الحديث ذو شجون لما حلّ بالعراق ، بعد سقوط النظام البعثي السابق ، فبعد أن توسّم العراقيون خيرا ً ، إنقلب فرحهم حزناً مزمنا ً، لتوالي الأحداث المأساوية التي عصفت وتعصف وتزيد كل يوم نحو الأسوأ ، وأخرها إستيلاء ما يسمى بداعش على مناطق شاسعة من العراق وبضمنها الموصل ثان أكبر مدينة في العراق ، وتهدد بدخول بغداد وإسقاطها ، بعد أن أعلن أبو بكر البغدادي نفسه خليفة على كل الملسمين ، مطالبا ً مبايعته ، في تسجيل مصور علني غير مشكوك فيه ، كتحدِ وإستعراض للقوة والإمكانية .
هناك مثل عراقي مشهور : ( ماذا بعد خراب البصرة ) ، فماذا تنتظريا سيد المالكي بعد أن جاء هذا الطوفان ، الذي سيغرق الأخضر واليابس ، صحيح قائمتك فازت بالإنتخابات ، ولكن بعد فشلك المريع في إدارة شؤون الدولة ، فلماذا لا تعطِ الفرصة لغيرك ؟ ، الشعب لا يريدك ، السنة والأكراد وحتى بعض زعماء الشيعة لا يقبلوا أن تولي ولاية ثالثة ، بعد أن لدغوا من نفس الجحر مرتين .
هناك حكمة في فلم زنوبيا ملكة تدمر ، و كان هناك عميلاً لقيصر روما ، نقل له كل المعلومات فلما إنتصر قيصر وأخذ زنوبيا أسيرة ، قتل قيصر العميل ، بدل أن يكافئه ،وقال مقولته المشهورة ، من يخون شعبه لا يستحق الحياة ، فهل تستمر في قتل الشعب العراقي من أجل إيران ومصالحها يا مالكي؟
إيران منذ مجيء الخميني ، ومن جاء من بعده ، مستمرة في تصدير الثورة ، وخلق ميليشيات تابعة لها ، فها هو حزب الله في لبنان ، والحوثيون في اليمن، وبشار الأسد في سوريا ، وحماس في فلسطين، كلهم أدوات طيّعة بيد إيران ، وداعش هي من صنع إيران والأسد ، لإنها تقاتل الجيش الحر في سوريا ، وكذلك منظمة حماس تقاتل الحكومة الفلسطينية ، وداعش لم تمس إيران بسوء ، بل بالعكس الكثير من رموز الإرهابيين من القاعدة وغيرها ، كانوا في إيران ، حتى أفراد من عائلة بن لادن . وخلاصة القول : إيران تريد تفتيت الدول العربية ، وتصرف المال وتدرب الرجال للقتل والتخريب بعلم أميركا ، والدليل التقارب الأمريكي الأيراني الأخير ، وليس مستبعدا ً تسوية مسألة برنامجها النووي المثير للجدل ، لتصبح إيران شرطي الخليج كما كانت أيام الشاه ، ولا زال العرب نيام ، غارقين في الأحلام ، حتى مجيء الطوفان ، وهو ليس ببعيد ، ما دام من يحكم العراق والدول العربية ولائهم للخارج وليس لشعبهم .
وإذا إستمر الحال على هذا المنوال ، وأصر المالكي على الولاية الثالثة ، فالسنة تسيطر على مناطقها بمساعدة قطر والسعودية وتركيا ، والأكراد يسيطرون على مناطقهم ، وإيران ستساعد المالكي ، وترسل الحرس الثوري ليقاتل لجانب الشيعة ، بحجة حماية الأماكن المقدسة ، والأسد سيقصف المناطق السنية ، وآية الله السيستاني أصدر فتوة مقاتلة داعش ، وهذا يعني حرب أهلية غير معلنة بين السنة والشيعة لا تبقي ولا تذر ، ونتائجها الكارثية معروفة ، فستقضي على ما تبقى من العراق ، ونيرانه ستنتقل لدول الجوار ، فهل هناك عاقلاً يقبل بهذا المصير المحزن ؟
نرجو الحكمة والرأي السديد لمن في القمم والسفوح ، رحمة بهذا الشعب المسكين ،والله هو الهادي إلى الطريق القويم الصائب ، قولوا معي آمين .
منصور سناطي