كلنا نتلقى المساعدة من الآخرين ، ونساعد غيرنا في مختلف مجالات خضّم الحياة ، فالحياة ليست أخذاً فقط بل هي عطاء أيضاً ، ومما يحزّ في النفس أحياناً أناس ناكري الجميل ، فيجرحوا اليد التي مدّت لهم وساعدتهم في الوقت الذي كانوا في أشد الحاجة لها ، وإذا عملوا إحساناً يذكرون إحسانهم في كل حين ، في الوقت الذي يجب أن يكون العكس تماماً ، فالمتكبر يذكر إحسانه للتباهي والتفاخر ، ويقلل من تأثير إحسان الآخرين ويتجاهله في أكثر الأحيان ، فلا يتكبر إلا الوضيع ولا يتواضع غير الرفيع .
والحقيقة إن من يصنع خيراً تذكره الناس بالخير والمديح كلما تردد إسمه ، وليس عمل الإحسان بالغذاء والشراب والكساء فقط بل المشاركة الوجدانية في آلامهم وأفراحهم أيضاً، وتكون المساعدة المعنوية أفضل من المادية أحياناً .
وهناك دائماً فرصة لإصلاح الخطأ مهما كان فادحاً ، ولكن البقاء في دائرة الخطأ هو الخطأ بعينه ،ويجب أن تكون المساعدة للمستحقين ، فتقديم المساعدة في غير محلها قد تكون ضارة .
وقد تؤثر المساعدة على المصلحة العامة فيجب تجنبها ، فمصلحة المجموع أولى من المساعدة الفردية ويجب أن تتسم بالعدالة وعدم المبالغة فيها لئلا تنقلب إلى عكس الهدف الذي نتمناه .
وزبدة الكلام فتقديم الشكر والإمتنان عند تلقي المساعدة من كائناً من كان يشعره بالغبطة والإنشراح والراحة النفسية ويشجعه لتقديم المزيد للآخرين ، كما يشجع غيره للحذو حذوه ، فهي أمثلة حيّة للمشاعر الإنسانية الإيجابية تجاه بعضنا بعضاً ، وحبذا لو قدّمنا المساعدة دون انتظار المقابل ، ونقدمّها ونحن في غاية القناعة وبفرح لئلا تكون المساعدة وكأنها مفروضة أو قدمناها خجلاً أو مجبرين على إستحياء ، أو لغرض حبّ الظهور ، بل تكون خالية من كل شائبة ولوجه الله تعالى .
وعند حدوث الحروب وتخريب البنى التحتية ، تتقدم دول مانحة لإعمار ما دمرته الحرب ورعاية المهجّرين .
وهناك مساعدات إنسانية تقدمها الدول وخاصة عند حدوث الكوارث الطبيعية كالهزّات الأرضية والأعاصير والبراكين والحرائق ، وهناك المساعدات السياسية ، وهذه للأسف وفق المصالح الآنية والمستقبلية للدول المانحة ، ووفق رؤى منظرّي خبراء السياسات الستراتيجية ، وفي كل الأحوال علينا أن لا ننكر جميل من قدّم لنا المساعدة الخالية من أي مصلحة أفراداً أو جماعات أو دول ، ونذكر لهم إحسانهم ومساعدتهم مقرونة بالشكر والإمتنان دون جحود أو نسيان أو إهمال ، ونكون حاذقين إزاء المساعدات التي تهدف إلى نوايا غير حميدة ، وهي كمن يضع السمّ في العسل ، وهذا ما نراه في الكثير من مواقف الدول والكيانات والأفراد مع الأسف الشديد .