تمهلت قليلا قبل ان ابدء بابداء رأيي حول ما كتبه وطرحه السيد جعفر ايمينكي ( نائب رئيس برلمان اقليم كوردستان وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ) في مقاله المعنون ( المسيحيون في اقليم كوردستان.. بين الواقع والطموح ) عسى ان اجد ردا او توضيحا من قبل احزابنا القومية! او من قبل احد منتميها من الكتاب (المستقلين طبعا ! ) ليحفظ القليل، او بالاحرى ما تبقى، من كرامة متحزبينا القوميين باعتبار ما تناوله السيد جعفر ايمينكي شأن قومي داخلي هذا اولا، اما ثانيا باعتباره تجاوزا واهانة وتهمة باطلة بحق احزابنا القومية وشخصياته السياسية العاملة في العراق والاقليم، لكن ( والحمد لله ) لم نسمع باي رد او توضيح بشأن ما قيل وطرح لا من هذا ولا من ذاك، وهذا ان دل فانما يدل على شيئين لا ثالث لهما، اولهما ان ما قاله السيد جعفر ايمينكي هو واقع وحقيقة احزابنا القومية لذلك سكتوا ليستروا عورتهم ويخبئوا وساختهم، وثانيا ان احزابنا القومية ليست سوى اشخاص معدودين يكرسون قضيتنا القومية ومعاناتنا المتفاقمة لتحقيق مصالحهم الذاتية وكل ما لا يمس مصالحهم بسوء لا يعتبر من القضايا القومية.
شخصيا وبلا مجاملات او مزايدات اشكر السيد جعفر ايمينكي على ايلائه الاهتمام بهذا الموضوع سواء كان هذا الاهتمام نابعا من شخصه الكريم او تنفيذا لواجبه كنائب لرئيس البرلمان او بتوجيه من الحزب الذي ينتمي اليه او تطبيقا لمباديء هذا الحزب، واتفق معه في الكثير من النقاط التي طرحها في مقاله، وفي نفس الوقت اتمنى ان تكون طروحاته والحقائق التي تناولها بكل جرأة بداية جديدة للمسيحيين في كوردستان والمنطقة عموما، خصوصا وان زوال المسيحية والمسيحيين من العراق سواء في المحافظات الجنوبية او في اقليم كوردستان اصبح امرا محتوما غير قابل للنقاش، اذا ما استمر الحال على ما هو عليه الان ولم يتحسن.
لا شك ان المسيحيين الساكنين في اقليم كوردستان هم افضل حالا من الساكنين في باقي المحافظات العراقية وبعض دول الجوار، لكن ذلك لا يعني ابدا ان مسيحيي كوردستان يعيشون في نعيم بلا مشاكل وهموم وتحديات، وهذا ما اشار اليه السيد جعفر بكل وضوح، لكن الية معالجة هذه المشاكل ومحاولة رفع الهموم ومواجهة التحديات لم تكن ابدا من اولويات احزابنا القومية بل كانت دائما ماركة تجارية ودعاية انتخابية وشعارات رنانة لاثارة العواطف الدينية والقومية الهدف الوحيد من ورائها تعظيم الذات لا اكثر، فاحزابنا القومية لم تكن جامعة ولم يكن لها قضية يوما لذلك لم تتمكن حتى يومنا هذا من التقدم بقضيتنا خطوة واحدة، بل بالعكس من ذلك تماما حيث ان الكثير من هذه الاحزاب كانت خنجرا مسموما في خاصرة شعبنا منعت وحدته وتاجرت بمحنه، والسبب في ذلك يعود الى التنافس اللاشريف على المصالح المادية والمناصب وامتيازاتها.
بقاء المسيحيين في اقليم كوردستان والحد من هجرتهم لا يكمن بكثرة احزابهم او مشاركتهم في الانتخابات او تخصيص بضعة كراسي في البرلمان ينتفع من امتيازاتها بضعة اشخاص!، بل ان بقائهم مرهون بمنح حقوقهم وحفظ كرامتهم حسب القوانين مع مراعاة خصوصيتهم الدينية والقومية وعددهم السكاني، حيث لا يزال الكثير يتعامل مع المسيحيين وحقوقهم المسلوبة بتعجرف وبلا مبالاة كونهم اقلية!، لذلك على القيادة الكوردية، التي قدمت الكثير للمسيحيين، ان تقوم بمعالجة المشاكل التي يعاني منها المسيحيين وخصوصا مسألة التجاوزات على الاراضي في كافة المناطق التي يسكنونها.
همسة:- لو كان قادة احزابنا القومية المحترمين يمتلكون ذرة ضمير لكانوا اكتفوا بما جنوه من الحرام من معاناتنا المتفاقمة لربما عندئذ كنا نكف عن معاتبتهم ونغض النظر عن مساوئهم، لكن هل من يتجرأ؟