قناة عشتار الفضائية
 

مرصد الإفتاء: فتاوى ازدراء المسيحيين تستهدف تفتيت الأوطان

 

عشتار تيفي كوم - الوفد/

كتبت - نسمة أمين

أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، عددًا جديدًا من نشرة "إرهابيون"، جاء تحت عنوان: "فتاوى ازدراء المسيحيين، أحكامٌ لتفتيت الأوطان"، وذلك لعمل دراسة وصفية ترصد وتحلل أهم الفتاوى التي صدرت حول أحكام التعامل مع المسيحيين ودُورِ عبادتهم، انطلاقًا من رسالة دار الإفتاء برصد  الفتاوى الشاذة والآراء المتشددة كافة، التي تحتاج إلى دراسة وبيان.

أوضح مرصد دار الإفتاء أن هذه الدراسة رصدت مجموعة كبيرة من الفتاوى، تم اختيار 5500 فتوى منها كَعَيِّنَةٍ للدراسة، نظرًا لأن العديد منها يحمل الموضوع نفسه، كالسؤال عن حكم تهنئة المسيحيين بعيدهم، أو حكم بناء الكنائس، حيث صنفت الدراسة هذه الفتاوى إلى مواضيع عامة تضم تحتها مواضيع خاصة مرتبطة بالموضوع أو مرتبطة بالحكم الشرعي.

وأكد المرصد أن أحكام هذه الفتاوى جاء معظمها بتحريم أي شكل من أشكال التعاون بين المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى أن بعضها كان يحمل تحريضًا ضد المسيحيين، ودعاوى بعدم معاملتهم في بيع أو شراء أو أي نوع من أنواع العلاقات الاجتماعية، والحكم على فاعل هذه الأشياء بالخروج من الملة انطلاقًا من قاعدة الولاء والبراء.

وقال المرصد إن فتاوى حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وارتباط ذلك بفكرة المؤاخاة بين المسلمين والمسيحيين احتلت المركز الأول بنسبة 54.5% من جملة فتاوى العينة، حيث جاءت الفتاوى في هذا المحور بعدد 3000 فتوى.

بينما جاء المركز الثاني بنسبة 35% فتاوى حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين، وكذا حكم تعامل المسلمين مع هذه الكنائس بالصلاة والأذان وحضور الأعياد ومراسم الزواج والجنائز فيها، وجاءت فتاوى هذا المحور بعدد 1950 فتوى من جملة فتاوى العينة.

جاء المركز الثالث والأخير بنسبة 11% فتاوى التعامل بوجه عام مع المسيحيين في التعاملات الاقتصادية من بيع وشراء وإقراض، وولاية المسيحي وانتخابه للوظائف العامة، والجزية، وحكم هدية المسيحيين، والتبرع لهم، وبدئهم بالسلام، والسكن معهم، وغيرها من أشكال التعامل كافة، وجاء عدد فتاوى هذا المحور 550 فتوى.

وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج كان أهمها أن مدار الأحكام الشرعية في الدراسة كان حول ثلاثة أحكام من الأحكام التكليفية الخمسة في الشريعة الإسلامية؛ وهي "الحرمة" و"الكراهة" و"الإباحة"، حيث كان النصيب الأكبر للتحريم، الذي وصل إلى 70% من جملة هذه الأحكام، تلاه في المرتبة الثانية بنسبة 20% حكم الكراهة، يليه في المرتبة الثالثة حكم الإباحة بنسبة 10% من جملة أحكام الدراسة، أما حكما الوجوب والندب فلا مجال لهما في فتاوى المتشددين.

وأوضحت "إرهابيون" في عددها الجديد أنه باستقراء وتحليل هذه الأرقام التي جاءت في الدراسة توصلت لنتائج عدة، أهمها بيان الفقه الصدامي لعقلية مُصْدِري هذه الفتاوى، وجموده عند منطقة التحريم فقط.

وأضاف المرصد أن حكم الإباحة كان له النصيب الأقل من هذه الأحكام، وقد وصلت نسبته إلى 10% فقط من جملة أحكام الدراسة، وهو أن يترك مُصدِر الفتوى حرية الاختيار للمتلقي، وهذا مرتبط بالأمور البسيطة، أو ما كان منها بمثابة فروع من مسائل أخرى، مما يدل على أن عقلية مُصدِري هذه الفتاوى استفرغت كامل طاقتها في التحريم والنهي عن أي شكل من أشكال التعاون مع المسيحيين، ويدل على جهلها بفقه الواقع والمآلات علاوة على جهلها الفقهي بصفة عامة.

وأكد مرصد دار الإفتاء أن غالبية هذه الأحكام التي خلصت إليها الدراسة يصطدم مع نصوص الشرع الشريف في التعامل مع غير المسلمين المسالمين والشركاء في الوطن، التي جاءت كلها لتؤكد عظمة الإسلام وسماحته تجاه الآخر.

من جانبه أكَّد الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية ومدير مرصد دار الإفتاء - أن ما خلصت إليه الدراسة يقودنا إلى مجموعة من التوصيات، كأهمية بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بتعامل المسلمين مع المسيحيين، وضرورة نشر الفتاوى الصحيحة ردًّا على هذه الفتاوى المتطرفة، لأن هذا النوع من الفتاوى المنحرفة من شأنه أن يُسهم بصورة أو بأخرى في عزل إجباري للمسيحيين عن وطنهم، والحيلولة بينهم وبين اندماجهم في الوطن والمساهمة في عملية البناء.

وتابع نجم أن مثل هذه الفتاوى، خصوصًا ما يحمل منها نصًّا شرعيًّا، تُوهم المسلمين بحرمة التعامل مع المسيحيين بأي شكل من الأشكال، انطلاقًا من صحيح العبادة التي تنهاهم عن التعامل معهم، وانطلاقًا من تفسير هؤلاء المتشددين للنصوص الشرعية بما يخدم منهجهم المعوج، وهذا أمر فيه خطورة على وحدة المجتمع، نظرًا للالتحام الفعلي بين المسيحيين والمسلمين في السكن والعمل والتجارة والصناعة وغيرها؛ لذا فقد وجب التنبيه على عدم الالتفات لمثل هذه الفتاوى.