------
حسب رأي الشخصي ان الانتحار السياسي هو الخطأ القاتل في القرار السياسي وتوقيته والموقف الذي ينتج عنه نتائج وخيمة على نشاط ومستقبل حزب ما او حكومة ما وهذا لا يعني ان قرار شعوب ومكونات اقليم كوردستان - العراق في اجراء الاستفتاء كان غير موفقا ودقيقا بل على العكس انه تعبير عن الحلم القومي الذي راودهم منذ عشرات السنين بسبب الظلم الواقع عليهم .
وبسبب تحديد موعد الاستفتاء في 25 - 9 - 2017 تصاعدت حدة الأزمة والاحتقان والتوتر بين حكومتي بغداد الاتحادية وأربيل هذه الايام بشكل غير مسبوق حيث تصاعد حمى ووتيرة التصريحات والتهديدات النارية لبعض قيادات حكومة بغداد الرسمية والحزبية ومنها بعض قادة حزب الدعوة والحشد الشعبي من المتعصبين لا بل العنصريين العرب واشتد اوارها وضراوتها مع اقتراب موعد اجراء الاستفتاء ولا ننسى التلويحات والتهديدات التركية والايرانية للاقليم لمنع الاستفتاء جاءت متزامنة معها وبصدد ما تقدم اوضح رأي الشخصي الاتي :
1 - ليس هدفي من المقال تحريض القيادة الكوردستانية او صب الزيت فوق النار ليأكل الأخضر واليابس خاصة ان جروح الشعب العراقي النازفة من اجتياح داعش لبعض المحافظات لم يندمل ولم يتم تضميدها لغاية اليوم وهنا لا بد من الاشارة ان حق الامم والشعوب في تقرير مصيرها وادارة شؤونها مكفول وفقا للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة حيث من حق الاقليم ان يتعرف على رأي مواطنيه بشأن الاستفتاء والاستقلال خاصة وان الصيغة الفيدرالية الاتحادية التي اقرها الدستور العراقي مع الاسف ومنذ عام 2005 ولغاية اليوم ونحن في اواخر عام 2017 (12 سنة مضت) تعثرت لا بل فشلت في معالجة المشاكل المتراكمة والمتداخلة والمزمنة والمعقدة بين الاقليم وبغداد حيث فقدت الثقة والمصداقية بحكومة بغداد لذلك من حق حكومة الاقليم ان تبحث عن الحل لضمان حقوق مواطنيها ومستقبلهم .
اما الأصوات النشاز التي ترتفع هنا وهناك من أجل إشعال الحرب في كوردستان لا يهمها غير الحفاظ على كراسيها ومصالحها ونفوذها في محاولة لخلط الأوراق لتغطي على فشلها في إدارة الدولة وفق المنطق العقلاني الصحيح الفاضي إلى الدولة المدنية الديمقراطية التي تنبذ الطائفية المقيته والقومية والشوفينية والتعصب.
2 - وبخصوص موقف إيران وتركيا وسوريا أكثر المعنيين إقليمياً بهذا الملف بسبب وجود أقليات كردية لديهم فلم تقدم على خطوات واجراءات عملية على الارض يمكن ان تقلق حكومة الاقليم سوى تهديدات إعلامية وأعلى سقفها كان تصريح قطع العلاقات التجارية والاقتصادية وهذا كما هو معلوم سيف بحدين أي أنهم أيضاً سيتضرران اقتصادياً من مقاطعة الإقليم أو غلق الحدود فمثلا تلويح الأتراك بأستخدام القوة العسكرية منذ اسبوع من موعد الاستفتاء يعد اجراء رمزي خاصة ان ايران لم تستثمر علاقتها التاريخية الطيبة مع معظم قادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس السابق جلال الطلباني) بأتجاه الضغط عليهم لعرقلة الاستفتاء.
3 - من المفارقات الملفتة للانتباه ان الخصمين اللدودين امريكا وايران موقفهما كان قريبا لاجهاض الاستفتاء حسب رأي ان قيادة اقليم كوردستان الرسمية والحزبية ستمضي في مسعاها لتقرير المصير وتأسيس الدولة الكردية سواء نظم الاستفتاء أو تم تأجله لان هذا الموضوع داخل الإقليم مفروغ منه ويتوقع المراقبون والمحللون السياسيون أن يصوت شعوب ومكونات الاقليم بنسبة 97% على (نعم للاستقلال) وحسب رأينا سيكون بمثابة انتحار سياسي للقيادة الكوردستانية التراجع بعد كل هذا المسعى والتحشيد السياسي والتعبئة الجماهيرية والاعلامية التي وصلت مستوى من الجهوزية التامة .
وبعيداً عن كل الاعتبارات والضجيج الإعلامي فلا شيء عملياً يمنع الأكراد من المضي في مشروعهم فمثلا حكومة بغداد الضامن التاريخي لوحدة العراق أضعف من أن تتصدى للكرد المنظّمين والموحدين نسبيا في هذه المرحلة بيد أن التعويل على الموقفين الإيراني والتركي هو ما قد يرجح احتمالية التعثر لكن الأمر مرهون بجدية هاتين القوتين الإقليميتين فمن الممكن ان تفضل ايران وتركيا مصلحتهما الوطنية على اي اعتبار اخر وفقا للحسابات الوطنية .
4 - لو كان الاستفتاء مقتصرا على محافظات الاقليم (اربيل ودهوك والسليمانية) اي حدود 2003 لكان الموضوع يتقبله اغلب العراقيين لكن ما يعقد الموضوع مشكلة محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها والتي يعتبرها الكورد مناطق كوردستانية انتزعت منهم في زمن الحكومات الفاسدة والشوفينية المتعاقبة على بغداد والتي يصر الكرد على ضمها إلى دولتهم المنشودة وهذا ما ينذر باندلاع صدام مسلح بين الكورد من جهة والعرب والتركمان من جهة اخرى لذلك فأن بغداد واربيل ممكن ان يتصارعان لبسط النفوذ على كركوك التي تعتبر خامس اكبر مدينة عراقية يسكنها نحو مليون انسان وفيها خامس أكبر حقل نفطي في العالم وتقدر احتياطياتها بأكثر من 13 مليار برميل أي نحو 12% من اجمالي احتياطات النفط العراقية وطبول الحرب التي تُقرع على أبواب كركوك هي آخر ما يحتاجه عراق لم تغادر رائحة البارود أجواءه منذ عشرت السنين.
5 - العالم يحبس انفاسه لاقتراب موعد الاستفتاء حيث اذا لم يحدث تحول دراماتيكي بموقف القيادة الكوردستانية من الاستفتاء بسبب عدم تقديم المجتمع الدولي بديلا مضمونا وجديا ومعتمدا فأن الكورد سيمضون في الاستفتاء وهذا سيكون لهم ولشعوب اقليم كوردستان المنوع افضل بكثير من البقاء في دولة المحاصصة الطائفية والمخترقة من قبل دول الجوار والتي لا مستقبل مضمون لها والشعب العراقي المظلوم والجريح منذ عشرات السنين بسبب قياداته الفاشلة والمتهورة سيجد هناك مطالبات انفصالية جديدة من السنة وحتى الشيعة والتركمان وشعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي والتي تعتبر بداية تساقط قطع الدومينو العراقية واحدة بعد الأخرى.
مقالاتي ذات الصلة :
----
1 - (نعم للاستفتاء وكلا لتهديدات بعض قادة الحشد الشعبي المتعصبة)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,853233.0.html
2 - (لماذا يتخوف الاكراد ...... من استقرار العراق ؟!..) سنة 2008
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,215559.0.html
3 - (كركوك.....المشاكل المؤجلة.......والحرب الاهلية ؟؟) سنة 2008
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,214466.0.html
4 - (المالكي ...يحلم ...(بتقليم) ...اظافر القيادة الكردية ...لكن ..كيف ولماذا .. ؟!) سنة 2008
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=238277.0
antwanprince@yahoo.com