الوضع العراقي مضحك ومبكي في نفس الوقت ، حيث ان المراقب يسمع ويرى حجم الفساد الموجود داخل اجهزة الدولة وتوجد ادلة وبراهين على الكبار والصغار في سرقة المال العام ضمن صفقات رشاوي وأختلاسات ومشاريع وهمية ورواتب للفضائيين سواء كان في الوزارات او في البرلمان او في الجيش او ضمن حمايات المسؤولين الكبار ،ومع ذلك لا تستطيع اجهزة الدولة الرقابية والقضائية محاسبة احد ينتمي الى الكتل البرلمانية او من الأحزاب المتنفذة في الدولة العراقية ، عدا بعض الحالات التي تكون لأشخاص لا تحميهم الأحزاب وليسوا ضمن المحسوبين على اصحاب السلطة سواء كانوا احزاب او مليشيات او برلمانيين ،او لنقل المحاسبة فقط لأولاد الخائبة كما يقال بالمثل العراقي حيث حكم القضاء العراقي على طفل في السماوة لسرقته مناديل بقيمة لا تتجاوز 3 دولارات وهذا يعبر بشكل واضح مدى الخلل في القضاء العراقي المسيس حيث يترك الحيتان الكبيرة تبلع الملايين ولا يحاسبها بينما يطبق عقوبة قاسية ضد الطفل الجائع والقضاء يعبر عن حالة وحجم الفساد الذي دمر الدولة العراقية والقضاء لا يستطيع محاسبة الفاسدين الكبار للأسباب التالية :
1-ان اغلبية المسؤولين الكبار في حكومة المالكي من احزاب ووزراء مشتركين في صفقات الفساد وزادت ثرواتهم بأرقام خيالية. ولم يسألهم احدا من اين لكم هذا.
2-سيطرة الميلشيات والأحزاب على القرارات والوسائل التي تدعوا الى محاربة الفساد لأن اغلب المسؤولين الكبار لديهم ميلشيات مسلحة تهدد بها خصومها والذين يريدون كشف ملفات الفساد .
3-لا احد من المسؤولين الكبار في الدولة قادر على كشف ملفات الأخرين والسبب لأن عليه قضايا وملفات يمكن ان تدينه ايضا .او يمكن ان يهدد بالتصفية اذا كان ذو ايادي نضيفة .او بالعزل الوظيفي .
4- لايوجد قضاء نزيه وقوي يستطيع فرض القانون ومحاسبة الفاسدين وربما القضاء مشترك بالفساد ايضا او مهدد من قبل الرؤوس الكبيرة.
5-عدم وجود تخطيط جيد في ادارة البلاد ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب لذلك اصبح العراق حقل تجارب ، حيث يأتي وزير غير مختص يدير الوزارة بشكل سيء ويهدر المال العام ثم يأتي اخر على نفس المنوال وهكذا.
6-غياب الأخلاص في العمل لكون ثقافة (شعليا) تمارسها الأغلبية وهي غير حريصة على اموال الدولة ،بسبب الأهمال الذي اصاب الطبقة الفقيرة والمتوسطة خلال العقود الأربعة الأخيرة.
7-عندما يحاول مسؤول ما ان يكشف فساد الحيتان الكبار تبدا المساومات خلف الكواليس ويتم الأتفاق مسبقا على كيفية غلق الموضوع بحيث لا يكشف احدا ويبقى الحال على ما هو عليه وهكذا كما حصل مع وزير الدفاع خالد العبيدي.
8-القضاء لا يتخذ اي قرار خارج مساومات الكتل والأحزاب وينتظر ما تؤول عليه الأتفاقات وعندها يأتي قراره منسجما مع اتفاق مسبق بين الكتل والأحزاب .واحيانا يستخدمون الأصوات في داخل البرلمان بالطريقة الديمقراطية وحسب اصوات الأغلبية وفي هذه الحالة لا احد يستطيع الأعتراض لأنها الطريقة المتبعة في الأنظمة الديمقراطية ، ولكن الديمقراطية اعطيت للناس الشرفاء الذين يخدمون الشعب بأخلاص ويتحكمون للضمير النظيف في تطبيق القانون وليس لأجل مصالح افراد ومافيات ، وهذا ما يحدث في الوضع العراقي مع الاسف الشديد.
9-تضخم الرواتب بنسبة خيالية حيث ارتفعت الرواتب بشكل كبيرجدا بسبب سوء التخطيط واصبحت هذه الرواتب عبأ على الدولة وخاصة رواتب الدرجات العليا من الوزراء ونواب البرلمان والمخصصات العالية للمسؤولين الكبار وحمايتهم ،فخلال حرب ايران وصل سعر برميل النفط الى 11 دولار وكان التصدير لم يتجاوز المليونين برميل يوميا وكانت الأمور جيدة رغم الحرب مع ايران والأن حتى بعد انخفاض النفط الى معدل 45 دولار والمعدل في الأنتاج وصل الى 3.2 مليون برميل يوميا ولا تستطيع الحكومة دفع رواتب الموظفين .
10-التخلف والأرهاب وفر ظروف ملائمة للأعذار والتهرب من مواجهة الواقع المزري في وضع العراق وجعل الفساد ينتشر بشكل مخيف مما جعل العراق في اخر القائمة في درجات النزاهة والشفافية .
ومما تقدم فأن العراق يحتاج الى معجزة لكي يخرج من هذا المأزق ومن هذه الحالة التي لم يسبق لها مثيل طوال تاريخه العريق ،ومن هنا نقول ان سنوات قادمة ضائعة سوف تأتي بدون اي تغير في واقع حياة العراقيين الذين يأسوا من اي اصلاح سريع يغير حياتهم نحو الأحسن ولو بعد حين.
والله من وراء القصد ...