-------
قضية تحرير مدينة الموصل من رجس عصابات داعش الارهابية بعد اكثر من سنة على اجتياحها يعتبر اليوم تحدي فريد من نوعه ومشروع وطني وغاية وطنية مأمولة يلتف ويجمع حوله كل العراقيون من كل الاطياف (الكورد والشيعة والسنة والمكونات القومية والدينية الصغيرة ومنها شعبنا) لان سقوط الموصل كان نكسة لكل مكونان المجتمع العراقي بشكل عام وكارثة قومية ودينية (وجودية) للمكونات الصغيرة بشكل خاص حيث اجمع اغلب الخبراء العسكريين والامنيين في العالم ان معركة تحرير الموصل معركة تحدي وليست بالامر الهين ولا يمكن ان تتم بين ليلة وضحاها لانها معركة عسكرية ضخمة ومعقدة وصعبة وطويلة تحتاج الى تحضيرات لوجستية واستعداد معنوي وعسكري واستخبارتي وتنسيق مع كافة الاطراف (دولية واقليمية واقليم كوردستان) 

لكون محافظة نينوى محافظة استراتيجية وثاني اكبر مدينة في العراق بعد بغداد وتقع على عدة محاور مهمة وحساسة ومتشابكة حيث  يحٌدها من الشمال والشرق حدود اراضي اقليم كوردستان وتحديدا محافظتي (دهوك واربيل) ومن الجنوب الشرقي محافظة (صلاح الدين) ومن الجنوب محافظة (الانبار) ومن الغرب دولة سوريا التي تعتبر العمق الاستراتيجي لعصابات داعش في الموصل وكل العراق علما ان عدد سكان محافظة نينوى كان بحدود ثلاثة مليون  نسمة قبل الاجتياح البربري  لداعش في 10 - 6 - 2014 ويقدر عدد سكان مدينة الموصل لوحدها اليوم بأكثر من مليون انسان (محتجزون ومحاصرون داخل المدينة من قبل داعش) اما اقضية محافظة نينوى التسعة فهي (الموصل - الحمدانية - تلكيف - البعاج - تلعفر - سنجار - شيخان - الحضر - مخمور) وبخصوص اهم الخطط المرتقبة والمطروحة لتحرير مدينة الموصل حسب رأي الشخصي هي : 

1 - المدخل لتحرير مدينة الموصل :

-----
المشكلة ان بعض القادة السياسيين والعسكريين في حكومة بغداد تطلق العنان لتصريحاتها السياسية والاعلامية بشكل غير دقيق ومدروس ومسؤول وتفتقر للجدية  والمصداقية حيث منذ اكثر من  سنة يصرحون ان ساعة الصفر لتحرير الموصل قد اقتربت واصبحت وشيكة !! لكن الحقيقة وكل المعطيات والدلائل والاستحضارات والتنسيق على الارض يدحض ويكذب  ذلك تماما في الوقت الذي ترفض وتتحفظ قيادة اقليم كوردستان الرسمية والحزبية والعسكرية مثل هذه التصريحات المستعجلة  لكونها عبارة عن مزايدات سياسية ولا تمثل الحقيقة ولا معنى لها 

لان عملية تحرير الموصل تحتاج الى تحضيرات وخطط وتنسيق اضافة لاستكمال تحرير اراضي محافظة صلاح الدين المتعثرة ومنها (بيجي وغيرها) مرورا بمدينتي (شرقاط - وحمام العليل وغيرها التابعة للموصل) وكذلك تحرير اراضي محافظة الانبار المتوقفة اصلا واستكمال تحرير اراضي اقضية (تلعفر وسنجار والبعاج) التابعة للموصل والتي لها حدود مع سوريا لقطع شريان التمويل وعزل تلك المناطق عن الموصل للتأثير على  معنويات عصابات داعش  سلبا خاصة ان تحرير الموصل يطرح تحدياً فريداً من نوعه بالنسبة للحكومة العراقية والتحالف الدولي وبالتالي فإن استعادة السيطرة على المدينة قريباً لا زال غير ممكننا حسب رأي 

2 - هل سيتكرر سيناريو تحرير مدينة كوباني في تحرير الموصل ؟
-----
عصابات داعش  الارهابية لا زالت تراهن على الكثافة السكانية لمدينة الموصل حيث تم منع المدنيين من مغادرة المدينة لجعلهم دروع بشرية والتضحية بهم كنوع من سياسة الارض المحروقة لمنع اي جهد او هجوم عسكري بري او جوي  تمهيدا لتحريرها ان مثل الخطة يتم تداولها اي تحرير الموصل بأي ثمن في الارواح والممتلكات كما حصل في مدينة صغيرة مثل (عين العرب - كوباني) بسوريا حيث استغرق تحريرها شهرين من القصف الجوي والبري والقتال والكر والفر من قبل مقاتلين البيشمركة من الاقليم والجيش الحر ووحدات حماية الشعب والمرأة الكردية بعد ان تم تهجير اغلب سكانها حيث تحولت  مدينة كوباني الى مدينة مدمرة ومدينة اشباح وشبه خاوية بعد شهرين من القصف والمعارك فكم سيستغرق الامر لتحرير مدينة مثل الموصل مساحتها ضعف مساحة البصرة ونصف مساحة بغداد !!

ان خطة قصف مدينة الموصل (بالطائرات والمدفعية والراجمات) اي بشكل عنيف جوا وبرا وحرق الارض بحيث لا يدع مجال لداعش للهروب او الانسحاب ليست سهلة ولا يمكن  تنفيذها او مقارنتها بخطة تحرير مدينة صغيرة مثل كوباني من حيث المساحة والسكان (علما ان عدد السكان المدنيين المحتجزين  في الموصل اكثر من مليون انسان) فهل ممكن التضحية وابادة مليون انسان مدني او حتى نصفهم او ربعهم ؟ الجواب الطبيعي طبعا كلا والف كلا انه ليس الخيار الافضل  لكن ينبغي معالجة هذا الامر عبر ادخال جهد سري استخباري كفوء وقوات خاصة مدربة على قتال المدن والشوارع تتسلل الى خلف مواقع عصابات داعش لتأشير مقراتها ومواقعها السرية واحداثياتها لشن ضربات ضدها من اجل تدميرها وتشتيت قدرتها او على الاقل اضعافها 

3 - خطة اعادة الثقة والتنسيق بين الاقليم وبغداد :
----
موضوع الثقة بين حكومة بغداد والاقليم اهتزت كثيرا منذ تولي المالكي سدة الحكم في بغداد قبل اكثر من ثمانية سنوات لذلك لا بد من اعادة هذه الثقة بمصداقية قبل الشروع بأي خطة لتحرير الموصل حيث لا يمكن تحرير الموصل الا من خلال بعض  جغرافية اقليم كوردستان وعبر قسم من اراضيها المتاخمة لحدود محافظة نينوى وبمشاركة فعالة لقوات البيشمركة الكوردية لامتلاكها الخبرة المهنية والعقيدة العسكرية والاخلاص والولاء للوطن والاقليم  لان مثل هذه الخطة تعتبر المدخل الحقيقي والصحيح لتحرير الموصل ويجمع عليها اغلب الخبراء والمحللون العسكريون  حيث بدون تدخل ومساهمة فعالة لقوات البيشمركة مع الجيش العراقي ومسلحي ابناء مدينة الموصل لا يمكن تحقيق اي انجاز وتحرير الموصل 

فمثلا مدينتي الفلوجة وبيجي مدينتين صغيرتين قياسا الى الموصل من حيث المساحة والسكان وقد اقدم الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي على شن العشرات من الهجمات  لتحرير المدينتين من داعش واخواتها  وبدعم من طيران التحالف الدولي لكن دون جدوى وتتعثر في كل مرة فكيف لهذه القوات من  تحرير مدينتين كبيرتين من حيث المساحة والسكان مثل الموصل والرمادي وظروفهما اكثر تعقيدا وتشابكا ؟  لان الايام الماضية اثبتت ان الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي غير مؤهلين مهنيا ووطنيا وعسكريا وعقائديا وتنظيميا  للقيام بمثل هذه الواجبات والمهام الكبيرة لوحدهم  

وان تنفيذ مثل هذه الخطة يتطلب التحضير والتهيئة والتنسيق الجاد والفعال بين حكومتي بغداد والاقليم بالتعاون مع التحالف الدولي والدول الاقليمية بوضع خطة محكمة ومدروسة بمشاركة كافة الاطراف وذلك بتدريب للقوات الموكلة لمهمة التحرير تدريبا مهنيا عاليا وكفوءا على حرب المدن والشوارع والازقة والتصدي للكمائن والشرائك ومعالجة التفخيخ والغام المساكن والطرق والجسور والمخازن والسيارات وقطع طرق امدادات داعش  وتهيئة جهاز استخبارات كفوء وفعال لتوفير الاحداثيات الدقيقة للقوى الجوية العراقية وسلاح المدفعية  لتدمير مقراتهم واستهداف عناصرها وقياداتها بعمليات الاسناد الارضي القريب للقوات المهاجمة وكذلك عمليات القصف في عمق المناطق التي تسيطر عليها تلك العصابات وخصوصا القريبة من مدينة الموصل 

4 - خطة تدخل الجيش الامريكي او قوات التحالف الدولي برا :
-----
ان تنفيذ مثل هذه الخطة مستبعدة حاليا لسببين الاول رفض وممانعة اطراف سياسية ودينية عراقية واخرى اقليمية للتدخل العسكري الامريكي او لقوات التحالف  برا  لتحرير الموصل في مزايدات سياسية واعلامية غير مفهومة ومقنعة رغم  معرفتهم ان القوات الامنية العراقية غير مؤهلة في الوقت الحاضر اما السبب الثاني متعلق بالادارة الامريكية التي يقودها الحزب الديمقراطي الامريكي برئاسة الرئيس اوباما حيث ان رأيهم واغلب مواقفهم تجاه مشاركة الجيش الامريكي في القتال البري  ضد داعش  في العراق وسوريا او التوسع في الحرب  هشه وضعيفة بعد اخطاء ودروس التدخل العسكري في افغانستان والعراق وحسب رأي ان تدخل القوات الامريكية برا في القتال ضد داعش في العراق  بشكل خاص  لن يتم او يحسم الا بعد الانتخابات الرئاسية الامريكية في نوفمبر 2016 وانتخاب  رئيس  من الحزب الجمهوري الامريكي وليس من الحزب الديمقراطي حيث ممكن ان يقرر مشاركة الجيش الامريكي في تحرير الموصل برا وبقية الاراضي العراقية ومثل هذا القرار والخيار يحتاج الى سنوات وسنوات  للتحضير والتنفيذ وهو الأقرب الى الواقعية والحدوث مستقبلا اذا لم يتم تنفيذ الخطة الثانية في الفقرة 3 اعلاه واذا تم مشاركة القوات الامريكية في العراق وقتال داعش برا سيتمخض عنه إبقاء قواعد عسكرية ثابتة له في العراق 

5 - خطة سرية لشراء مدينة الموصل بالمال من داعش دون قتال :
------
رغم ان تنفيذ مثل هذه الخطة السرية مستبعد الى حد كبير لكنها مطروحة للمناقشة في دهاليز المخابرات والغرف السياسية السرية ومفادها قيام العراق والتحالف الدولي بالتنسيق مع الامم المتحدة بعقد اتفاقية سرية (كمسرحية) مع عصابات داعش  لشراء مدينة الموصل مقابل مبلغ مالي كبير  من الدولار الامريكي  يسلم نقداً لداعش وبموجبه ينسحب داعش  من مدينة الموصل باتجاه سوريا بدون قتال او تبادل لاطلاق النار للحفاظ على ارواح السكان المدنيين في الموصل وقد اكدت التسريبات ان هذه الخطة يؤيدها عدد من السياسيين العراقيين لكنها الغيت هذه الخطة مؤخرا لان داعش طلب مبالغ مالية خيالية تصل لاكثر من 100 مليار دولار !!  واعتبر امرا تعجيزيا 

ملاحظة : لمن يرغب الاطلاع على الجزء الاول والثاني من مقالنا الرابطين ادناه
1 - ( متى ستتحرر بلداتنا في سهل نينوى ؟ وكيف ؟ ج1) للاطلاع الرابط ادناه 

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,792151.0.html

2 - (الخطط المرتقبة لاستكمال تحرير بلداتنا في سهل نينوى ؟ ج2) للاطلاع الرابط ادناه

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,792738.0.html

انطوان الصنا

 antwanprince@yahoo.com