الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)
| مشاهدات : 1213 | مشاركات: 0 | 2015-08-01 16:47:02 |

بين الحروف كلمات ... قصة شعبٍ يُباد ... لماذا ؟؟؟

بشار جرجيس حبش


في ظهيرة يوم الخميس السابع من شهر آب من عام 2014 .على رصيف قذر تمدد طفل صغير أحرقت شمس الصيف جبهته وتَخَشَبَت  تَعرُقاً في رأسه شُعيرات كانت بلون الذَهب ... في عَينَيهِ نَظراتٌ هي مَزيجٌ من الرُعبِ و الذُهول تَبحَثُ بين الجُموع عن إِجابة لسؤال لا يعرف له صياغة مناسبة . خَلعَ حِذائَه المُهتَرئ عن قدميه وغَمَرَهُما في مياة آسنة تَجَمَعت في بِركَة أَحدَثَتها دَواليب السَيارات  في شارع من الإِسفلت المُلتَهِب عَلها تُطفئ لهيبا من نار يخترق جِسمَهُ النَحيل من قَدَمَيه ... إِحتَضَن بشوق قنينَة ماء وإرتَشَفَ منها جُرعَة عَلها تَروي ضَمأَهُ أَحَس بالنار تَختَرِق جَوفَهُ ولم يَهتَم فما زالت عَيناه تَبحثان بين الجُموع رافِضَتان الإنصياع لغَفوَة قَصيرة تُريح جِسمَهُ المُنهَك من هروب الليلة الماضية ...الحَركة غير مُتناسِقَة في الطريق وأَصوات من كل صوب تَختَرِق أَفكارَه وتُعيدُ عَليه طرح سؤال لا يعرف له صياغة بقاموس كلماته ... ترك الجموع والذهول وأَدار رأسه نحو والده و والدته المتكئين على حائط كنيسة ، بظل جِسميهما تَستَضِلُ أُخته الصُغرى الغارِقة في النوم و تَتَلَوى لا شعوريا الى حيث تَأتيها نَسمَة باردة .... شعر بالأمان عندما إِلتقت نظراته بنظرات حنونه لم تُخفيها دُموع غَزيرة من عيون حائرة وصمتٌ حزين ...والده مُطرق برأسه ينظر البراءة في وجه أبنته ويكابر أن يحبَسَ الدَمعة في مُقلَتَيّه ... أدار وجهه عن عائلته الصغيرة قليلا ،الى شابة رسمت دَمعَة الأَمس على خَدَيها ذكرى من ألم وحزن يخفق في القلب مع النبض فما تزال بقايا فرحة أُمنِيَة مَرسومَة على وجهِها وإبتسامة لم تكتمل وقد أسندت رأسها على كتف شاب يهمس لها الحزن و ليس كما هَمسات العُشاق فقد تجاوزا بالأَمس هذه المرحلة و أعلنا أمام مذبح الكنيسة حُبَهُما وتَعاهَدا معاً على بداية حياة جديدة إِستهلاها بهروب مع الهاربين في هروب الليلة الماضية ، وبجانبهم شيخ عجوز يبحث في كيس صغير عن أَدويته التي حان موعد تناولها  .

 أخرجها بيد تَرتَعِش وبدأ يبحث عن قنينة ماء تُمَكِنَهُ جُرعَة مِنها من إِبتلاع حَبة أو حَبتان عسى أَن تَمنَحانِ لقَلبِه ساعات أُخرى  . لم يجد حوله وبين أشيائه القليلة مُبتغاه فلم يُسعِفُه الوقت لأن يَحمِلَ معه قنينة ماء في هروب الليلة الماضية... لكنه وجد الطفل الصغير ويده مَمدودَة اليه بقنينة الماء ... خُذها يا عَم وأُعذرني لأنها حارة لا تُطاق وتُحرِق الأَحشاء ولكنك تَتَحَمَلُ لهيبها .... مَدَ والِدَهُ  يَدَهُ نحوه وفي مُحياه إبتسامة حب ودمعة حزن ودعاه لأَن يُزاحِم شقيقَتَه الصُغرى ظِلَ جِسمَهُ و والِدَتَه ... شَعر أن الأَمان مَلئ روحه الصغيرة ومنحَهُ الشَجاعة لأَن يُجهِد فِكرَه بصياغة سؤال بمفردات من قاموسه الفقير  ... حاول كثيرا وهو يضغط بأنامله الصغيرة على يد والده ودموع والدته أغرقته في بحر التوهان وصوت أنينها إخترق أفكاره و ألقاء بعيدا عن سؤاله .. لم يتحمل فشله بصياغة سؤال بسيط وهو المتفوق في مدرسته .. إنتفض لحظة وأنتصب بقامته الطفولية وفتح ذِراعيه ورفع عينه الى السماء و صرخ ... لماذا .... فقط كلمة لماذا و لم تسعفه كلماتَه بأخرى تليها... الجموع من حوله لم تنتبه له ولكلمته .فقط والدته التي حبست دَمعها لحظة و والده الذي طَفَرَت من عينه دَمعَة وتَمتَم ببضع كلمات قليلة ،

لأننا شعب نحب لأننا شعب مسيحي .... لأننا شعب نحب أعدائنا لأننا شعب مسيحي عراقي .....

ومن بعدِه إِنتَبَهَت الجموع و تمتمت بكلمات و كلمات تَحكي قِصَة شَعبٍ أَصيل يُباد و تبحث فيها عن إجابة لكلمة لماذا ....

لماذا لنا في كل عَصرٍ ليلة تكون لنا عنوان للهروب ، ولماذا تكتب كل حكومة صفحات من القتل تَنقُشَ حروفها بدمائنا..... تأريخنا مُكَرَر يعيد لنا مآسيه وتراق دمائنا قبل أن تجف دماء اجدادنا  ونحكي لأجيالنا القصة ذاتها بعنوانها وأسبابها و نتائجها تختلف فقط فيها الأسماء والوسائل ،لكن الضحية دائما نحن وهم من بعدنا ينتظرون الإبادة المقبلة....  نستذكر معهم الهروب الكبير و نحن نعيش هروب الليلة الماضية . و في الأثنين وما قبلهما تُنحَر الرقاب وتُسبى النساء و نُهَجَر وما نزال متجذرين في الأرض نحب قاتلنا !!!! كما في المرات السابقة ، ليلة أمس ، رغبة جامحة من الحقد الدفين تُحَرِك وحوش بشرية تبحث عن دماء طاهرة تُريقُها تَقَرُباً الى إلاههم وأرواح بريئة تُزهِقُها تَحقيقاً لمَصالحهم ..... وليس من دم أطهر من دمائنا وليس من روح أبرئ من روحنا ... وليس من شعب أصمَت من شعبنا .....وليس من شعب يحفظ قصص الموت والإبادة أكثر من شعبنا .... هي القصة ذاتها إبادة  تليها إبادة لمسيحي العراق

قصة شعب هي أولى القصص للبشرية  واليوم يعيش فصلها الأخير ويُقبَرُ بأصالَتِه وحبه في دهاليز السياسة القذرة و المصالح الفاسدة ، شعب كان للإنسانية عنوان الرقي والحضارة ومصدرا للإلهام والحب واليوم الإنسانية تكافئه و تغض النظر عنه وهو يعيش مأساته الأخيرة . شعب كانت منه البداية للإنسانية والحضارة والحب . واليوم تبيدهم الوحشية والهمجية والكراهية ، وتَخُطَ بِحقدِها خاتمة تأريخ زاهٍ لشَعب أَصيل ....مسيحيوا العراق نحن عمرنا الآف من السنيين صنعنا للإنسانية الحضارة و إرتقينا بها في غابر الزمان . وضعنا القوانين واليوم لا قانون يحمينا شيدنا العِمارة والجَنائن المعلقة واليوم نلتحف السماء ونفترش الأرض ...  جُبِلَت من تراب العراق أجسادنا ومن قطرات جباهنا روينا الزرع و الخير والحب في بلاد ما بين النهرين . صنعنا التاريخ وأرتقينا بالبلدان و جعلناها للأمم نبراساً... تأريخنا مُختَصَرٌ ببضع كلمات نتوارثها جيل بعد جيل .... كنا نَبني و نُهجر ، كنا نَزرَع ونُسرَق ، كنا كرماء و اليوم نستجدي  كنا نُسالِم و نُكرَه  كنا مخلصين و نُخَوَن ، كنا نُحِب و نُقتَل ، جعلونا في أرضنا عبيداً مُهَجَرين من غير كرامة نعيش الذل والهوان حتى الثمالة ...نبحث عن وطن يأوينا وكرامة تحمينا وإنسانية تَحوينا ...

إنها قصة شعب أصيل تتناقلها الأجيال جيل بعد جيل وتتساءل لماذا ....لماذا تتكالب الأُمم علينا يوما بالسيف ويوما بالبارود ويوما بالفكر وما نزال بغصن الزيتون معلقين لكن مع كل هزة يتساقط بعضنا.......

لماذا ونحن من أَخلَصَ و أَوفَى و أَحَب ... لم يذكر لنا التأريخ بين صفحاته َأننا يوماً غَزَونا أرضاً أو قَتَلنا شعباً أو سَبَينا حُرَة أو حَرَقنا زرعاَ أو هَدَمنا عمراناً بل كنا للمحتاج عوناً وللضعيف سنداً للبناء . كُنا للبناء حجر الزاوية وللزرع كُنا المطر و رغم ذلك نجد أَنفسنا اليوم مطرودين من أرضنا يَستَسهِلون قَتلَنا و يرغبون بسبي نسائنا ويسرقون ممتلكاتنا ...

نحن مسحيي العراق    

نحن أقوى منهم بالحب وهم أقوى منا بالقتل لكن الإنسانية اليوم تقف الى جانب القاتل لتقضي على الحب ..... لماذا ؟؟؟

نحن شعب يحب الحياة وهم يجاهدون من أجل الموت . والسياسة والمصالح تريد لنا مشاركتهم الموت ......لماذا ؟؟؟

أُكتبوا فصلنا الأخير بحروف حقدكم و أريقوا دمائنا على أديم العراق أرضنا . وأعلموا أن أرواحنا سوف تبقى تحرس سماء العراق سمائنا ، وتطاردكم ........




                                                                                                            بشار جرجيس حبش

                                                                                                         عينكاوه  1 / آب / 2015

   

 

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.7002 ثانية