قناة عشتار الفضائية
 

إصدار - نون إنسان


عشتارتيفي كوم- جريدة النهار/

محوران أساسيان يشغلان الحيّز الأكبر من العدد الجديد من مجلة "الدراسات الفلسطينية"، خريف 2014، أولهما عن غزة وانتصار الصمود، وثانيهما عن أسطورة ياسر عرفات. يتكامل هذان المحوران في تأكيدهما ضرورات الوحدة الوطنية الفلسطينية وانهاء الانقسام بين الفلسطينيين، وبناء استراتيجيا فلسطينية جديدة عمادها مقاومة الاحتلال بمختلف الأساليب، وإعادة تظهير المسألة الفلسطينية باعتبارها مسألة تحرر وطني.
إلاّ أن أكثر ما لفتني في هذا العدد، هو النص المزدوج، الأدبي والتشكيلي، بقلم الزميل الكاتب الياس خوري، وبريشة الفنان كمال بلاطة، تحت عنوان "نون إنسان"، حيث تتكامل الكلمة واللوحة، في الانحناء معاً لحرف النون.
يبدأ الكاتب نصه بقوله إن النون وعاء لكلمة إنسان، التي تحتضن نونين، وبذلك تصبح هذه الكلمة المفردة – انسان – مختصراً لشخصين اثنين، المذكر والمؤنث معاً. ليبحر من ثمّ في "لسان العرب" لابن منظور، حيث يتشكل هذا الحرف الوعائيّ الاحتوائي كلوحة متعددة اللون والظل، وحيث النقطة التي تتوسطها تشبه العين، وحين يمتلك الحرف عينه، تصير قدرته على الرؤية بلا نهاية.
بالنون تنتهي كلمة فلسطين، وبها تبدأ كلمة الناصرة. ، لكن حرف النون الذي أعطي مجد فلسطين، صار، على قول الياس خوري، "عارنا" في الموصل، وصار بداية تطهير طائفي وعرقي في بلاد الرافدين.
كُتبت نون النصارى باللون الأحمر داخل دائرة حمراء وُضعت على حيطان منازل النصارى من كلدان وأشوريين في الموصل، حيث نون العراقين كشفت زيف التاريخ الذي بُني على أكاذيب يطلق عليها المؤرخون اسم المسألة الشرقية، وزيف خطب الدفاع عن حقوق الإنسان.
"
نحن وحدنا"، يقول الكاتب، "وحدنا في نون مواجهة الاحتلال والاستبداد"، الديكتاتوري والديني والعائلي والتكفيري. و"وحدنا في نون الألم والحزن".
لكن نون الإنسان تتسع للجميع، وتحتضن الجميع، لأنها مبللة، على قول الياس خوري، بماء الأرض ومطر السماء. "أن أكون انساناً، أي أن أكون فلسطينياً، وأن أكون مضطَهداً مع المضطَهَدين، وغريباً مع الغرباء، فأصير إيزيدياً وصابئياً ونصرانياً وسنياً وشيعياً وعلوياً ودرزياً وأمازيغياً وعربياً، وأن أكون كل هؤلاء كي أكون. عندها فقط أستحق النون التي سمّتني انساناً".