قيصر السناطي
تعيش شعوب منطقة الشرق الأوسط ومعظم الدول الأسلامية في فوضى عارمة من الحروب والفساد والتخبط الأجتماعي والسياسي وهي في حالة من عدم الأستقرار منذ عشرات السنين والسبب كما يقول المثل الأناء ينضح بما فيه ، فهذه الشعوب فشلت في تأسيس نظام سياسي عادل يستطيع ادارة البلاد بالحد الأدنى من المعقولية ، حيث سيطرت الحكومات العسكرية على مقاليد الحكم وتوالت الدكتاتوريات على معظم البلدان الأسلامية والعربية وابقت على التقاليد البالية والعقليات القبلية والعشائرية تستمر في التوازي مع انظمة الحكم ولم تستطع تغير هذه المجتمعات نحو الحضارة التي تطورت في الغرب وفي الدول الناشئة الحديثة ، فتقدمت هذه الدول وبقى العالم ذات الأغلبية المسلمة يسير ببطأ شديد مما زاد في الهوة بينه وبين الدول المتحضرة واصبحت المسافة شاسعة في التقدم التكنولوجي والحضاري وفي مجال حقوق الأنسان ، وكأن الشعوب الأسلامية اصبحت تعيش في عالم اخر، على الرغم من توفر الموارد المالية والبشرية ، ان فشل هذه الشعوب يعود للتخلف الذي اصابها نتيجة اهمال الحكومات المتعاقبة التي كانت تهتم بمصالحها وحاولت البقاء اطول فترة ممكنة وهذا ادى انتشار الرشوة والفساد الأداري والمحسوبية على اساس ديني وقومي ومذهبي مما ادى الى تراجع هذه المجتمعات في كافة المناحي الأجتماعية والثقافية والأقتصادية وبالتالي ادى الى نخر في قيم تلك المجتمعات واصبح كل شيء بالمقلوب فالفاسد والخائن والمتملق اصبح في المراكز العليا في الدولة بينما المواطن الشريف اصبح يعاني من الفقر والأهمال والأضطهاد وخاصة الأقليات داخل هذه المجتمعات فالحاكم كان مع الأقوياء ومع مراكز القوة التي تساعده في البقاء على رأس السلطة. ومن اسباب هذا التخلف والفشل والفوضى هي.
1-اعتماد الدين في تشريع القوانين وفي دستور الدولة وعدم مواكبة الحياة وتطورها في العالم وعدم الأهتمام بالتعليم السليم الذي يساعد في بناء الأنسان الذي يساعد في تطور المجتمع فكلما اقترب المشرع في سن قوانين حضارية يصطدم في المفاهيم الدينية التي فرضت على الشعب بما فيهم الأقليات غير المسلمة. وهذا ادى الى ان تكون الأغلبية المسلمة هي المستفيدة من التشريعات التي تخدم ايدولوجيتها الدينية.
2- بقاء الدتكاتوريات لفترات طويلة مسيطرة على الشعوب بسبب التملق والتخلف والجهل وغياب الحس الوطني المخلص والمصالح الخاصة للأكثرية الفاسدة مما ادى الى تمادي الحكام في استغلال هذه الشعوب لعشرات السنين ولا زالت بعض انظمة تفرض نفسها على الشعب رغم المآسي التي سببتها لشعبها كما هو الحال في سوريا فالحكام في معظم الدول الأسلامية لا يريدون اعطاء فرصة للأخرين ولم يتركوا السلطة الآ بعد ان اجبر البعض منهم على الرحيل بالقوة.
3- الحروب العبثية المتكررة بين العرب وأسرائيل وبين العراق وجيرانه وفي السودان واليمن والحروب الأهلية كما في لبنان والحرب في سوريا وأخيرا وليس اخرا الحرب على الأرهاب التي انتشر في معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة والتي ادت الى تراجع اقتصادي والى مشاكل اجتماعية خطيرة ضاعت من خلالها قيم اخلاقية كانت هذه المجتمعات تفتخر بها .
ونتيجة ما تقدم ليس غريبا ان تظهرخلال هذه الفوضى العارمة تنظيمات همجية متخلفة عنصرية مجرمة كما هو الحال مع القاعدة وداعش واخواتها لأنها هي ناتج هذه الأمراض التي ذكرناها ومنها فرض الشريعة والأيدولوجية الأسلامية على المجتمع بالقوة وهو ما تقوم به داعش وأخواتها .ففي اخر استفتاء في السعودية تبين ان 92% من السعوديين يقولون ان افعال داعش لا تتعارض مع الدين الأسلامي . وهذا يعني هناك تطابق بين اعمال داعش وبين ما مكتوب في الكتب الأسلامية. اضافة الى الحواضن التي تساعد هذه التنظيمات الأرهابية لأسباب عنصرية وطائفية ولمصالح خاصة تريد تحقيقها من خلال اعمال داعش ، وهذه الحواضن لا تدرك بأن ما تقوم به يرتقي الى الخيانة العظمى ، وهي جاهلة او متقصدة وفي الحالتين هي شريكة للمجرمين القادمين من كل حدب وصوب. لذلك هذه المجتمعات تحتاج الى علاج جذري ديني وثقافي وتشريعي واقتصادي وأخلاقي وهذا يتطلب جهود جبارة ومخلصة من قبل الحكومات والشعوب وبمساعدة من الدول الخارجية لأعادة التوازن لهذه المجتمعات التي مزقها الجهل والتخلف والأفكار البالية والفشل في ظل هذه الفوضى العارمة المنتشرة في المنطقة والتي تهدد بأنتقالها الى دول العالم اذا لم تعالج من الجذور وهذا ما تحاول ان تقوم به دول التحالف ضد الأرهاب وبعض المخلصين من ابناء هذه الشعوب . وان الله من وراء القصد .