جمعتني الجيرة في بغداد وعائلة طيبة من أعضائها ضحايا صورية فتأثرت كثيرا وأنا اسمع ما حصل في صورية من مجزرة نفذها الارهابي البعثي الجحيشي المجنون حاقدا هدية للبعث الحاكم ، حينها كانت ترويها الاخت ام سرمد الجارة الطيبة ربة بيتها وهي إبنة لاحدى ضحايا صورية بأسلوب مثير، وشجع إندفاعي أن اوثق النكية التي طالت شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وكذلك الشعب الكوردي ، طالت المسلمين والمسيحيين أبناء صورية التي جمعتهم الالفة والانسجام ، شجعني أن اكتبها قصة فكانت مثالا لوحدة اجتماعية تجاوزت كل الفروق الدينية والقومية واللغوية فالاحتفالات كانت تقام بمراسيمها ، يشترك فيها الجميع وكأنها لعائلة واحدة والفتاة الكردية في طريق الى العين تمازح صديقتها المسيحية بالسورث وبالفاظها المحببة ، ولان شباب صورية شعروا ان موطنهم وارضهم وشعبهم يهان فلم يكن غريبا ان يلتحق بالثورة (الثورة الكوردية) لذلك لم يكن غريبا ايضا وبأسلوب البعث ان تخلق مؤامرة بوضع المتفجرات في الطريق الذي يمر قرب صورية لتكون مبررا لمجزرة طالت النساء والاطفال والشيوخ حتى القس الضيف الذي حل مؤديا مراسيم دينية ، كان الحادث العسكري الذي استغله المجرم الجحيشي بتلك الوحشية عملا اجراميا طال ابرياء دون أي تحقيق او اثبات ، وجدتها اعظم من قصة يقرأها البعض فجعلتها فلما يوثق نكباتنا ويعطيها اهميتها الاجتماعية بمشاعرها القومية كمثال حي لشعوب تتلاحم وتتجاوز كل الخلافات ، وكان طموحي ان تنتبه اليه المؤسسة الثقافية الكوردية في الاقليم كحدث تاريخي في مجرى الصراعات السياسية بل النضالات (وكانت من تضحيات الثورة) والتي تؤدي واجبا انسانيا وقوميا ووطنيا .
والفلم دراما بالغة العربية والكوردية والسريانية المحكية (السورث) يتناول الحياة في صورية من كل جوانبها أفراحها واحزانها حتى يصل الى يوم النكبة ، وما ورد جاء من مصادر مشارِكة او منقولة اومن مذكرات لاشخاص كانوا مشاركين او قريبين من الحدث وأعظم تأثيرا المشهد الاخير وقد تحولت صورية الى سد عظيم والبطل العائد الى صورية على ساحله تتراءى له صور وقامات الاحبة أهله واصدقاؤه تخرج من الماء وتختفي وكأنها تحتفي به .
ترى اليس مهما ان نسجل مآسينا لا لنحزن ونتألم بل لتكون حافزا يذكرنا بانسانيتنا التي تهان وتعبر وتهمل وتضيع حقوقنا لتحل اسوأ منها وها نحن نتذكر سنة سيفو الذكرى المئوية لابشع جريمة ارتكبت بحقنا ، ونسعى ان نكون بمستوى اهتمامات ونشاطات الشعوب في جعلها كأبادة جماعية لشعوب مسالمة .