قناة عشتار الفضائية
 

«فورين بوليسي»: بسبب جرائم «داعش».. هل نشهد فناء المسيحيين في العراق وسوريا؟

 

عشتارتيفي كوم- ساسا بوست/

 

تساءل مقال في مجلة «فورين بوليسي» عما إذا كان العالم سيقف متفرجًا إزاء التهجير الذي يتعرض له المسيحيون من أراضيهم التاريخية التي سكنوها منذ أيام العهد الجديد، وعما إذا كانت أمريكا ستسمح بحدوث ذلك. وأوضح معدا المقال أننا إن لم نتحرك في غضون أسابيع، فإن العالم سيشهد عملية إبادة كارثية ضد ما تبقى من المسيحيين في العراق وسوريا.

وبينما تتجه أنظار العالم صوب مغامرات كوريا الشمالية، ثمة مأساة مستمرة منذ عقد من الزمان دون أن يلتفت إليها أحد، وهي إحدى تبعات غزو العراق في عام 2003 وما تلاه من حرب طائفية. لم تكن أحوال المسيحيين وردية تحت حكم صدام حسين، لكن سقوطه وما تسبب فيه من فراغ للسلطة، أدى إلى تدهور أحوالهم بشدة. حاولت إدارة بوش الابن حماية الأقليات المضطهدة في العراق، لكنها انشغلت بحرب طاحنة مع الجماعات المتمردة.

وبلغت المأساة ذروتها مع قدوم إدارة أوباما؛ إذ شهد العالم حملة إبادة ضد المسيحيين في العراق على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية، فرّ على إثرها آلاف المسيحيين من مناطقهم. وعندما دعمت إدارة أوباما ميليشيات محلية لقتال التنظيم، كانت النتيجة المزيد من عمليات التهجير والإبادة من طرف تلك الميليشيات.

ومما زاد الطين بلة – يشير المقال – هو أن إدارة أوباما أوقفت الدعم المالي المقدم للكنائس والمنظمات المسيحية العراقية التي توفر جل المساعدات الإنسانية للمسيحيين المتضررين. وكانت حجتهم هي تجنب الظهور بمظهر المتحيز إلى المسيحيين في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الطوائف في العراق. ورغم إقرار أمريكا بأن المسيحيين واليزيديين هم أكثر من تعرض للاضطهاد، بيد أنها لم تتحرك لمساعدتهم.

إن الحملة المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية التي أطلقها أوباما وتكثفت تحت ترامب تهدف إلى طرد التنظيم من مناطق سيطرته، لكن الأقليات المسيحية لا تستفيد إلا قليلًا من المساعدات الإنسانية من جانب الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار. ويبدو أن الفصائل الأخرى في التحالف المناهض لتنظيم الدولة لديها خطط أخرى للأقاليم المحررة حديثًا. فبعض المجتمعات، مثل الجيوب المسيحية الصغيرة في الموصل، تكاد تكون قد اختفت إلى الأبد.

هناك عدد قليل من القرى المسيحية الوليدة في سهول نينوى تتشبث بأراضيها، وقد بدأت عملية إعادة البناء بأموال جُمعت أساسًا من قبل بعض المنظمات الإغاثية الدولية مثل فرسان كولومبوس والمعونة للكنيسة المحتاجة، والحكومة المجرية، والمساعدات الطارئة من الأبرشيات الكاثوليكية والأرثوذكسية المحلية.

ويؤكد المقال أن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية المحلية توفر منذ سنوات الغذاء والمأوى والمساعدة الطبية والتعليمية للمسيحيين واليزيديين وبعض المشردين واللاجئين داخليًا، لكن هذه الموارد قد استُنفدت وأصبحت الآن عيون المجتمعات المحلية معلقة بواشنطن، حيث يفكر السياسيون الأمريكيون في تكثيف المساعدات الإنسانية المقدمة من الحكومة الأمريكية.

اقرأ أيضًا: الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت.. هل تعرف الفرق بين هذه الطوائف المسيحية؟

إن أوضح وأفضل مسار للمساعدة ينطوي على استغلال قانون «منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها» الصادر في عام 2017، الذي شارك في وضعه النائبين كريس سميث وآنا إشو، ويجيز صراحة لإدارة ترامب، والإدارات المستقبلية، بتوجيه بعض أموال المساعدة الفورية إلى طوائف الأقليات الدينية والعرقية التي كانت ضحية للإبادة الجماعية. ويؤكد تمرير القانون لشركاء أمريكا المحليين الأولوية التي توليها واشنطن لحماية الضحايا الأكثر ضعفًا. وعلى الرغم من تمريره بالإجماع في مجلس النواب، فإن التشريع قد تعطل في مجلس الشيوخ.

وما لم يدرك السيناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وقيادة المجلس، الحاجة الملحة لإنقاذ الناجين من الإبادة الجماعية، وبالتالي إعطاء الأولوية للتحرك وفقًا للقانون سالف الذكر الآن – أو ما لم يحدد أعضاء مجلس الشيوخ الآخرون طريقة التصرف – سيصبح القانون ضحية لأجندة مجلس الشيوخ المزدحمة بالفعل (التي باتت أكثر ازدحامًا بأزمة إعصار هارفي). ويشدد المقال على أنه يتعين على البيت الأبيض أن يحث زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ على العمل وفقًا للقانون.

ويمكن لإدارة ترامب استخدام الإذن الحالي الممنوح من الكونجرس للسنة المالية 2017، مع الامتيازات التنفيذية، لتوجيه المساعدات العاجلة لمواجهة الخطر الذي يتهدد المسيحيين الشرق أوسطيين واليزيديين الآن. إن محنتهم مأساة يدركها الكثيرون في فريق ترامب، وقد تحدث العديد من كبار المسؤولين عن قلقهم من القضية، بمن فيهم بالرئيس.

لكن الإدارة تواجه تحديات أخرى متعددة – ينوه المقال – لذلك فإن التعامل مع هذا الأمر يتطلب التركيز والمثابرة، وربما بعض التوجيهات الصريحة للتغلب على البيروقراطية، وخاصة في وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بشأن التحرك لإنقاذ الطوائف الدينية والعرقية المهددة بالانقراض بهذه الطريقة.

وفي الوقت نفسه، يجب على مجلس الشيوخ أن يقر تعيين حاكم كانساس سام براونباك سفيرًا عامًا للحرية الدينية في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن من الانضمام إلى المستشار الخاص في وزارة الخارجية للأقليات الدينية في الشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا للعمل بوصفه رأس حربة لوزارة الخارجية في هذه المسألة.

يرى معدا المقال أن الوضع متأزم، ولكن الأمل لم يتبدد بعد. بعض اللاجئين يعودون، وإذا تلقوا مساعدة كافية وموجهة على الفور، قد ننجح في الحفاظ على الوجود المسيحي في مسقط رأس العهد الجديد لجيل آخر.

ولكن هذا قد يتطلب من السياسيين في الولايات المتحدة إلقاء نظرة على العهد القديم. يحكي كتاب إستر قصة وقعت في بلاد فارس عندما حاولت الفصائل السياسية المحلية التآمر لإبادة أقلية دينية أخرى، اليهود، فطلب والد الملكة إستر المتبني استخدام نفوذها السياسي للتدخل لحمايتهم. وقد جرى تناقل كلمات مردخاي عبر العصور، حيث قال «ومن يدري ما الذي كان سيحدث لو لم تظهري في المملكة في هذا الوقت؟».

يختتم المقال بالقول إنه إن لم يتحرك العالم، فإن البديل سيكون كارثة تحرق ضمير الإنسانية. وما لم نعمل سريعًا، قد نشهد الفصل الأخير من الإبادة الجماعية التي كان يمكن أن نمنعها.