أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو      العراق يسعى لتوقيع بروتوكول المياه خلال زيارة أردوغان      وزير الخارجية التركي: حماس مستعدة لإغلاق جناحها العسكري إذا أقيمت الدولة الفلسطينية      مفاجأة ... 5 أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين      نتائج بطولة (رواد برطلي الثانية) بكرة القدم الخماسية – يوم الثلاثاء      نيجيرفان بارزاني: الوضع في الشرق الأوسط مرشّح للأسوأ إن لم يبدأ حوار بين جميع الأطراف      10 الاف عن كل يوم.. البرلمان ينظر بمقترح "بيع الحريّة" للمحكومين
| مشاهدات : 1591 | مشاركات: 0 | 2016-06-29 09:50:23 |

بابل ستبقى بابل حضارة العراق الشامخة

فواد الكنجي

 

 

 ان دخول الإرهاب إلى منطقتنا الشرقية،  لم يأتي بين ليلة وضحاها، وإنما تم تخطيط له في دوائر المخابرات الأمريكية والصهيونية منذ أمد طويل لخلق واقع جديد يتم من خلاله تقسيم المقسم كما طرح بأكثر من وثيقة صهيونية بهذا الصدد،  وطرح مشروعهم في دوائر الاستخبارات الأمريكية ليتم تنفيذه في المنطقة عبر آلية سميت بـ(الفوضى الخلاقة) بصناعة واشنطن وتل أبيب، وقد خطط لتنفيذ هذه الآلية بدقة وحبكة، لتعم ولتشغل المنطقة برمتها بحروب واقتتال داخلي ولأسباب عديدة، دينية وطائفية وعرقية ومذهبية وقومية، ليتم بهذا الشكل وذاك تفكيك خارطة (سايكس - بيكو) بأسوأ منها تخدم مصالح الرأسمالية المتوحشة والامبريالية الصهيونية في رسم خارطة جديدة ولإحداث تغيرات ديموغرافية لمجتمعاتها الشرقية المتشكلة منذ ألاف السنين، وتغيير المفاهيم المجتمعية وتدمير الحضارات البشرية القديمة في الشرق  وطمس معالم التاريخ الحقيقي لها، ومن هنا تم تنفيذ خطط وبرامج (الفوضى الخلاقة) عبر تمهيد وتأهيل مجموعات إرهابية وإدخالها وزرعها في منطقتنا بعد إن استطاعة أمريكا اخذ موطئ قدم داخل العراق باحتلاله عام 2003 لنقل ساحة الصراع للحرب الباردة بين المعسكرات الأحلاف القديمة - الجديدة  لدوائر المخابرات العالمية ومن الغرب إلى الشرق الأوسط .

 فقام الاحتلال الأمريكي بضخ العناصر الإرهابية وتشكيلاته داخل العراق والمنطقة بعد ان تم صناعته في دوائره الاستخباراتية المنتشرة في إنحاء العالم ، حيث كانت تأتي بعناصر مجندة تدعي (تمويها ) بأنهم من الإرهابيين وتزج بهم في السجون الأمريكية داخل العراق وخارجه بحجج واهية، لتقوم داخل سجونها بفتح معسكرات  لتجنيد وتدريب هؤلاء وتنظيمهم وتأهيلهم لتنفيذ مآربهم التدميرية وتخريب وخلق فوضى عارمة في عموم مدن الشرق وعواصمها، فأخرجت هؤلاء السجناء، إرهابيين متكاملين ومتثوبين بلباس ديني بحجة المقاومة وكانت التمهيد الحقيقي لظهور حركاتهم المتطرفة في العراق قد تمثل تحت اسم (القاعدة) بعد ان ذاعت سيرة هذا التنظيم في أفغانستان وإنحاء العالم كأخطر منظمة إرهابية إسلامية متطرفة،  بفصائل (الزرقاوي) ثم عقبه (المصري) وتلاه (البغدادي) وغيرهم من القتلة والسفاحين وهم صنيعة أمريكية بامتياز  لتفرخ هذه المجاميع الإجرامية والمتفننة بفن الإجرام الأمريكي الهوليودي من القتل والذبح وسفك الدماء بدون شفقة ورحمة ،  إلى مجموعات إرهابية تفوق العد والوصف لتمتد إلى عموم بلدان المنطقة الشرقية، حيث تمت صناعتهم وفق معايير لا أخلاقية اتخذت الدين منهجا والقتل والذبح سبيلا جديدا لنشر الرعب ولإنهاك المنطقة بالفوضى الخلاقة لتخريب واقع الشرق وخريطة المنطقة، والهيمنة على ثرواتها ، وطمس تاريخها الحضاري والإنساني - كما ذكرنا -  وقد رأينا مشروع (دولة الإسلام في بلاد العراق والشام - داعش) كيف يتصرفوا هؤلاء الإرهابيين أزلام السلطة في هذه الدولة المزعومة في طمس الحضارات المنطقة، ليس فحسب في العراق و سوريا بل في عموم المنطقة، فهدمت المراقد الدينية والآثار التاريخية ، وسرقت الآثار ، وخربت الكنائس القديمة وأزيلت معالم حضارية تاريخية قديمة بغية محو ذاكرة الشعوب وليتم إلغاء المكونات حقيقية من تشكيلاته المجتمعية كما حصل في العراق بتهجير مكونات عديدة وبصورة قسري، وما تم تنفيذه عبر فصائل الإجرامية (داعش) وأذيالها إلا وجها حقيقيا لما يراد تنفيذه بالمنطقة لإزالة كل التراث الإنساني والحضاري وتغيير خريطة الدول وإلغاء الذاكرة الشعبية في المنطقة وهويتها وفق واقع متخلف يرجع بها إلى العصور الوسطى، لا تقوم عليها القائمة، تصنعه مخابرات أمريكية وإسرائيلية والدول المتحالفة معهم .

فبعد موجة تدمير (الآثار الأشورية) وتجريف مواقع ألأثرية في مدينة( نينوى) العراقية، ومن ثم طالت يدها إلى كنائسها ومخطوطاتها و قبورها  ومراقدها  ومزاراتها، تلا فعلهم الإجرامي هذا ضد الآثار وحضارة المنطقة، وفعلوا بمثيله في ارض الدولة (سوريا) الشقيقة، ليأتي اليوم دور تغير اسم مدينة (بابل) العراقية عبر آلية (الإسلام الإيراني) النموذج المماثل والشبيه لـ(إسلام الدواعش) وجهان لعملة واحدة، وهو إسلام صنعته أيضا أمريكا في إيران خدمة لمصالحها ليتم من خلاله تهديد أنظمة المنطقة العربية من سعودية والعراق ومصر ليكون النظام الإسلامي في إيران يشغل أنظمتهم أكثر من انشغالهم بالكيان الصهيوني بعد ان تزايد حدة الصراع العربي الإسرائيلي بحروب متتالية وانتصار الذي حققه الجيش المصري البطل في تحرير منطقة (سيناء المصرية) في حرب اكتوبر عام 1973 من قبضة الإسرائيلية بعد ان كانت قد احتلتها في حرب يونيو 1967  ، ولهذا خططت بهذا المشروع  بإخراج النظام السابق ل(شاهنشاه - محمد رضا بهلوي ) وجاءت بالإسلام الخميني إلى سدة السلطة في وقت الذي كانت كل قواعد العسكرية الأمريكية موجودة في إيران آنذاك، بكون (شاهنشاه) من اكبر عملاء أمريكا في المنطقة ولكن لم تفعل شيء لإنقاذ نظامه، بقدر ما اكتفت بنقل الشاه من إيران وتسليم السلطة إلى الإسلاميين الخمينيين، وهكذا فعلت بالعراق فبعد إن احتلت العراق وأزالت سلطة (صدام حسين) منحت أمريكا لإيران العراق هدية في طبق من ذهب، بعد ان كانت إيران تحلم بان تخطو خطوة واحدة داخل الأرض العراقية التي ظلت عصية عليهم، وبذلك منحت لها حرية الحركة في طول وعرض البلاد ليصيب العراقيون بالصدمة بعد أن تناقلت وسائل إعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، خبرا يتحدث عن نية العتبتين الشيعيتين (الحسينية والعباسية) في (كربلاء) والتي تسيطر عليها المرجعة الإيرانية، إلى تغير اسم المحافظة من( بابل) إلى محافظة (الإمام الحسن ) .

 لذا فالمطلوب في هذه المرحلة الخطرة وعي ثقافي جماهيري جمعي  للجم السرعة المخيفة التي تقوم بها المجاميع المتوحشة التي ربتها مخابرات الأمريكية الصهيونية  لإزالة كل التراث الإنساني والحضاري وتغيير خارطة المنطقة ليس لـ(الدول العراقية) فحسب بل لعموم المنطقة الشرق الأوسط .

 ان محاولات طمس معالم الحضارة وادي الرافدين( العراق) له أكثر من مدلول، فان تشويه معالم الحضارة و رموزها بمنطق هزيل وبادعاء البدائل لأسماء مقدسة، لا يمكننا أن نقبل تمرير لعبة (تغيير الأسماء) إلا بوصفها جريمة إبادة ثقافية، وجريمة ضد التراث الإنساني ورموزه، وجريمة بحق الأجيال الحاضرة والمستقبلية، فمن غير معقول إن يسكت الشعب العراقي ويوافق في تدمير حضارته بيده، فان كان مسلسل تدمير حضارة الرافدين يجري على قدم وساق في مناطق التي يحتلها (داعش) وفق أنظار ومسامع العالم كله دون إن يبادر إلى إيقاف ثلة من الإرهابيين لا تمثل قوتهم بالنسبة إلى عدد وعدة وعتاد دول الغرب من شيء، ولكن لا تفعل، لتنقذ حضارة الإنسانية (حضارة الأشورية) التي قوامها  أكثر من سبعة ألاف سنة وأكثر، بل تشجع هؤلاء الإرهابيين الدواعش بتمادي بفعلهم وذلك بشراء قطع الآثار وتسهيل مهام تهربيها لماذا ..... !  .......؟

 سؤال من حق كل واحد منا ان يطرحه .... أليس من اجل تخريب حضارة (الأشورية) التي هي حضارة وادي الرافدين (العراق) وإزالة معالمها ليتم كحاصل تحصيل إزالة العراق من خارطة المنطقة، بل يتعدى الأمر لما هو مرسوم له في دوائر الصهيونية لإزالة (الآثار الأشورية) التي ألقنتهم دروس لن تنسى على مر التاريخ، حيث حمل ملوك (الأشوريين) ألاف من (يهود فلسطين) سبايا إلى ارض (بابل) ولأكثر من مرة حيث تم (سبي اليهود) لبني إسرائيل  من فلسطين  من قبل ملوك الآشوريين الذين كانوا آنذاك يحكمون مدينة ( بابل)، فالموجة الأولى كانت لسبي سامريا (721 ق م)، حيث سبى الآشوريون اليهود وعلى رأسهم الأسباط العشرة، ومن ثم أعقبها سبي يهواخن (يهوياكين) للفترة (597 ق م)، حيث سبي الملك ( نبوخذ نصر) عشرة آلاف من اليهود أورشليم إلى بابل وبعدها سبي صدقيا (586 ق م)، التي كانت علامة لنهاية مملكة يهوذا، وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول حيث تم سبي ما يقارب عن أربعين ألف يهودي إلى مدينة( بابل ) خلال ذلك الوقت.

 فهذه الحقائق أرخها التاريخ باسم (ملوك الأشوريين) في مدينة بابل، ولذا فان دوائر المخابرات الإسرائيلية والتي تتخلخل في صفوف مخابرات الأمريكية التي تهيمن على شؤون العراق بهذا الشكل وذاك مازالت أيديهم تطول لتدمير وتخريب حضارة العراق والنيل منها عبر أزلامها ممن تم شراء ذممهم، فالتاريخ حين يكشف لنا بان منذ (السبي البابلي الأول والثاني والثالث ) هناك علاقة بين اليهود و الفرس الايرانيين و منذ أن أقدم (كورش الفارسي) الذي قام باحتلال (بابل) وأنقذ اليهود من السبي وأعادهم إلى فلسطين، كان ذلك الحبل السري في العلاقة الفارسية اليهودية، والذي استمر حتى يومنا هذا متواصلا من خلف الكواليس بين إيران وإسرائيل،  ولما كانت إيران اليوم لها اليد الطولى في العراق وتملئ على ابرز أركان الحاكمة فيه، وإنهم – أي الإيرانيون - سيظلون واهمين بان بإمكانهم تأثير على شيعة العراق ويظنون أنهم بذلك سيمررون هذه اللعبة القذرة في تغير اسم مدينة (بابل)، الشموخ والحضارة، ومن أجل ذلك يقومون بإملاء على إتباعهم في العراق بان يقوموا- وكفرض ديني - في إبراز رموز طائفتهم بإلغاء اسم مدينة (بابل) باسم مدينة (الإمام الحسن ) دون ان يعوا هؤلاء الإيرانيين بان شيعة العراق هم أناس اشد حرص على عروبتهم  وحضارتهم ونفوسهم ليست منزوعة من عراقيتها ولا من عروبتها ولا من حضارتها، فان تغير اسم مدينة (بابل) إلى محافظة (الإمام الحسن ) ليس من إخراج العراقيين وإنما أتى من ملالي (طهران) وبغية لإرضاء أصدقائهم في (تل أبيب) لان (سبي البابلي) ما زال يؤرق يهود إسرائيل إلى يومنا هذا، لان كتبهم الدينية تؤكد بان من يزيل اليهود هم الأشوريين وأحفادهم لان كل أبناء العراق في وادي الرافدين - ودون استثناء - هم من أصول( أشورية) بغض النظر عما حدث بعد سقوط دولتهم الأشورية في 612 ق.م من حروب وغزوات اضطر الكثير من هؤلاء (الأشوريين) إلى تغير ديانتهم وقوميتهم لأسباب كثيرة ليس بوسعنا الدخول في تلك التفاصيل في هذا العرض، ومن هذه الحقيقة هم - أي اليهود -  يحاولون بشتى الوسائل العمل لحيلولة دون ذلك،  وما عمليات التي تجري على قدم وساق منذ عقود بتهجير (الأشوريين ) من العراق ممن بقى محتفظا بهويته القومية، وتشتيتهم في الشتات عبر أجندة هيئات الإغاثة الدولية، والتي وصل بهم الأمر إلى تشتيت الأسرة الواحدة، إلا خطط في هذا المسعى، لكي لا تقوم القيامة عليهم، وليتم محو ذاكرتهم وارتباطهم التاريخي بمرور الزمن في ظروف الهجرة القاسية في الشتات، وهذا الأمر أصبح يدركه كل (الأشوريين) والشرفاء في المنطقة العربية بكونه مخطط تم رسمه في إسرائيل انتقاما منهم باعتبارهم هم من سلالة أولائك الملوك (الأشوريين) العظماء الذين طمسوا روس اليهود في الوحل بجلبهم بإذلال سبايا إلى مدينة (بابل) مركز حكمهم آنذاك، ولهذا يريدون  طمس اسم مدينة (بابل) بأي شكل من الإشكال وبأي ثمن، لان حقدهم على العراق ما زال قائم إلى يومنا هذا بسبب ذالك (السبي) .

فـ(بابل) باقية.. واسمها باق.. وسيفشل وسيخسر كل اللاعبين بهذه الورقة التاريخية الخطيرة من تاريخ وادي الرافدين (العراق)، الحضارة والتاريخ.

فـ(بابل) لها تاريخ العريق، تفوق شهرة لأي مدينة أثرية آخري في العراق إلا مدينة (نينوى)، ويسرنا في هذا المقام ان نذكر بإيجاز عن تاريخ مدينة (بابل ) اسمها وتاريخها ومكانتها، فعن (بابل) قال (هيرودتس) وهو المؤرخ التاريخ المعروف، عندما زارها في القرن الخامس قبل الميلاد (( ليس هناك مدينة في العالم تضاهي بابل بجمال بنائها وروعته)).

ويذكر بان أن اسم( بابل) كان يسمى ( باب ايليم  ) مدونا في نصوص (السومرية) والتي تعني بالسومرية ( باب الإله)، والذي ربما أطلق على المدينة التي أعيد بناؤها على يد الملك الأشوري( سرجون الأكدي)، و أن اسم (بابل) ظهر لأول مرة في العصر( الأكدي)، حيث أسس الملك الأكدي (شركلي) معبدين في مدينة بابل، وقد استمر اسم بابل اسما للمدينة حتى دخول الأسكندر لبلاد الرافدين، وانتقال الحكم من بعده عام 313 ق م إلى ( السلوقيين) حيث سميت العراق جنوبا (بلاد بابل) أما الشمال وأعالي الفرات حتى حلب فقد أطلق عليها أسم (بلاد أشور)، بخلاف لبنان وفلسطين، حيث أسميت فينيقيا وفلسطين .

 وجاء اسم  (بابل ) خلال حكم شولكي  2094 – 2047 ق م،     ومدينة بابل لها عدة تسميات منها (تن تر كي)  أي موطن الحياة التي يقابلها بالبابلية  ( شوبات – بلاطي) وتسمى ( اشنونكي ) والتي تعني ( يد السماء).

      وكان أحد أحياء مدينة بابل يسمى (نونكي) وهو اسم من أسماء مدينة (أريدو) ، وعرفت كذلك باسم ( أي ايشار )   أي مدينة الجميع ، ولها اسم آخر دعيت فيه ( ديمكور – كورا – كي) يعني عقد البلدان . وقد وردت في أسطورة ( إيرا ) في اللوح الرابع اسم مدينة (ديمو – راكي) ، أي مدينة ملك الآلهة التي ارتبطت في أذهان العراقيين القدامى كونها بمثابة (عقد الكون أو محور العالم).

(( .. و تعود أقدم إشارة لاسم (بابل) إلى عهد سلالة أور الأولى في حدود سنة 2650 ق م، استنادا إلى كسرة من حجر الكلس، تعود للأليشيا كوم،  وهو ابن أخ إيلوم حيث كتبها ( باركي بارو ربما )، ويقرأ ( بار باركي )، ويصف نفسه بأنه باني معبد الإله (مردوخ) ، ويرى (سولبيركر) أن هذه الإشارة أقدم ذكر لإله بابل من العهود ما قبل البابلية القديمة..))

    وقد (( أطلقت التوراة على المدينة اسم (بابل)، ومن جانب آخر أطلق الإغريق على (بابل ) في العهود القديمة اسمي( أشوريا ) و( بابلونيا ) دون  تفريق، وبمرور الزمن ظهر هناك تفريق بين الاسمين، فأطلقوا اسم (بابلونيا ) على المنطقة التي يصب فيها نهر دجلة والفرات..))

 وسميت (بابل) بحسب (الكتاب المقدس) وهو الاسم مشتق ، بكلمة (بلبل)، وسميت بهذا الاسم بحسب ما ورد في الكتاب المقدس بسبب حادثة شهيرة، عندما حاول الناس أن يصنعوا برج مرتفع جدا ضد إرادة الله، فبلبل الله ألسنتهم، لذلك سميت هذه المنطقة (بابل). وهذا النص مذكور في سفر التكوين(11) :((وكانت الأَرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة. 2 وحدث في ارتحالهم شرقا أَنهم وجدوا بقعة في أَرض شِنعار وسكنوا هناك. 3 وقال بعضهم لبعض: "هلم نصنع لبنا ونشويه شيا". فكان لهم اللبن مكان الحجر، وكان لهم الحمر مكان الطين. 4 وقالوا: "هلم نبن لأَنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء. ونصنع لأَنفسنا اسما لئلا نتمدد على وجه كل الأرض". 5 فنزل الرب لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنونهما. 6 وقال الرب: "هو ذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداءهم بالعمل. والآن لا يمتنِع عليهم كل ما ينوون أَن يعملوه. 7 هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض". 8 فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأَرض، فكفوا عن بنيان المدينة، 9 لذلك دعي اسمها (بابل) لأَن الرب هناك بلبل لسان كل الأَرض. ومن هناك بددهم الرب على وجه كل الأَرض .

    وورد ذكر بابل في (القرآن) الكريم، إذ قال تعالى: (( وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت )) سورة البقرة / الآية 102. إذ أن القيمة النصية تكمن في وجود الملك من خلال القرينة اللغوية فالملكان هاروت وماروت قد تركا أثرا جليا في حضارة بلاد الرافدين.

       وقال الأخفش : بابل اسم لا ينصرف  لتأنيثه وتعريفه لأنه يتكون من أكثر من ثلاثة أحرف. وذلك أن أسم كل شيء : مؤنث إذا كان أكثر من ثلاثة أحرف فإنه لا ينصرف في المعرفة  قال تعالى: ﴿وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت﴾).

       ومن خلال الاطلاع على الكثير من المصادر التاريخية وجدنا إن كثرة الأسماء التي أطلقت على أصل تسمية (بابل) بهذا الاسم يدل دون شك على كثرة الشعوب التي سكنت فيها، وتعدد معتقداتهم الدينية وطرق تدوينهم للإحداث التاريخية أو العمق التاريخي لوجودها، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية العثور على الكثير من المدونات التي تثبت أصالتها وأسماءها التي عرفت بها خلال الحقب التاريخية التي مرت بها، وكما قلنا بان كلمة (بابل) تعنى (باب الإله)، وصارت (بابل) بعد سقوط) السومريين ( قاعدة إمبراطورية بابل، وقد أنشأها حمورابي، حوالي 2100 ق م، و امتدت من الخليج العربي جنوبا إلي نهر دجلة شمالا، وقد دام حكم الملك) حمورابي ( 43 عاما ازدهرت فيها الحضارات البابلية ازدهارا مدهشا، حيث يعد عصره العصر الذهبي للبلاد العراقية وبها حدائق بابل (جنائن المعلقة(  التي تعد من عجائب الدنيا السبع وكان يوجد بها ثماني بوابات وكان أفخم هذه البوابات بوابة (عشتار) الضخمة وبها معبد (مردوخ) الموجود داخل الأسوار بساحة المهرجان الديني الكبير الواقعة خارج المدينة، وقد سماها الأقدمون بعدة أسماء منها (بابلونيا) وتعنى أرض بابل ما بين النهرين، كانت عاصمة البابليين أيام حكم (حمورابي) ، حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين وحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد، في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت (بابل) العاصمة التي تقع علي نهر الفرات التي اشتهرت بحضارتها، وبلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي عرفت بـ(السلالة الآمورية او العمورية) 11 ملكا حكموا ثلاثة قرون(1894 -1594 ق م)، في هذه الفترة بلغت حضارة المملكة البابلية أوج عظمتها وازدهارها وانتشرت فيها اللغة البابلية بالمنطقة كلها، حيث ارتقت العلوم والمعارف والفنون وتوسعت التجارة لدرجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة، وكانت الإدارة مركزية والبلاد تحكم بقانون موحد سنة الملك (حمورابي) لجميع شعوبها .

 وقد دمرها (الحيثيون( عام 1595 ق م، وبعدهم حكمها (الكاشانيون) عام 1517 ق م،  وظلت منتعشة ما بين عامي 626 و539 ق م، و خصوصا أيام حكم الملك (نبوخذ نصر (حيث قامت الإمبراطورية البابلية وكانت تضم من البحر الأبيض المتوسط وحتى الخليج العربي، وكانت مباني مدينة بابل آنذاك من الطوب الأحمر، واشتهرت بالبنايات البرجية (الزقورات)، وكان بها معبد إيزاجيلا للإله الأكبر (مردوخ)، والآن أصبحت أطلالا، عثر بها علي باب (عشتار (وشارع مزين بنقوش الثيران والتنين والأسود الملونة فوق القرميد الأزرق، ثم استولي عليها ) قورش الفارسي) سنة 539 ق م، وبقيت لفترة 12 قرنا تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية، إلى أن شملها الفتح العربي الإسلامي ليصبح العراق مركز الخلافة العباسية التي حكمت العالم الإسلامي من الصين إلى حدود الأندلس.

 ومن خلال هذا المدخل يكشف لنا التاريخ على هزيمة الفرس على أرض العراق لخمس مرات فيما بين القادسيتين، وهذا يعني بان هؤلاء الإيرانيون الفرس ما زالوا يكنون كل الحقد والدسائس ليس على العراق فحسب بل على العروبة والإسلام ومن هنا فان أمريكا بعد غزو واحتلال العراق - وكما قلنا -  منحوا العراق هدية على طبق من ذهب إلى إيران، ليتمادوا تدخلهم في شؤونه بعد إن فشلوا عبر كل الحروب التي خاضوها ضد العراقيين ودسائس والمؤامرات من إن يخطوا خطوة واحدة داخل الأراضي العراقية، فإذ لهم بين ليلة وضحاها يجدوا أنفسهم في قلب أراضي العراقية،  فهم لا محال سيسعون بكل ما أتيح له من قوة لتدميره وتمزيق هويته وبكل الوسائل المتاحة، فضنوا بان عبر هذا المدخل  بمقدورهم عبر وسائل ومرجعية دينية تأثير على حلفائهم من الأحزاب الدينية الشيعية في العراق أن يعبثوا بتاريخ العراق ويمسحوا تاريخ مدينة (بابل) ولكن سيخيب ظنهم كما خاب في كل حروبهم ضد العراق ولن يتمكنوا من طمس حضارة العراق،  نعم إن العراق اليوم يمر بمرحلة صعبة ولكن ليست الأصعب  في تاريخه فقد سبق له إن مر بظروف أصعب من هذه ولكن بجهود أبنائه نهض وأعاد تاريخه ومجده.

فبابل ستبقى ولن يستطيع كائن من كان إن يمحوا اسمها بشخطة قلم ضنا بأنه سيستطيع محو ذاكرة التاريخ، فاسد بابل سيبقى شامخا على بوابة المدينة  وستبقى بابل، بابل حضارة العراق الشامخة .

 

 

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6302 ثانية