أن شعبنا الكلداني السرياني الآشوري صاحب حضارة عريقة والتي يمتد تأريخها لأكثر من (7000)سنة، وهذا الشعبُ مشهود لهُ في التاريخ بآدبه وفنونه وتراثهِ وتقاليدهِ في بلاد ما بين النهرين والعالم، وتشهد أثاره المنتشرة في شتى أنحاء البلاد على أصالتهِ وعبقريتهِ وبروزه في جميع مجالات الحياة، وهو شعب أفكاره وعقائده وتراثه مزيجة من التوجهات القومية والدينية معاً، لذا فقد أمتزجت لديه المناسبات الدينية مع القومية وأصبحت تقاليده وممارساته خالدة حية الى يومنا هذا، ومن هذه التقاليد (صَومِكا) و (كالو سولاقا) و(دقنا دنيسان) و(البيض الملون) و (نوسرديل) و(كذبة نيسان) وغير ذلك.
حيث كانت هذه الممارسات والتقاليد تمارس وتجسد خلال الأثني عشر يوماً من أحتفالات أعياد نيسان رأس السنة البابلية الآشورية ( أكيتو)، واليوم نقدم أحد هذه التقاليد المتوارثة في مجتمعنا وهو (صَومِكا)، والذي يمارس من خلال مشاهد تمثيلية في ليلتي اليوم الأول من الصوم الصغير والصوم الكبير، وكلمة (صَومِكا) تصغير لكلمة (صَوما) السريانية والتي تعني الصَوم البسيط، وكذلك يُطلق على الأقنعة الـتي تــُمثل صور لأشخاص وحيوانات خرافية مضحكة، حيث خلال الليلتين المذكورتين يُشكل الفتيان والصبيان وحتى الكبار من الرجال فرقا يلبس أشخاصها ملابس هزلية ويضعون على وجوههم أقنعة غريبة، ويجولون على بيوت المحلة والقرية والمدينة ليبشروا ويُعلموا الناس بأن الصَوم قد أقبل فليفرحوا بهذه المناسبة الدينية، ويدخلون البيوت واحدهم يغني هذه الأغنية التراثية ( هاي كاتونا كاتونا....) وآخر يرقص.
وبعد هذا النشاط المفرح يعطي أصحاب البيوت للفرق مبالغ من النقود أو مواد عينية كالجوز والزبيب والتمر والتين اليابس...، وهكذا تنتقل هذه الفرق من مكان الى آخر وحتى تنتهي بيوت المحلة او القرية، وهي بهذه الفعالية تكون قد أفرحت الناس بهذا التمثيل الهزلي، وفي نهاية المطاف يتجمع أعضاء الفرق في بيت او مكان ما ويقومون بتوزيع النقود والمواد العينية بينهم، وهم فرحين ومشتاقين لمجيء بداية الصوم القادم بفارغ الصبر.
هكذا يا أبناء شعبنا الأعزاء أن هذه الممارسات البسيطة يجب أن نجسدها وتبقى خالدة حية في حياتنا، لأنها تـُمثل جزءاً وجانبا من عقائدنا وتراثنا وتأريخنا القومي الخالد..