حبات المطر

أصبح وطني غيمة سوداء

تبعثر حبات مطرها في بقاع المعمورة

تروي اراضٍ غريبة لتأويها

***

كلما تصفحت الإنجيل

تتصادى في أذنيّ

نواقيس كنائس بغديدا

***

أحضان الأمهات خالية

تجثو باكية

والآباء سكارى

اثملهم الفزع

من عاقبة تشتت الأبناء

***

وقفة أهلك يا بغديدا على مشارف الغسق

شطرته نصفين

الأول يجوب العالم بهم

والآخر ينتظر حكم سلطان الزمان

وشفقك ينتحب على شموسٍ غادرتنا

وتوارت خلف أشباح الظلام والحرائق والدخان

***

فضاءٌ خالٍ كئيب

كان على موعد مع أهازيج الأفراح

والآن شحبت نضارته حزناً على بغديدا

***

أدركت الأمان في ضباب الهجر

فوجدته سراباً

***

لقاءات عجيبة

بغير ميعاد

تتصافح الأيادي

ترتجف كَمَداً

والعيون تلقي التحايا

بصمت  تغرق في كلام ينحبس بين الجفون

***

وقفت لبرهة على ساحل البحر

أتأمل حال الدنيا

سألته: هل أنت ميت حقاً كما يطلقون عليك

أم نحن من ماتت فينا بسمة الحياة

وفرحة بغديدا

والسكينة والسلام؟

أعطني صمتك يا بحر وخذ مني ثورة أشجاني وآلامي

وأقذفها بعيداً عني

بسطوة أمواجك الهائجة

***

كلما أطلت من نافذة شقة غربتي

أخال سرب سنونوات يحملني ويذهب بي بعيداً

لأراك يا بغديدا

***

دمارك رذاذ قاتل لداء عليل

أوجع الآلاف

أعمت بصيرتهم وتاهت أقدامهم من المصاب الذليل

***

خفتت اشراقة سنابلك

وجفت مناهل راعيك

فأُرغمت الرعية على الرحيل

***

ستبقى صلبانك أينما كنا يا حبيبتي                                                                                                                                                                       

تضيء دروبنا ليلاً ونهاراً كالقناديل

***

ماسة نقية أنتِ

في متحف تاريخٍ عريق

يشع منها وجه شعبك الأصيل

***

لوحة مزركشة بأيادٍ غاداتٍ خديديات

في صفحات كتاب الزمن الجميل

***

إسقيني آخر كأسٍ،... اسقيني من فيض نبعك الحنون قبل المغيب

لم أشبع منك بعد

ليشفي غليلي

آخر كأسٍ اسقيني، يا حبيبتي، اسقيني....