في الجزء الأول من المقالة.... إفترضنا أن الدول عموما و بخاصة منها الدول المنضوية في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب غير مُتعاوِنة و تُضَيّق الخِناق على تنظيم داعش و تمنع عنه التسليح و إِن عمليات التهريب و غنائم أَكداس العتاد والأسلحة هنا وهناك لا تُحَقِق لتنظيم داعش القدرة التسليحية التي تمكنه لأن يَستَمِر في حروبه كل هذه الفترة الطولية ... مما يجعل الإستنتاج لزامناً للكتابة في موضوع تسليح تنظيم داعش و من يدعمه و يموله و بغير ذلك يستوجب الإنتظار ما بين 25 عاماً الى 50 عاماً وربما أكثر بحسب قانون كل دولة تسمح بالإفصاح عن وثائقها السرية جدا بعد مرور فترة زمنية معينة ... لتكشف للعالم هذه الوثائق السرية عن الدول التي كان لها دور فعال في توريد السلاح الى تنظيم داعش و الدول التي مولت صفقات السلاح ...
و من أجل أن لا يطول الإنتظار يصبح وجوبا إفتراض أن هناك دولة ما أَو ربما دول عديدة تزود تنظيم داعش بالسلاح وذلك يعني أيظاً أن هناك دول أخرى متواطئة بما يحدث و إنها مُطَلِعة على أدق التفاصيل ولكنها تلتزم الصمت إما خوفا من إنكشاف أَمر سياساتها المشبوه أو ربما تعاوناً مع سبق الإصرار لتحقيق مصالح و عوائد مالية من صفقات التسليح . و بالتأكيد هناك أشخاص أو مؤسسات و منظمات و أيظاً دول كثيرة تعرف جيدا و بشكل تفصيلي عن مصادر تسليح تنظيم داعش و كيفية ورود الأسلحة اليه و لكنها تلتزم الصمت أيظاً ..
و لكن رغم ذلك يمكن من خلال البحث و الإستنتاج و التقصي لخبر من هنا و خبر من هناك أن يمنح المتابعين لكل شاردة و واردة من أخبار تنظيم داعش و المتبصر بدقة و بِخِبرَة في التقارير والاخبار الاعلامية و البحثية و الاستقصائية رغم ندرتها و شِحَتها التي تُصدرها دوائر مخابراتية و إعلامية بين فترة و أُخرى إن كانت عمداً أَو زلة لسان أَن يلاحظ ما يمكن الإنطلاق منه نحو كشف الكثير من المخفي و مُمكن أَن تكون البداية من تسليط بقعة ضوء صغيرة حول حدث مهم يحمل دلالات كثيرة وللتذكير فإن العالم يستمع بين فترة و أُخرى الى تفاصيل عمليات إستخبارية نوعية بطولية يتباها بها البنتاغون ( وزارة الدفاع الأمريكية ) لإستهداف قادة داعش بدءاً من مسؤول النفط الى أُمراء.....!!!!! المناطق و شيوخ الإفتاء الشرعي وصولا الى أُمراء.....!!!!! التفخيخ و التجنيد ولكن ما يثير الإستغراب أن الطائرات الامريكية عجزت عن رَصد و إستهداف أحداً من الأُمراء ........!!!!! أو المسؤولين عن تخزين و تجهيز داعش بالسلاح و الذين بالتاكيد لابد و أن يكونوا من العناصر المهمة جداً كونهم المسؤوليين المباشرين على عمليات التسليح المفترض أَنها مُعقدة جداً لا يضطلع بها إلا من يكون على خبرة ودراية كبيرة بسير المعارك و إحتياجاتها ... وإن وزارة الدفاع الأمريكية المفترض بها أَن تَهتم على أقصى درجات الإهتمام بهدف منع وصول السلاح الى تنظيم داعش ( كما تفعل مع الجيش الوطني الليبي الذي يحارب تنظيم داعش ) خاصة و أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك ستراتيجية فذة ...!!!!! لمحاربة التنظيم ولكنها لم تتطرق مطلقاً الى منع السلاح أو تجريم من يمول داعش بالسلاح من الدول و السماسرة ....
و لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بمتابعة مصادر السلاح رغم أَن لها من الأساليب و النظم الإستخبارية ما يمكنها من كشف هذه المصادر و أيظاً قادرة بما تمتلكه من تكنلوجيا متطورة و أقمار صناعية ( و هذا لا نقاش فيه مطلقاً ) لرصد كل صغيرة وكبيرة على الحدود مع المناطق التي يُسيطِر عليها التنظيم و الطرق التي يَسلكها في تنقلاته و غزواته... هذا القصور لا يجب أن يعتبر بأي حال من الأحوال سهواً أو قلة خبرة لأن العقلية العسكرية في كل دول العالم يكون قطع إمداد العدو من السلاح من أهم إهتماماتها و على أعلى درجة من سلم إهتماماتها كونه سببا كفيلاً بتحقيق الإنتصار في المعارك لذلك الدول المتحاربة تُخطط و تتابع أدق التفاصيل عن تسليح العدو ... و هذا ما لا تهتم به أمريكا على الإطلاق ...!!!!! رغم أنها و بجهد قليل قادرة لأن تمنع وصول السلاح ....
بل أنها قادرة لأن تكشف الدول المتعاونه مع تنظيم داعش فيما لو أنها راقبت الحدود البرية لدولة التنظيم و هي حدود محدودة جداً خاصة وان هذه الحدود متصلة فقط مع دولة واحدة لم تَنظم الى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش وهي الجمهورية التركية التي لم تنظم الى الحلف الدولي لمحاربة تنظيم داعش ليس تعاطفاً مع التنظيم بسبب المشتركات العقائدية الكثيرة التي تجمعها معه بل بسبب مصالحها الإقتصادية الكبيرة التي تحققها من التنظيم بالإظافة الى المكاسب السياسية التي تحققها أيظاً بفضل وجوده و ديمومته و إستمراره .خاصة و إن عدد محدود من التقارير التي تم تسريبها عمداً من أطراف معينة لأغراض سياسية تحدثت عن تعاون وثيق بين شخصيات تركية مُتَنَفِذَة و تنظيم داعش و هذا لا يُخفى على الحكومة التركية مما جعل من أراضيها أن تكون هي قِبلة أعضاء التنظيم للتدريب و من ثم التجهيز و الدخول الى سوريا و العراق بتواطئ مفضوح من قبل السلطات التركية و كذلك صور الأقمار الصناعية و تقارير إخبارية سُربت عمداً تتحدث عن شاحنات تهريب النفط المسروق من العراق و سوريا الذي تستغله تركيا إظافة الى أَن تركيا ترتبط بتجارة منتظمة مع تنظيم داعش و هذا ما تحدثت عنه أيظاً تقارير إعلامية عن أن شاحنات تركية تنقل مواد غذائية الى مناطق التنظيم و تَدُس بين هذه الشحنات الغذائية شحنات من الأسلحة ....!!!!!!
و كذلك هناك معلومات عن طرق سالكة تؤمن من خلالها وصول الارهابين الى دولة داعش و لكن لا أحد يذكر الطرق التي يصل فيها السلاح الى داعش و المفروض ان يكون وصول السلاح أيظا من خلال ذات الطرق التي يصل من خلالها الإرهابين لأنها طرق مؤمنة و مخفية كما يتصور البعض ...إذن التقارير رغم شحتها لكنها بأغلبها تؤكد أن تركيا متورطة بالمساهمة في تسليح تنظيم داعش من خلال تسهيل عمليات النقل و رغم ذلك نجد صمت أمريكي مقصود و لم تطلب من تركيا توضيح موقفها مما يصدر من إتهامات بحقها و كأنها بذلك موافقة تماما لما تفعله تركيا لأنها تبعد عن نفسها الشبهات التي تحدثت عن سلاح يصل الى تنظيم داعش من السماء ...!!!! يُلقى في المناطق التي يحتلها التنظيم نتيجة خطأ بشري و هو أمر غير وارد على الإطلاق بسبب تكنلوجيا تحديد المواقع التي تتمتع بها الطائرات الأمريكية و الخبرة الكبيرة التي يمتلكها سلاح الجو الأمريكي في هذا المجال .... و بالتالي تصبح عملية وصول الأسلحة الى تنظيم داعش من السماء هي بتفاهم و إتفاق مع من يسيطر على السماء في العراق و سوريا أو في أحدى الدوليتين على أقل تقدير ..... إذن تنظيم داعش يتلقى دعماً تسليحياً مستمراً بعلم و دراية كاملة من أطراف دولية تتحكم بالأنظمة و سياساتها في منطقة الشرق الأوسط بهدف ديمومة و تمدد التنظيم الإرهابي و صولاً الى تحقيق الأهداف التي صُنِعَ من أجلها و قد تكون أهداف بعيدة المدى .....
و يبقى داعش مع فضاعة جرائمه إنما هو فكر فقط ...
والفكر المُجَرَد لا يَقتُل ما لم يَحمِل سَيفاً يَحِزُ الرقاب....
فمن الذي مَنَحَ ويَمنَحُ السيف لداعش هو القاتل مع داعش و هو يفعل ذلك إنما لحاجة في نفس يعقوب ....!!!!
بشار جرجيس حبش
26 / أيار / 2016