قناة عشتار الفضائية
 

شهادة مسيحية عراقية: أتينا إلى روما لنشهد ولنتقاسم فرح الحياة المكرسة


عشتار تيفي كوم - ابونا/

أتينا مع آلاف المكرسين والمكرسات من كل أنحاء العالم إلى حاضرة الفاتيكان، مشاركين في ختام يوبيل سنة الحياة المكرسة ٢٨ فبراير ٢٠١٦، وجئنا مدعوين لنكون رجال ونساء لقاء وسلام ورحمة، كما أكد الاب الاقدس، في واقع طغت عليه ثقافة الاقصاء والحرب والقسوة؛ اتينا لنعيش اياما مميزة، وسط اجواءٍ ساد فيها روح المقاسمة والمحبة والوحدة رغم اختلاف ثقافاتِنا وتنوع مواهبنا، اجواء متسمة بجمال وجوه أشخاص مكرّسين سعداء، غير مبالين لساعات الانتظار الطويلة التي قضيناها خارجا لحين دخولنا لقاعة البابا بولس السادس حيث كان لقاؤنا الاول، ومتحملين البرد عصر يوم الثلاثاء ٢ فبراير ٢٠١٦ خارج بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان، لنشارك في القداس الاحتفالي الذي ترأسه الاب الاقدس فرنسيس، قداس عيد تقدمة يسوع إلى الهيكل واليوم العالمي العشرين للحياة المكرسة واختتام سنة الحياة المكرسة.

هناك صلينا وتأملنا في معنى ان نكون مختارين لنعيش حياة "نبوية" كعلامة ملموسة لحضور وقرب الله، كما قال الاب الاقدس في عظته. فالنبوءة وامتلاك الفطنة هما ما تمركز عليه لقاؤنا، وهما البعدان اللذان نحن مدعوون من خلالهما ان نعيش الإصغاء لكلمة الله والقدرة على فهمها، وتمييزها وسط عالم أصبحت فيه الحكمة شبه غائبة. فالنبي هو من يصغي للكلمة، ويتقاسمها مع اخوته، مشاركا بكل حالة ضعف وخطيئة وألم وفرح يعيشها شعبه، مختبرا معنى "القرب" والصداقة كما عاش يسوع المسيح حيث صار قريبا من كل رجل وأمراة وشيخ وطفل. فمن يختاره الله يشهد بفرح، معطرا مَن حوله بعبق رائحة الرجاء والرحمة، الرجاء بمن دعانا والثقة برحمة تفوق جميع قسوة عالم اليوم.

هذا ما جئت اشهد له كعذراء مكرسة عراقية، منتمية لرتبة تكريس العذارى Ordo Virginum، أعيش في قلب الكنيسة والعالم مثل جميع العذارى المكرسات الذين عبروا عن رغبتهن في اتباع المسيح على مثال امنا مريم، العذراء المكرسة الاولى، وارتبط بالسيد المسيح روحيا ونذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة. جئت من العراق، من بلدٍ مليء بالالم والخوف وشبح الحرب الذي طغى عليه منذ سنوات طويلة. أتيت مع ٦٠٠ عذراء مكرسة من كل أنحاء المعمورة، مشاركين بشكل خاص في مؤتمر ال Ordo Virginumالذي نظمه الفاتيكان، حيث قدمت شهادة واقعية عن تكريسي ودعوتي وكنيستي وشعبي، وكانت شهادة إيمان ورجاء وفرح بمن يرعانا ويسندنا ويحمينا بالرغم من كل ظروفنا الصعبة. فوسط هذه الظروف، أعيش في العراق من دون عائلتي التي تركت البلد خوفا من شبح العنف والدمار المستمر، الا اني ما زلت أعيش بفرح وسط عائلة كبيرة من اخوة وأخوات في المسيح، بالاخص مع اخواتي العذارى المكرسات، وكل من يعمل في قلب كنيسة العراق ومجتمعه من ذوي الإرادة الصالحة وان لم يكونوا كثيرين عددا، لكنهم ذوي حب كبير، متقاسمة معهم كل حزن وفرح، كل لحظات القوة والضعف. قد لا نستطيع تغيير واقعنا الحالي، لكننا قادرين على ان نعكس صورة وجه الاب الحنون، المحب والرحيم، قادرين رغم ضعفنا ان نكون الحب.

د. عنان القس يوسف

عذراء مكرسة من كنيسة العراق

أستاذ مساعد في جامعة بغداد