الكاتب والصحفي اللبناني غسان شربل: لا يمكن حل مشكلة كورد إيران بزعزعة استقرار إقليم كوردستان

غسان شربل ،الكاتب المعروف ورئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية، كتب في افتتاحية الصحيفة،في عددها الصادراليوم الاثنين،يقول ان كل من تركيا وايران والعراق وسوريا،تلتقي وتفترق،مستدركا بالقول لكن البند الثابت بين العواصم الأربع هو الخوف من تمسك الكورد بحلمهم القديم على رغم الويلات التي أُنزِلت بهم.

وكتب "بين أنقرة وطهران وبغداد ودمشق مصالح كثيرة وحساسيات قديمة. بينها سموم التاريخ ولعنة الجغرافيا. تلتقي هذه الدول وتفترق. تندرج في أحلاف متصارعة ثم تتصافح وتتحدث عن صفحة جديدة. البند الثابت بين العواصم الأربع هو الخوف من تمسك الكورد بحلمهم القديم على رغم الويلات التي أُنزِلت بهم. واليوم تتصرّف هذه الدول استناداً إلى قناعة تتردّد في إشهارها، ومفادها أن الكورد أخطر من «داعش».

ويُضيف "يعرف المتمرّسون في شؤون المنطقة وشجونها أن تنظيم «داعش» محكوم بالهزيمة. وأن وجوده أكبر من قدرة المنطقة والعالم على الاحتمال. وأن الإرهاب يحفر قبره بيديه حين يصير له عنوان معروف يمكن الانقضاض عليه. لهذا تتصرف الدول الأربع على أساس أن «داعش» خطر كبير عابر، في حين أن الكورد خطر هائل ومقيم ".

ويتابع"ليس الخوف من «داعش» هو ما أرغم رجب طيب أردوغان على السير فوق ركام غروره. إنه الخوف من الكورد . كورد الداخل وكورد سورية. هكذا يمكن فهم رحلته إلى سان بطرسبورغ، ورحلته المقبلة إلى طهران، وإعلان أنقرة قبولها بدورٍ للرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية ".

ويلفت الكاتب اللبناني في مقاله الى ان " سلوك أردوغان الجديد شجّع النظام السوري على كشف أوراقه. هو أيضاً يعتقد بأن الكورد أخطر من «داعش». الاشتباكات الأخيرة في الحسكة كانت عملياً أشبه بتبادل الرسائل مع تركيا. الموقف المتشدد من تطلعات الكورد قد يكون الجسر الذي يمكن ترميمه بين أنقرة ودمشق، على رغم الودّ المفقود بين الرئيسين".

ويُشير رئيس تحرير صحيفة الحياة الى ان ايران تُريد تحجيم الكورد وكبح التطلّعات الكوردية يشكل جسراً جديداً بين أنقرة وطهران،وان إيران تتصرف على أساس أن الكورد أخطر من «داعش»،ويقول ان" إيران مهتمة بدورها بإعادة تحجيم الكورد. لا تستطيع قبول أن يطالب كوردي إيراني بوضعٍ شبيه بالذي حصل عليه الكوردي العراقي ويتطلع إليه الكوردي السوري. لدى انتصار الثورة استقبل الخميني وفداً كوردياً زائراً. طرح الوفد على زعيم الثورة مسألة حقوق الكورد فرد بأن المشكلة لن تكون موجودة لأن الثورة إسلامية. لم تحل الثورة مشكلة كورد إيران، والدليل أن بعضهم استأنف الكفاح المسلح".

مضيفا " لدى إيران مصلحة فعلية في إجهاض حلم الكورد السوريين. سورية الفيديرالية لا يمكن أن تطمئن إيران. فوز الكورد بحقوقهم يطرح موضوع المكوّنات الأخرى، وبينها الأكثرية السنّية. كبح التطلّعات الكوردية يشكل جسراً جديداً بين أنقرة وطهران، يضاف إلى المصالح الاقتصادية والرغبة في عدم التقاء القوى الإقليمية السنّية على موقف يضبط شهيات إيران في العراق وسورية. إيران أيضاً تتصرف على أساس أن الكورد أخطر من «داعش»."

ويُتابع " النقاشات الجارية في بغداد حول دور البيشمركة و «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الموصل من «داعش»، تؤكد هي الأخرى التفريق بين خطر كبير طارئ وخطر كبير مقيم. يتصرف بعض القوى المؤثّرة في قرار بغداد حالياً وكأنها نادمة على ما اضطرت الى التسليم به للكورد، رغبة منها في إزاحة نظام صدام حسين. وأغلب الظن أن طهران هي التي أجازت لحلفائها يومها قبول المطالب الكوردية قبل الغزو الأميركي، لاعتقادها بأن إطاحة صدام تشكل مكسباً استراتيجياً، وهو ما تبيّن في النهاية ".

ويستمر غسان شربل في الاشارة الى مايجري في المنطقة وإعادة التموضع التي يقول انها بدت مرتبطة بالخطر الكوردي، الدائم(بحسب العواصم الاربعة) أكثر منها بالخطر «الداعشي» العابر ،ويقول" شكّل تنظيم «داعش» بعد إطلالته المدوّية خطراً كبيراً أقلق المنطقة والعالم. لكن وحشية «داعش» شكّلت في الوقت ذاته فرصة اقتنصتها دول وقوى لتنفيذ أجنداتها، سواء في العراق أو سورية. فتحتَ لافتة محاربة «داعش» تضاعفت التدخلات الخارجية في العراق وسورية. أدت الضربات المتعدّدة الجنسية إلى إرغام «داعش» على الانحسار، وإن استمر قادراً على ارتكاب مجزرة هنا أو هناك. لكن رقصة المواقف وإعادة التموضع بدت مرتبطة بالخطر الكوردي الدائم أكثر منها بالخطر «الداعشي» العابر".

ويُلفت الكاتب اللبناني المعروف الى انه "واضح أن المخاض الدموي طويل وعنيف. إن التعامل مع الكورد انطلاقاً من اعتبارهم ألغاماً مزروعة في خرائط الدول التي يقيمون فيها، يُنذر بمزيد من الحروب والتمزّقات. لا يُمكن إعادة كورد سورية إلى ما كانوا عليه قبل خمسة أعوام. ولا يُمكن مطاردة كورد تركيا إلى الأبد. ولا يمكن حل مشكلة كورد إيران عن طريق زعزعة استقرار إقليم كوردستان العراق. إن رفض الاعتراف بحق الاختلاف مصيبة لا تقتصر نتائجها الكارثية على الكورد وحدهم ".