هذه المكونات هو عدم وجود تمثيل حقيقي لها في المؤسسات الأمنية، مما يدفعهم للخوف منها بدل الاحتماء بها.

ويقول إن من بين التحديات التي تواجه الأقليات في العراق الرفض الاجتماعي لها، مشيرا إلى أن المكون الشبكي الذي يتواجد في الموصل بدأت أعداده تتراجع بشكل مخيف بعد استهدافهم من قبل جماعات مجهولة مما دفع الكثير منهم للهجرة إلى مناطق أكثر أمنا.

وللحد من هذه الهجرة، يقترح بنيامين معالجة القوانين والتشريعات التي تمس بكرامة هذه المكونات وتوفير فرص العمل لها وسن قوانين تحمي خصوصيتها من الاضطهاد والتمييز.

من جهته بين الدكتور جاجان جمعة -عميد كلية التربية بجامعة دهوك- أن هذه الهجرة ستكون لها تأثيرات سلبية على واقع العراق في المستقبل لأن الكثير من العقول والكفاءات ينتمون للأقليات.

http://www.aljazeera.net/news/pages/9dd4d381-17f8-4b26-bfa0-55165d873d2a