وارتان كان اسم جد والدي ووالدتي، هو احد الناجين من مجازر الأرمن على أيدي العثمانيين في عام ١٩١٥ ، جدي الكبير الذي لم التقي به لانه كان قد فارق الحياة بسنوات قبل ولادتي لكن ما تركه من الذكريات التي يرويها دائما جدي يوسف و ترويها جدتي بربارة لنا لا يمكن لعين الا ان تبكي لمجرد سماع قصصهم وخصوصا القصص التي يرويها شخص عاش تلك الأحداث الماساوية ، باختصار يحكي جدي بان والده خرج مع والدته وأخ يكبره بسنوات و اخوات ، دون معرفة مصير اخوانه الأكبر منه سنا وما كان مصير أقاربهم وذلك لصغر سنه انذاك، اخذوا يسيرون على الأقدام من اراضي تركيا الحالية في حين كان عمره ستة أعوام او اقل هربا من ظلم العثمانيين.
هربهم هذا لم يكن نهاية الماساة بالنسبة لهم، بل قمة المأساة هو عدم مقدرتهم على اطعام أختهم التي كانت رضيعة مما حدا بوالدتهم بان تقوم بدفنها حية و امام اعين اخوتها ! وسار بهم الطريق رغم كل الصعاب الى ان وصلوا الى عنكاوا، وكما يذكر لنا جدي انهم تعرفوا على وجود قرية مسيحية قريبة من خلال سماع صوت أجراس كنيسة مار كوركيس وحين قصدوا عنكاوا أخذ اهالي عنكاوا يتعاملون معهم كأبناء عنكاوا ومن خوفهم عليهم لئلا يتعرف عليهم الجندرمة لان الشخص الذي اسمه وارتان يعني ان هذا الشخص ارمني تم تبديل اسمه من وارتان الى عطو وقد واصل حياته في عنكاوا بعد ان تزوج بعنكاوية، ويذكر ان اهالي عنكاوا كانو يحبونه كثيرا لبساطته وطيبته .
اليوم وبعد مائة عام نستذكر هذا الانسان العظيم مع ملايين اخرين بين شهيد ومشرد دون ذنب سوى انهم مسيحيون ومن قومية مختلفة دفنوا بدون قبور تشهد لهم وتوزعوا في كل بقاع الارض دون معرفة من هم أقاربهم تاركين ارضهم لاخرين من دون اي حق، اليوم وبعد مائة عام من التطور التكنولوجي وحقوق الانسان نتعرض نحن المسيحيين لنفس الإبادة على أيدي الإرهابيين والمجرمين واخرهم داعش الذي افرغ قرانا وبلداتنا من سكانها الأصليين كما حدث قبل مائة عام، لكننا هذه المرة مهما تزداد قوة الظلم و القتل ، مسيحيتنا باقية في الشرق، كلنا ايمان بانه لن يأتي يوم ويفرغ الشرق من اصله المسيحي هكذا كانت بدايتنا شهادة من اجل البشرية بدأها ربنا يسوع المسيح من على الصليب من اجل خلاصنا واليوم نحن مستعدين لهذه الشهادة من اجل ايماننا الذي نستذكر اجمل شهاداته اليوم إبادة الأرمن والكلدان والسريان والاشوريين قبل مائة عام.
ستيفان شاني
٢٤/٤/٢٠١٥
الذكرى المئوية لابادة الأرمن