في الموصل مهر الفتاة رغيف خبز وتمرة وفق شريعة البغدادي

عشتارتيفي كوم- رووداو /

عجز "سمير سعيد" صاحب الثماني وعشرين عاما من محاولات إقناع أهل خطيبته إكمال إجراءات زواجه، لكنه بقي يتلقى رسائل الرفض من الوسطاء والأقارب الذين جندهم طوال عشرة أسابيع لإقناعهم بالعدول عن قرار الرفض،  وعلى ما يبدو فإن تلك المحاولات كتب لها النجاح.. إلى حين .
"سمير" هو واحد من بين مئات الشباب الذين تعطلت فرحتهم بسبب سيطرة "داعش" على مدينة الموصل في العاشر من حزيران الماضي، بعد أن قام التنظيم بغلق محاكم المدينة وفتح محاكم أخرى يحكمها جناح في الدولة الإسلامية يطلق عليه "المحكمة الشرعية الإسلامية" بقضاة يغلب عليهم صفة الاجتهاد أكثر من العلم والتعلم.
يقول "سمير" بأسف وقد بانت عليه ملامح التعب والإرهاق التي تراكمت عليه منذ أكثر من عشرة أسابيع: إن " المحكمة الشرعية رفضت عقد قراننا وفق المقدم والمتأخر الذي اتفقنا عليه، واستبدلت المقدم بقطعة تمر والمتأخر برغيف خبز بحجة أن الشريعة الإسلامية ترفض الإثقال بالمهر على الشباب وان الخليفة أبو بكر البغدادي اقر أن المهر برغيف خبز وقطعة تمر، وهذا كان سبب رفض أهلها".
"داعش" لم تغلق المحاكم العراقية في نينوى فقط، بل منعت دراسة الأدب والشعر واللغات الأجنبية كما أغلقت عدداً من الكليات منها كلية القانون والفنون فضلا عن كلية الشريعة الإسلامية التي لا تتفق مع عقيدة الخلافة الإسلامية التي أعلنتها في نينوى.
"سمير" أكمل حديثه قائلا، "ما زلت مواظبا على النزول كل صباح إلى ديوان محافظة نينوى حيث كنا نعمل أنا وخطيبتي على أمل أن لقاء يجمعنا كما كنا في السابق، إلا أن الأبواب المغلقة وعناصر (داعش) المحيطين بالمبنى حيث تعطلت الحياة المدنية في ديوان المحافظة كما عطلت الدوام في المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة كافة إلا الخدمية منها ".
ويذكر أن محافظ نينوى "اثيل النجيفي" هدد في وقت سابق موظفي نينوى بالفصل ممن يطيعون أوامر داعش ولا يطيعون توجيهات الحكومة المحلية والوزارات المرتبطين بها، خشية تقوية سلطة داعش في المحافظة وإتاحة المزيد من الفرص لها للتخريب.
ويروي "سمير" كيف توقفت الحياة المدنية في الموصل وخاصة في المناطق التجارية والمرافق السياحية التي كانت تجمعه بخطيبته وهما يخططان ويجهزان عش الزوجية الذي كان سيجمعها، إلا أن داعش منعت بعقيدتها المتشددة تلك اللقاءات بين الرجل ونصفه الأخر في المناطق العامة، ومنعت الرجل أن يفوز بنظرة من حبيبته لصعوبة تميزها عن أخرياتها على خلفية فرض داعش ارتداء الخمار على النساء.
توقف "سمير" قليلا وهو ينظر إلى تبغ سيجارته الذي يحترق بعد أن وصلت إلى نصفها ثم قال: أخاف ألان على خطيبتي كما أخاف على أهلي وأصدقائي من العمليات العسكرية التي يستعد لها داعش لمواجهة قوات التحالف الدولية والقوات العراقية التي تتحشد على حدود نينوى لاقتحام المدينة.
ويقول "سمير": إن الأهالي في الموصل عادوا مجددا إلى تخزين المواد الغذائية والوقود خشية أن تطول العمليات العسكرية التي بدأت بوادرها منذ يوم الجمعة الماضي بقصف مكثف للطائرات الفرنسية والأمريكية على مقرات داعش.
كما أن "سمير" يدرك مخاطر الأحداث الراهنة التي تحدث في مدينة الموصل وخوفه على شقيق خطيبته الضابط في الجيش العراقي برتبة ملازم أول وابن عمه الشرطي في مركز شرطة الحدباء وسط الموصل، واللذان أعلنا توبتها فور إعلان الخلافة الإسلامية في نينوى، شأنهما شأن الآف من منتسبي الجيش والشرطة في نينوى، إلا أن تلك التوبة لم تجد البعض نفعاً ، فقد قاموا مؤخراً بتصفية المئات منهم واعتقال مثلهم بحجة أنهم ينظمون لانقلاب عسكري من داخل الموصل على داعش.
"سمير" قال وهو يختم حديثه: أخر رسالة تلقيتها من والد خطيبتي انه سيوافق على إكمال فرحتنا إن عقد قراننا في محكمة عراقية يحكمها قضاة عراقيون يكفلون مستحقات ومستقبل ابنته وليس تمرة ورغيف خبز.
الموصليون باتوا على يقين أن أحلامهم جميعا مهددة بالفشل شأنهم شأن "سمير" إذا بقيت دولة الخليفة "أبو بكر البغدادي" لمدة أطول، لاسيما وأنها تضيق تدريجيا  الخناق على من بقي داخل المدينة والذين مازال عددهم يتناقص بسبب الهجرة اليومية.