قناة عشتار الفضائية
 

لاجئ عربي استفزه اضطهاد رجلين ذوَي بشرة بيضاء لرجل أسود في ألمانيا فحاول التدخل.. هكذا انتهى به الأمر

 

عشتارتيفي كوم- هاف بوست عربي/

 

في كواليس مقطع الفيديو الذي انتشر بشكل كبير مؤخراً والذي يظهر فيه اعتداء شابين ذوَي بشرة بيضاء على آخر بشرته سوداء في ألمانيا، يقول نعيم، الشاب السوري الذي صادف وجوده في المترو، إنها لم تكن كأي حادثة؛ فألمانيا من بعدها تغيرت بنظره.

ويروي الشاب لشبكة "سي إن إن" تفاصيل ما حصل، حيث كان في قطار مترو ليلاً وسط برلين؛ عندما شاهد "رجلين أبيضين" يشتمان وهما غاضبان راكباً أسود البشرة، فلم يستطع السكوت، لا سيما أنه ذُعر لعدم فعل أي أحد هناك شيئاً لإيقاف ذلك، وبدأ بتصوير المواجهة بينهم بهاتفه الجوال؛ ما جذب انتباه المعتدين وجعلهما يغضبان منه، فأصبحا يهاجمانه انتقاماً منه.

وأضاف أنه عندما حاول الهروب في الموقف التالي سحبه المعتديان إلى خلف متجر واعتديا عليه، وعندما ذهب بعد ذلك للمتجر وهو ينزف تم تجاهله.

وأشار إلى أن رجلاً آخر قدِم لمساعدته واعتذر منها وقال له إنه ليس كل الألمان هكذا، لافتاً إلى أن الهجوم تركه مذعوراً، وأنه فقد هاتفه الجوال، وتعرض لأذى، على الصعيد النفسي بشكل خاص.

ولم يزعجه الاعتداء البدني بحد ذاته؛ بل وجود أناس لديهم مثل هذه الأفكار العنصرية، والناس الذين لم يمدوا يد المساعدة له.

ولا يعلم نعيم، حتى الآن، هوية المعتدين عليه في وقت ما زالت الشرطة تحقق في القضية بتهمتي إلحاق أذى بدني والسرقة ولم تعتقل أحداً، وربما لن يعرف.

ويصف وضعه الصعب حالياً، بأنه يريد البقاء في غرفته ولم يعد يشعر بالأمان كي يغادر البيت ولم يعد يثق حتى بالألمان، على حد تعبيره، وأن جل ما يعرفه أنه فرَّ من الحرب في بلاده إلى ألمانيا ليتعرض لهجوم فيها وتصبح على نحو أقل مما مضى ملاذاً آمناً له.

 

200% الزيادة

ولا تعد حالة نعيم استثناء؛ إذ شهد العام الماضي أكثر من 3700 اعتداء على اللاجئين وطالبي اللجوء، بحسب ما نقلت "سي إن إن" عن مكتب التحقيقات الجنائية الاتحادي، أي ارتفاع قدره 200٪ عن عام 2015، وبينت أن الاعتداءات البدنية واللفظية شائعة وكثيراً ما تحصل في المواصلات العامة.

وكانت مجموعة "فونكه" الإعلامية نقلت عن رد برلماني لوزارة الداخلية، بيانات تفيد بأن 2545 اعتداء على اللاجئين سُجلت في عام 2016 خارج دور الإيواء التي يقيمون بها، إلى جانب 988 اعتداءً على دور الإيواء، وأسفرت تلك الاعتداءات عن إصابة 560 شخصاً بجراح، بينهم 43 طفلاً.

وكان تقرير مخابراتي ألماني أفاد بأن أعمال العنف التي يقوم بها النازيون الجدد وغيرهم من الجماعات اليمينية المتطرفة- ارتفعت بنسبة 14٪ إلى 1600 في عام 2016؛ ما يعكس صاعداً مطرداً في المشاعر المعادية للاجئين، والتي أثارها وصول أعداد كبيرة من المهاجرين منذ عام 2014، وفقاً لوكالة رويترز.

وأورد التقرير السنوي لجهاز المخابرات الداخلية الألماني تقديرات بأن 12100 شخص يتبنون آراء اليمين المتطرف في ألمانيا يُعتبرون مستعدين لارتكاب أعمال عنف، بزيادةٍ بنحو 300 شخص أو بنسبة 2.5 في المائة عن عام 2015.

وتعرض في واقعة أخرى 3 سوريين في شهر مايو/أيار الماضي بمدينة كوتبوس، لاعتداء بالضرب على يد رجلين مخمورين، قالت الشرطة حينها إن دافعهما عداء الأجانب.

وعكس حالة نعيم الذي لم يُعرف حتى الآن هوية المعتدين عليه، مثُل في الأشهر الماضية العديد من منفذي الاعتداءات على اللاجئين أمام القضاء. وهكذا صدر الحكم على أخوين في شهر يونيو/حزيران الماضي بمدينة دريسدن في ولاية ساكسونيا (شرق البلاد)، نفّذا هجوماً على 4 من طالبات اللجوء (3 إرتيريات وسورية) قبل ذلك بـ9 أشهر، بالحبس عامين و3 أشهر على المتهم الرئيس و6 أشهر مع وقف التنفيذ على شقيقه، بتهمة إلحاق أذى بدني خطير بإحدى الضحايا، مدفوعين بكراهية الأجانب.

وتستقبل ولاية ساكسونيا، مهد حركة بيغيدا المناهضة للإسلام، عدداً أقل من الولايات الأخرى، لكنها تشهد واحدة من كبرى نسب الهجمات على اللاجئين في ألمانيا.

وفي شهر مارس/آذار، قضت محكمة بسجن 4 يمينيين متطرفين لمدد تصل إلى 5 سنوات؛ لتشكيلهم "جماعة إرهابية" لها أغراض تتعلق بالعنصرية ومناهضة السامية والتخطيط لشن هجمات على المهاجرين.

ويقول المختص بمركز "أوبرا" لتقديم الرعاية النفسية لضحايا أعمال العنف، إيبن لوف، إن ما هو جديد هو مستوى "الوقاحة"، على حد تعبيره. ويشير لوف، الذي يقدم المشورة لـ"نعيم" إن الخطورة تكمن في كل مكان؛ فقد يتحول المقيم بالمنزل المجاور إلى مهاجم في غضون دقائق؛ لأنهم لا يرغبون في رؤية لاجئين ببلادهم، وليس اللاجئين فحسب؛ بل أي شخص يُنظر إليه على أنه مهاجر، على حد وصفه.

 

أنتم جميعاً إرهابيون

ويبدو أن مشاعر العداء التي يتكلم عنها لوف تواجه البعض؛ ما دفع طالباً سوريّاً (18 عاماً)، وصل إلى ألمانيا في عام 2015 مع عائلته كلاجئين، إلى اتهام الألمان بأنهم جميعاً "إرهابيون".

وقال أحمد حشيش، في تدوينة له على النسخة الألمانية من "هاف بوست"، عنوانها: "أنتم جميعاً إرهابيون"، قائلاً في مطلعها للقراء إنهم لم يخطئوا في القراءة؛ بل إنه يعني ذلك بحق، وإنه يريد توجيه رسالة إلى جيرانه "الطيبين" الذين يرمقونه بنظرات شريرة حتى قبل أن يبدأ بالسلام عليهم، وإلى كل السيدات والسادة المسنّين الذين يصرخون فيه عندما يمر بجانبهم على دراجته، والذين لا يشعرون بارتياح عندما يرونه في الشارع، والذين يريدون تقرير مصير اللاجئين دون أن يحق لهم ذلك، والذين يتكلمون عن طالبي اللجوء في الإعلام بسوء دون أن يعرفوا ماهيتهم.

وأضاف الطالب المقيم بولاية براندنبورغ، أنه يعرف بالطبع أنهم لا يستطيعون أن يتصوروا ما الذي يعنيه أن يتم تقييمهم من الغرباء، معبراً عن رفضه أن يتحكم الآخرون في حياته، منتقداً ردود الفعل المتذمرة من اللاجئين من قِبل أناس لا يهمهم كيف يشعر اللاجئون، الداعية إلى وضع حد أعلى لأعدادهم، على فيديو شاهده مؤخراً، وكأنهم ثياب بالية يمكن التخلص منها بإلقائها في النفايات.

وتساءل في نهاية التدوينة "أليس إرهاباً؟"، تهديد محتاج للمساعدة لفظياً، وإدانتهم، ومواصلة إرعابهم بـ"أقوالهم القذرة"، مؤكداً أنه "بالنسبة لي إرهاب.. الإرهاب اليومي في ألمانيا".

وقال ما هو ذنب اللاجئين؟! وما الذي فعلوه بهم لكي يُعاملوا هكذا؟! داعياً إلى الكف عن تحويل أحلامهم إلى كوابيس مريعة؛ لأن "أرواحنا تعبة"، وإلى التقرب منهم والتعامل معهم كبشر؛ لأن لهم الحق في الشعور بالأمان والراحة كما هو من حقهم.

ولم تحظَ مدونة الشاب السوري بالكثير من التفهم من المعلِّقين الألمان، الذين استنكروا وصفهم بـ"إرهابيين"، وهو الذي تم استقباله في بلادهم، بعد أن تجاوز حدود عدد كبير من البلدان، فيما دعاه البعض للعودة إلى أحد الأجزاء الآمنة في بلاده.