أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو      العراق يسعى لتوقيع بروتوكول المياه خلال زيارة أردوغان      وزير الخارجية التركي: حماس مستعدة لإغلاق جناحها العسكري إذا أقيمت الدولة الفلسطينية      مفاجأة ... 5 أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين      نتائج بطولة (رواد برطلي الثانية) بكرة القدم الخماسية – يوم الثلاثاء
| مشاهدات : 1285 | مشاركات: 0 | 2014-04-14 10:26:53 |

سركون بولص شاعر المجازفة حياة وقصائد


عشتارتيفي كوم- الحياة/

«البرق الذي يدوم» عنوان مختارات من قصائد الشاعر العراقي سركون بولص (1944 - 2007) انتقاها وترجمها إلى الفرنسية الكاتب أنطوان جوكي، وصدرت حديثاً عن دار سندباد - أكت سود في باريس. وضمت المختارات مقدمة كتبها الشاعر اللبناني وديع سعادة. وعمد جوكي إلى اختيار قصائد من مراحل عدة في مسار الشاعر الكبير، تمثل حقيقة تجربته الفريدة التي كان لها أثرها في الشعر العربي الجديد. ومنح جوكي، المتمرس في ترجمة الشعر العربي، قصائد بولص لغة فرنسية جديرة بها، محافظاً على نَفَسها وإيقاعها الداخلي ومناخها الفريد. هنا قراءة في شعر سركون بولص.

< إذا كان الشاعر العراقي سركون بولص (صدرت أعماله عن دار الجمل) وضع حياته كلها في خدمة الشعر، فلم يتزوج ولم ينخرط في مهنة، تكون مصدر رزقه اليومي ولم يتخذ عنواناً ثابتاً لإقامته وقد تنقل بين مدن عدة، فلأنه كان قد أدرك في وقت مبكر من حياته أن مغامرته في الشعر ستكون مفتوحة على حياة لا يقوى المرء على أن يعيشها إلا إذا كان مستعداً لأداء مناسكها وحيداً، وفي حالة عزلة يمتزج فيها تمرد نافر يختزله سفر استفهامي من أجل الوصول إلى مدينة أين وهو عنوان كتابه الشعري الأول بخشوع تأملي، يكاد المعبد يغلق على أنفاس مصليه من أجل تقديم عظمة أخرى لكلب القبيلة، وهو عنوان كتابه الشعري الأخير.

كان الآشوري التائه كما لقبه أنسي الحاج غادر بغداد الستينات طائعاً إلى بيروت ليُستقبل من يوسف الخال وسواه من أركان مجلة شعر باعتباره شاعراً مكرساً. وكان قبلها قد حظي من الجماعة اللبنانية التي كانت تخطط لنقل الشعر العربي الحديث إلى مرحلة ما بعد الحداثة الخمسينية، برعاية خاصة حين نشرت قصائدة عام 1963 باعتبارها تنبؤاً لما يمكن أن يكون عليه مصير الشعر في السنوات اللاحقة. وهو تنبؤ قُدر له أن يرى النور، من خلال ما سعى بولص نفسه إلى التبشير به عربياً، وهو يفتح نافذة على الشعر الأميركي المعاصر. لقد ترجم شعراً، سيكون أصحابه في ما بعد، أصدقاءه المقربين حين رحيله من بيروت إلى كاليفورنيا.

يومها اكتملت معادلة حياته التي هي أشبه بالمجازفة.

كانت المسافة التي تفصل بين بولص وبين أقرانه من الشعراء العراقيين شاسعة، ليس على مستوى الشكل أو الأسلوب، بل على مستوى المفهوم. فحربه التي خاضها ببسالة لم تكن تهدف إلى التحرر من عبء الإرث الشعري العظيم الذي كان يشكله ديوان العرب، بل جعلته تلك الحرب يفتح عينيه على آفاق لن يكون الوصول إليها ميسراً في ظل هيمنة ثنائية التراث والمعاصرة التي كانت تلف المحاولة الشعرية المحلية بشبكة عنكبوتها.

لقد اجتمعت في شخصية بولص عناصر يندر أن تجتمع في شخصية شاعر، حاول أنسي الحاج أن يختصرها بقوله: «لا يُعطى لأيٍّ كان أن يكون آشوريّاً، ولا أن يكون شاعراً، ولا عراقيّاً، ولا تائهاً»، ولكن كل ذلك على رغم تلمسه الجزء الأصولي من ثنيات المعادلة الشخصية، غير أنه لا يلتفت إلى نزعة كونية كانت ألقت بظلالها على شخصية الشاعر وهو يعيش حياة، كان الغرباء جعلوا منها جزءاً من إقطاعياتهم الاستعمارية. كان بولص الأكثر شعوراً بالغربة من بين أبناء جيله الذي كان هو الآخر معذباً بغربته الداخلية.

كانت عائلـــة الفــتى الآشوري الذي ولد في مدينة الحبانية، وهي مدينة خدمية أنشئت حول ثكنة للجيش البريطاني، انتقلت إلى مدينة كركوك التي كانت آبار النفط محور حياتها، وهو ما جعلها تزدهر ثقافياً بتنوع لغوي تخطى الملكات اللسانية ذات الأصول المحلية لتشتبك بلغة الوافدين الإنكليزية، ولتكون مجلة «العاملون في النفط» التي كان جبرا إبراهيم جبرا يشرف عليها منبراً للتعريف بما يقع من تحولات أدبية في مدينة ثرية، يقطنها الفقراء.

لقد أنتجت تلك المدينة عدداً من الأدباء الذين غادروها إلى بغداد، كان سركون بولص واحداً منهم. وقد يكون مناسباً هنا أن نشير إلى أن هناك التباساً قد حدث بالنسبة للكثيرين حين الإشارة إلى أولئك الأدباء المهاجرين إلى بغداد باعتبارهم أعضاء في جماعة أدبية اسمها «جماعة كركوك». ذلك لأنه ما من كيان في التاريخ الأدبي العراقي اسمه «جماعة كركوك». في حقيقتها، فإن تلك التسمية كانت تستعمل للتعريف ليس إلا. كأن يشار إلى فاضل العزاوي، أو مؤيد الراوي أو جان دمو أنهم من جماعة كركوك، في إشارة إلى مجيئهم من كركوك.

كان بولص غريباً في بغداد مرتين. مرة لأنه من جماعة كركوك، وأخرى لأنه لم يشتبك بمشكلات الشعر السائدة في بغداد. لذلك، كان يفضل أن يكون قاصاً. ما لا يعرفه الكثيرون أن قصص بولص القليلة التي نشرها أواسط ستينات القرن الماضي كانت وضعته في الصف الأول من بين كتاب القصة القصيرة الطليعيين. في ما بعد سيتم جمع تلك القصص ونشرها في كتاب يحمل عنوان «غرفة مهجورة». غير أن تلك الغرفة المهجورة لم تكن تتسع لرؤى مَن كان يظن نفسه نائماً في مركب نوح. لذلك، اختار بولص أن يكون مشرداً. ألّا يحسب على أحد. أن يكون وحيداً غير قابل للقسمة. وهو ما جعله يذهب إلى الشعر بصلابة ثور مجنح.

أتوقع أنه لن يكون سعيداً وهو يسمع صديقه الشاعر سعدي يوسف، وهو يصفه بأنه شاعر العراق الوحيد. حدث ذلك بعد موته في ألمانيا. غير أن عنوان كتابه الشعري الثالث «الأول والتالي» يمكنه أن يشي بشعور شخصي يجمع بين الانتشاء والمرارة. فالجملة المستعارة من تعبير شعبي، إنما تذهب إلى تكريس اللانهائي. بالنسبة لبولص، فإن الشعر كان الأول والتالي، أما الشاعر فإنه لم يكن إلا «حامل الفانوس في ليل الذئاب» وهي الصفة التي ظل بولص مخلصاً لها، وحيداً في عزلته، كما لو أنه ينصت إلى كلماته آتية من بعيد وهي تحمل قشعريرة لغات، كان يود لو أنه تمكن منها شعرياً.

ستكون العربية ممتنة للسان ذلك الفتى الآشوري الذي وهبها عبقرية رؤاه.

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5817 ثانية