عشتار تيفي كوم - رصد/
لفت البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، خلال رعايته مؤتمر مئوية المجاعة الكبرى في جبل لبنان في جامعة الحكمة، إلى أنه "منذ مئة عام، كان أجدادُنا في الجبل اللبناني، ضحيةَ دولةٍ طال احتلالها لبلادنا، ودولٍ تُصارعُها وتتصارع في ما بينها من أجل مصالحها، على هذه الضفّة من المتوسط فبلغ الأمر إلى أن أُطبق الحصار على أهل الجبل، بَرًّا وبحرًا، فجاعوا، وأكلوا مؤونتهم وحيوانهم، ثمّ ما ترك لهم الجراد من بذار أرضهم، وبعضَ ما يعطيه الغاب والحقل، ثمّ باعوا الأغلى من المقتنيات والأرزاق وأخيرًا ماتوا على الطرقات وفي المنازل والحقول، من دون أيّ كرامة إنسانية".
وأوضح الراعي أنه "يُقام هذا المؤتمر لنحيي أوّلًا ذكرى أهالي هذا الجبل المسيحيّين، رجالًا ونساءً، شيوخًا وأطفالًا، مرضى وعجَّزًا، ولنحيي ثانيًا ذكرى مَن وقف إلى جانبهم مع كنيستهم من أبناء الوطن ولاسيّما من مسلميه ومن جمعيّات البرّ والحكومات الأجنبية"، متسائلاً "كيف يمكن لمأساة كهذه أن تُرتكب مثل مثيلاتها الأدهى منها التي طالت الأرمن، والسريان، والأشوريّين، في تركيا وأقليّات مسيحية أخرى في شرقنا، والدول لا تجرؤ أن تسمّيها "إبادة"، ولا أن تفرض المتوجّب من عقوبات وتعويضات قانونية. ولهذا السبب، نقول انّها تُرتكب تكرارًا، حتى بلغت ذروتها في فلسطين، وسوريا، والعراق وسواها، من دون أن يبادر المجتمع الدولي إلى الاحتياط في وجهها بأجهزة وآليات وإجراءات قانونية تحول دون ارتكابها؟".
ورأى الراعي أن "ما يقلق حقًّا المسيحيّين وغير المسيحيّين، من اقليات وأكثريات شرق اوسطية مسالمة، عريقة في التاريخ، هو تلك السهولة الدائمة في استباحة حياتهم، والاستهانة بكرامتهم، والتلاعب بمصيرهم، والتمادي في الإضرار بهم، فيما ينبغي أن يكونوا هم صانعي يومهم وغدهم، ومشارِكين في صناعة يوم العالم وغده".
وتمنى الراعي أن "يشكّل انطلاقةَ المؤتمر عملٍ جدِّي دؤوب وفاعل، تتبنّاها الدولة اللبنانية لترجمة خلاصاته ولجعلها دعوة الجماعة السياسية عندنا للالتزام بواجب إخراج اللبانيين من حالة الفقر والجوع والحرمان، من خلال تكوين سلطة الدولة، وفقًا للدستور، وتحرير مؤسّساتها الدستورية من رهنها بخيارات الأفرقاء السياسيِّين، والنهوض الاقتصادي بكلّ قطاعاته المنتجة".
وكان الراعي قد استقبل الوزير السابق جهاد أزعور، الذي أوضح "انني بحثت مع الراعي في مواضيع تتعلّق بتفعيل المؤسّسات المسيحيّة وبخاصّة المارونية، وأهميّة دورها في هذه الظّروف الإجتماعية والإقتصادية الصّعبة التي تسببت بارتفاع نسبة الهجرة المسيحية، لذلك يجب البحث في تفعيل هذه المؤسسات وآلية العمل فيها."
والتقى الراعي وفدا من جمعية التجارة العادلة يرافقه المطران غي بولس نجيم، وكان عرض لأبرز نشاط الجمعية التي تؤمن فرص عمل للبنانيين في قراهم عن طريق دعمهم وتقديم المساعدة لهم لتوضيب منتجاتهم وتصديرها الى الخارج.
ثم استقبل الراعي المحامي ايلي اسود يرافقه وفد طلابي من مختلف الجامعات والكليات في زيارة تم فيها تبادل الأفكار حول مواضيع متنوعة ولا سيما المحلية منها والتي تهم الشباب اللبناني كفرص العمل وضرورة انتخاب رئيس للبلاد لتفعيل عمل المؤسسات وانتظام عمل الدولة.