العراق مأساة تراجيدية
حين يكون النظام مكبّلاً والرئيس المكلّف حائراً في كيفية تشكيل حكومة، وبغداد مدينة باطون مسلح ترتجف من خطر اجتياحها رغم مئات آلاف المتطوعين من الجنوب حين ينهار جيش أمام ارهاب ميليشيا مرتزقة من كل اصقاع العالم فتسقط الموصل في يوم وليلة،
حين يُمحى حضور شعب أصيل مثل الكلدان الآشوريين السريان في سهل نينوى ويهجّر مع الإيزيديين من قرى سكنوا فيها لمئات القرون،
حين تنهزم البشمركة وتخلي المناطق أمام زحف داعش، وتبقى على تماس معها على 1200 كيلومتر
وحين يترجّى العراقيون أمريكا أن تقصف وتتدخّل لحمايتهم من داعش،
وحين يذبح صحفي أمريكي فيهتز العالم، وتهدّد أقليات ولا مَن يسأل،
وحين الترهيب والإجرام والتخويف والسبي وبيع النساء وجهاد النكاح وفتاوى الجهل لغة دارجة،
وحين تفجَّر المساجد، وتصبح أحرف "نسر" "نصارى سنّة روافض" هي علامات الشعب إذا توحّد - كما جاء في السومرية – وعكسها "رسن" يربطه من يشاء، اذا لا توافق
فنحن أمام حقيقة سوريالية. أكثر سواداً من عواصم أخرى ودول أفشل. من ليبيا إلى اليمن إلى السودان إلى نيجيريا. من بوكوحرام إلى النصرة إلى داعش يبدو أننا لسنا فقط دولاً مارقة، ولا فقط أنظمة ساقطة، ولا فقط جيوشاً هزيلة، ولا مجتمعات متقاتلة، بل أيضاً بشر نحمل جينات اندثارنا.
كنت في بغداد وأربيل الأثنين الماضي. ما رأيت من تهجير يُدمي القلب. إنها إبادة بطيئة ومجزرة. وما سمعتُ من قلق من فم رئيس وزراء مكلّف ووزير خارجية بالوكالة في بغداد يجعلنا نرتجف حتى في بيروت، لكن أخطر ما سمعت جاء على لسان رئيس أقليم كردستان "لم يعد هناك عراق" وعلى شفاه البطريرك الكلداني والأساقفة من كل الطوائف وكل الاحزاب المسيحية "هذا العراق ليس لنا لم يعد عراقنا. لا حلّ له. ليس لنا إلّا الرحيل".
يسقط الوطن. يرحل المواطن.
هل من رجاء في كل هذه العتمة؟
هل من سينودس إسلامي؟ من نهضة إسلامية؟ من وعي عربي؟ من انتفاضة ما؟ بعيداً عن غرغرات نخب في عواصم الغرب وفنادقه.
نهضة من هنا من قلب العروبة والإسلام!
فهل أحدٌ على قدر هذا التحدّي!
_____________________________________________________________
كلمة رئيس الرابطة السريانية في ندوة حول العراق مع السفيرة العراقية السابقة في واشنطن رند الرحيم في مركز عصام فارس 26/8/2014