اغلب الاحزاب والحركات الاسلامية في بلدان ومنطقة الشرق الاوسط غير مؤمنة
بالديمقراطية والحرية وحقوق المختلف عنهم دينيا او قوميا وحقوق الانسان والمرأة
ومبادئ التداول السلمي للسلطة رغم انهم يرفعون هذه الشعارات لاسباب تكتيكية واداة
مرحليا لكن من دون قناعة فكرية ومبدئية راسخة او العمل لتنفيذها لتقاطعها اصلا مع
عقيدتهم وفكرهم الاصولي لكن الهدف منها حتى يبعثون بأشارات وتلميحات ايجابية
لطمأنة وكسب شعوبهم من جهة وغير المسلمون من جهة اخرى اضافة للحصول على تأييد
المجتمع الدولي ومنظماته لحين استمكانهم وغرس وتقوية جذورهم في الارض سيكون لهم
كلام اخر !! لان قسم كبير منهم يرفع شعارات (الاسلام هو الحل) لبناء هذه المجتمعات
دون الاكتراث لحقوق وحريات المكونات غير المسلمة !! وكأن وجودهم في اوطانهم مؤقت
وضيوف وغرباء !! والعكس صحيح !!
لذلك اصبح احوال المسيحيين بشكل خاص وبقية المكونات غير المسلمة بشكل عام اليوم في
منطقة وبلدان الشرق الاوسط صعبة ومعقدة للغاية ومهدد بالزوال والانقراض والاختفاء
لان اعدادهم في تناقص مستمر بسبب استمرار نزيف الهجرة خارج اوطانهم لاسباب امنية
واقتصادية وسياسية ودينية واجتماعية لسنا بصددها الان ويتحمل المسوؤلية التاريخية
الاساسية في هذه القضية الحكومات والاحزاب السياسية الكبيرة ورجال الدين المسلمين
من السنة والشيعة والمجتمع الدولي لان قضية المسيحيين في بعض بلدان الشرق الاوسط
مثل العراق وسوريا ومصر وفلسطين ولبنان وغيرها.
اصبحت قضية موت او حياة ولا يمكن اغماض عيوننا عنها وترك ديار الاباء والاجداد
والتي كانت جزء منها مهبط للمسيحية وبشكل خاص في فلسطين لاننا خلقنا في هذه الارض
ويجب ان نعيش فيها بكرمة وسلام وامان كما كنا ويجب ان نعمل كل شيء بطرق دستورية
وديمقراطية وسلمية من اجل حقوقنا المشروعة كاملة في اوطاننا ولابد من التأكيد على
اهمية الاندماج الكامل للمسيحيين في هذه البلدان في مجتمعاتهم وتحمل المسؤولية
بطرق قانونية واجتماعية وسياسية وديمقراطية للابتعاد عن حالة القلق والخوف
والاحباط على المستقبل وبما يساهم في تجديد دور المسيحيين في تاريخ اوطانهم في
الشرق الاوسط كما كان من قبل ابائهم واجدادهم.
وهنا لا بد من التأكيد على مبادىء الحوار والتفاهم بين المسلمين والمسيحيين بشكل
خاص في منطقة الشرق الاوسط وعلى كافة المستويات الشعبية والرسمية والبرلمانية
والحزبية والمراجع والمثقفين بأعتباره مفتاح النجاح وسبيلا لحل وتسوية كل المعضلات
والتعقيدات والتقاطعات لتكريس اسس الوفاق والتقارب ومد جسور المحبة والاخوة والعيش
المشترك وقبول الاخر وتبادل الثقة في اوطانهم ليكون اساسا وحيدا لمعالجة الاختلافات
والاحتقان على قاعدة ضمان الحقوق بالتساوي للجميع على اساس المواطنة وسيادة
القانون من اجل وطن يضمن للجميع العيش بحرية وكرامة وكبرياء لذلك لا بد من وضع
برنامجا واستراتيجية واضحة ومحددة وشجاعة ومرنة ومقنعة لاسس العلاقات الاسلامية
المسيحية في بلدان الشرق الاوسط وفق ثوابت العقيدتين والعيش التاريخي المشترك الذي
كان منذ عصور.
ويجب على حكماء وعقلاء المسلمين والمسيحيين والديانات الاخرى من المراجع الدينية
والرموز الوطنية والسياسيين والبرلمانين والمثقفين والاكاديميين والعلمانين في في
الوطن العربي والشرق الاوسط لدراسة اسباب توتر وتأزم وتشنج العلاقات بين اتباع هذه
الديانات وبشكل خاص بين المسلمين والمسيحيين بالحكمة والتعقل والوعي والتسامح
وقبول الاخر وفق حسابات المسؤولية الوطنية والدينية والتاريخية والانسانية وايجاد
الحلول المناسبة لها لتبقى منطقة الشرق الاوسط نموذجا ومثالا يحتدى بها للعيش
المشترك والتأخي بين المسيحيين والمسلمين واتباع الديانات الاخرى.
والتصدي للارهابين والمتطرفين الذين تعرقل مواقفهم غير المسؤولة قيام حوار وطني
وتفاهم ديني جاد وحقيقي بين المراجع المسيحية والاسلامية حول القضايا المهمة
والكبرى من اجل تعزيز المسؤولية الاسلامية المسيحية الوطنية المشتركة في العمل معا
وحل الخلافات وسوء التفاهم بين الطرفين وديا وبالحوار والتفاهم لان خطر المتطرفين
لا يقع على المسيحيين فقط واتباعات الديانات الصغيرة الاخرى وانما على المسلمين
كذلك والمثل واضح في العراق حيث ان التفجيرات الارهابية تحصد ارواح الابرياء من
المسلمين اكثر من المسيحيين لكن الخسائر تبرز اكثر عند المسيحيين بسبب تناقص
اعدادهم لذلك اقول ان مستقبل المسيحيين في الشرق الاوسط مرتبط بمستقبل شعوب
بلدانهم لذلك عليهم عدم الاستسلام والانصياع لنقاط الضغط والهشاشة واظهار نقاط
القوة والتفاؤل بالمستقبل حتى ولو اصبحنا مكون صغير ولتعزيز دورهم في اوطانهم
وتبديد مخاوفهم على مستقبلهم نرى ان يتم اتخاذ الاجراءات والتدابير ادناه من قبل
حكومات منطقة الشرق الاوسط وكما يلي :
1 - تضمين بنود دستور بلدان الشرق الاوسط المواد التي تضمن حقوق وحريات المكونات
غير المسلمة بشكل واضح وصريح وتشريع القوانين التي تحمي هذه الحقوق واتخاذ تدابير
واجراءات عملية وفعلية لتفعيلها على الارض بشكل ملموس.
2 - تنفيذ نصوص الاتفاقات والعهود واللوائح والصكوك الدولية الصادرة عن الامم
المتحدة التي تحمي حقوق المكونات القومية والدينية الصغيرة بشكل فعلي وحقيقي دون
تسويف او مماطلة.
3 - تخصيص كوتا خاصة في كل الانتخابات لممثلي هذه المكونات في بلدان الشرق الاوسط
بعيدا عن نظام المحاصصة القومية والدينية والسياسية للكتل الكبيرة لضمان تمثيلها
بشكل عادل ومنصف في المجالس النيابية ومجالس المحافظات والاقضية والنواحي حتى لا
تشعر بالتهميش والاقصاء والاجحاف.
4 - اشراك ابناء هذه المكونات في قوات الشرطة والجيش والامن وفي المواقع الحساسة
والقيادية في هذه البلدان دون تميز وبشكل فعال وخاصة في مناطق تواجد هذه المكونات.
5 - اصلاح المناهج الدراسية في بلدان الشرق الاوسط بما يعكس الدور الوطني الحقيقي
لهذه المكونات في تاريخ وبناء بلدانهم وتثبيت مفاهيم المحبة والتسامح والعيش
المشترك وقبول الاخر فيها ونبذ ورفض التميز والكراهية والحقد وتكفير الاخر في
مجتمعاتنا التعددية
6 - عدم استغلال الدين لغير غاياته الدينية وتوجيه الاعلام للتوعية لبناء مشروع
وطني ديمقراطي والتعريف بهوية ودور هذه المكونات وفق مفهوم المواطنة وقبول الاخر
والعيش المشترك وتعزيز المشاريع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية
المشتركة التي تبعث على الشعور بالمساواة والانصاف في الحقوق والواجبات بين كل
اطياف هذه الشعوب بصرف النظر عن الدين او القومية او الحجوم والاوزان.
7 - تفعيل الاجواء والمناخات الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية الايجابية
بين كل مكونات هذه الشعوب لتساهم في تقريب وجهات النظر في مختلف القضايا التي تهم
اوطانهم والعيش المشترك والوئام.
8 - نترجى من المراجع الدينية الاسلامية السنية والشيعية ان تصدر فتاوي دينية
صريحة وواضحة تحرم استباحة دماء واموال واملاك. واعراض غير المسلمين في بلدان
الشرق الاوسط لقطع دابر بعض الارهابيين والمتطرفين في خداع وتضليل الناس البسطاء
لاهداف غير نبيلة.
انطوان
الصنا