قناة عشتار الفضائية
 

زعطوط الأطلس


عشتارتيفي كوم- مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية/


يتمتع قرد المكاك البربري بالعديد من السمات المتفردة. فهو الوحيد من بين الرئيسات (أعلى رتب الحيوانات الثديية) الذي يعيش في شمال الصحراء الكبرى بالقارة الإفريقية، وهو النوع الوحيد، من بين قردة المكاك الأخرى، الذي يعيش خارج قارة آسيا. إذ إن أنواعاً أخرى كانت تعيش ذات زمن مضى في مواطن طبيعية شاسعة تمتد من شرق آسيا حتى شمال غربي إفريقيا، لكن وحده المكاك البربري استطاع الصمود في وجه التغيرات البيئية والبقاء في القارة الإفريقية حتى يوم الناس هذا.
ولكن هذه السمة الجغرافية الفارقة ليست وحدها ما يميّز هذا النوع من القردة. فالمكاك البربري (أو الزعطوط باللهجة المغربية) لا ذيل له، ويتمتع بفراء كثيف ذي لون بني مائل للحُمرة وعينين متّقدتين ذكاءً وحجم صغير لا يتجاوز حجم صبي ذي عامين أو ثلاثة. ولعل هذه الصفات هي ما جعلت منه صيداً مرغوباً على مرّ العصور للرحّالة العابرين. فلقد اكتُشفت بقايا هياكل عظمية لقردة المكاك في رماد مدينة بومبيي الرومانية، وفي أعماق أحد سراديب موتى المصريين القدامى، وكذا في باطن تلّة أيرلندية كان ملوك ألستر يعقدون عندها مجالسهم إبّان العصر البرونزي.
انكمش نطاق انتشار المكاك البربري واسمه العلمي (Macaca sylvanus) في الوقت الراهن فصار وجوده يقتصر على بعض الغابات المتناثرة في المغرب والجزائر، وكذا في منطقة جبل طارق حيث تسود بعض التجمعات شبه البرية. فمن سوء حظ هذا القرد أنه ما زال يثير إعجاب الزوار ويُغريهم؛ إذ يشير حُماة الطبيعة إلى أن المهربين يعمدون سنويا إلى تهريب حوالى 300 مكاك بربري رضيع إلى خارج المغرب لتزويد سوق الحيوانات الأليفة المتنامية في أوروبا، مما يُعيق تكاثرها على نحو طبيعي مُستدام. لِذا لم يبقَ من هذه القردة المهددة بالانقراض في الوقت الحالي سوى 6000 على أكثر تقدير، يعيش منها في المغرب وحده 4000 إلى 5000 قرد.
أمضى المصور فرانشيسكو مينغورانسي أكثر من سنة في التقاط صور المكاك البربري بمرتفعات جبال الأطلس المتوسط التي تأوي في غاباتها أحد أكبر تجمعات هذا القرد. ويقول مينغورانسي، من واقع مشاهداته، "إن الحب الذي تُعامل به أنثى المكاك البربري صغيرها يكاد يماثل نظيره لدى البشر؛ حتى إن إحدى الأمهات ظلت تطوّق صغيرها النافق بذراعيها أربعة أيام كاملة.