الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024.      صور.. رتبة غسل أقدام التلاميذ - كنيسة الصليب المقدس للأرمن الأرثوذكس/ عنكاوا      غبطة البطريرك يونان يحتفل بقداس خميس الفصح ورتبة غسل أقدام التلاميذ في كنيسة عذراء فاتيما، جونيه – كسروان، لبنان      البطريرك ساكو في قداس الفصح في قرية هزارجوت: غسل الارجل يرمز الى غسل القلوب      المديرية العامة للدراسة السريانية تفتتح معرضا للرسم والخط والزخرفة باللغة السريانية في محافظة البصرة      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      "يورو 2024".. اليويفا يدرس مشكلة تؤرق بال المدربين      البابا فرنسيس: لنطلب من الرب نعمة ألا نتعب من طلب المغفرة      الإبداع والتميز مع الشابة العراقيّة فبيانا فارس      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"
| مشاهدات : 1442 | مشاركات: 0 | 2018-02-25 09:19:41 |

رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي الثالث والثلاثين للشباب

 

عشتار تيفي كوم - اذاعة الفاتيكان/

تحت عنوان "لا تخافي يا مَريَم، فقد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله" (لو ۱، ۳۰) صدرت رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي الثالث والثلاثين للشباب، والذي يحتفل به على صعيد أبرشي يوم أحد الشعانين، الموافق هذا العام الخامس والعشرين من شهر آذار.

كتب الأب الأقدس يمثّل اليوم العالميّ للشباب لسنة ۲۰١۸ خطوة نحو الأمام في مسيرة التحضير لليوم الذي سوف يُحتفل به على صعيد عالمي في باناما في شهر كانون الثاني يناير عام ۲۰١۹. وتأتي هذه الخطوة الجديدة في مسيرة حجّنا خلال السنة التي ستُعقد فيها الجمعيّة العامة العادية لسينودس الأساقفة حول موضوع: الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات. إنّها لصدفة جيّدة، إذ سيتوجّه انتباه الكنيسة وصلاتها وتفكيرها إليكم أيها الشباب، فيما ترغب في أن تقبل وتعانق العطيّة الثمينة التي تشكّلونها لله والكنيسة والعالم.

أضاف الأب الأقدس يقول لقد اخترنا، كما تعلمون، أن يرافقنا في هذه المسيرة مثال وشفاعة مريم، فتاة الناصرة، التي اختارها الله أمًّا لابنه. هي تسير معنا نحو السينودس، ونحو اليوم العالميّ للشباب في باناما. فإن كانت كلماتُ نشيد تسبيحها – "القَديرَ صَنَعَ إِليَّ أُمورًا عَظيمة" - قد أرشدتنا العام الماضي وعلّمتنا أن نتذكّر الماضي، فسنحاول هذه السنة أن نصغي معها إلى صوت الله الذي يبعث الشجاعةَ ويعطي النعمةَ الضروريّة للإجابة على دعوته: "لا تخافي يا مَريَم، فقد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله". إنها الكلمات التي وجّهها الملاك جبرائيل، المُرسل من الله، إلى مريم، فتاة عاديّة من بلدة صغيرة في الجليل. كما يمكننا أن نفهم، إن ظهور الملاك المفاجئ وسلامه الغامض: "إفَرحي، أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ نِعمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ"، قد سبّبا اضطرابًا قويًّا في مريم، التي تفاجأت من هذا الكشف الأوّل عن هويّتها ودعوتها، إذ كانت تجهلهما. وعلى غرار شخصيّات أخرى من الكتاب المقدّس، ارتجفت مريم، أمام سرِّ دعوة الله، الذي يضعها في لحظة أمام عظمة مُخطّطه، ويجعلها تشعر بصغرها كخليقة متواضعة. وإذ رأى في عمق قلبها، قال لها الملاك: "لا تخافي"! إنَّ الله يرى أيضًا في أعماقنا. ويعرف جيّدًا كلّ التحدّيات التي علينا مواجهتها في حياتنا، ولا سيّما إزاء خيارات أساسيّة يتعلّق بها مصيرنا في هذا العالم. إنها "الرعشة" التي نشعر بها أمام القرارات التي تتعلّق بمستقبلنا ووضعنا ودعوتنا. ففي تلك اللحظات نضطرب وتعترينا مخاوف كثيرة.

وأنتم أيها الشباب، تابع البابا فرنسيس يقول، ما هي مخاوفكم؟ ما هو الأمر الذي يُقلقكم أكثر؟ إنَّ إحدى المخاوف "المُستترة" عند الكثيرين منكم، هي الخوف من ألا تكونوا محبوبين ومقبولين لما أنتم عليه. كثيرون هم اليوم الشباب الذين يشعرون أنّ عليهم أن يكونوا مختلفين عمّا هم في الواقع، في محاولتهم للتماشي مع معايير غالبًا ما تكون مُصطَنعة ولا يمكن بلوغها. ينقّحون صوَرَهم الشخصيّة باستمرار، ويختبئون خلف أقنعةٍ وهويّات مزيّفة، فيكادوا أن يصبحوا "زائفين". كثيرون أيضًا يستحوذ عليهم هوس الحصول على أكبر عدد ممكن من "الإعجاب". من هذا الشعور بالنقص، تولد العديد من المخاوف والشكوك. فيخاف آخرون من عدم إيجاد استقرار عاطفيّ ومن البقاء وحيدين. وإزاء هشاشة العمل، يسيطر على كثيرين الخوفُ من عدم إيجاد منصب مهنيٍّ مرضي، وعدم تحقيق أحلامهم. إنها مخاوف موجودة اليوم لدى العديد من الشباب، سواء كانوا مؤمنين أم غير مؤمنين. حتى الذين قَبِلوا عطيّة الإيمان ويبحثون بجدّية عن دعوتهم الخاصة، ليسوا معفيّين من المخاوف. قد يفكّر البعض: قد يكون أن الربّ يطلب منّي أو سيطلب منّي الكثير؛ أو ربما إن سرتُ على الدرب التي يريني إياها، لن أكون سعيدًا حقًّا، أو لن أكون على مستوى ما يطلبه منّي. ويتساءل آخرون: إن اتّبعتُ الطريق التي يريني الله إياها، من يضمن لي أنّني سأتمكّن من السير فيها حتى النهاية؟ هل سأفقد الشجاعة؟ هل سأفقد الحماس؟ هل سأكون قادرًا على المثابرة طوال حياتي؟

أضاف الأب الأقدس يقول في الوقت الذي تتزاحم فيه الشكوك والمخاوف في قلبنا، يصبح التمييز أمرًا ضروريّا، لأنه يسمح لنا بأن ننظّم أفكارنا ومشاعرنا المرتبكة، كي نتصرّف بشكل صحيح وحكيم. إنَّ الخطوة الأولى لتخطّي المخاوف، في هذه المسيرة، هي تحديدها بوضوح لكي لا نهدر الوقت والطاقة، ونكون فريسة لأشباحٍ وهميّة. لذلك أدعوكم جميعًا كي تنظروا إلى داخلكم و"تُعطوا أسماء" لمخاوفكم. اسألوا أنفسكم: في الوضع الذي أعيشه اليوم، ما الذي يزعجني، وما الذي أخشاه أكثر؟ ما الذي يعيقني ويمنعني من التقدّم؟ لماذا لا أملك الشجاعة للقيام بالخيارات المهمّة التي عليَّ القيام بها؟ لا تخافوا من أن تنظروا بصدق إلى مخاوفكم، وأن تعترفوا بها كما هي، وأن تواجهوها. إنَّ الكتاب المقدّس لا ينكر الشعور البشريّ بالخوف ولا الأسباب العديدة التي يمكنها أن تُسبِّبه. إبراهيم قد خاف (را. تك 12، 10)، ويعقوبُ خاف (را. تك 31، 31؛ 32، 8)، موسى خاف أيضًا (را. خر 2، 14؛ 17، 4)، وبطرس (را. متى 26، 69) والرسل (را. مر 4، 38- 40؛ متى 26، 56). يسوع نفسه، وإن كان بشكل بسيط، قد شعر بالخوف والضيق (را. متى 26، 37؛ لو 22، 44).

تابع الأب الأقدس يقول "ما لَكم خائفينَ هذا الخَوف؟ أَإِلى الآنَ لا إِيمانَ لَكم؟" (مر 4، 40). إنَّ تذكير يسوع هذا للتلاميذ يجعلنا نفهم كم أن العائق أمام الإيمان، غالبًا ما لا يكون عدم الإيمان، إنما الخوف. وبالتالي بعد أن نكون قد حدّدنا مخاوفنا، يجب على عمل التمييز أن يساعدنا على تخطّيها وأن يفتحنا على الحياة لنواجه بسلام التحدّيات التي تواجهنا. بالنسبة لنا نحن المسيحيّين خاصة، لا يجب أن تكون الكلمة الحاسمة للخوف، إنما عليه أن يكون فرصة لإظهار إيماننا بالله... وبالحياة أيضًا! هذا يعني أن نؤمن بالصلاح الأساسيّ للحياة التي وهبنا الله إياها، وأن نثق أنّ الله يقود إلى نهاية جيّدة حتى عبر ظروف ومصاعب غالبًا ما تكون غامضة بالنسبة لنا. أمّا إن غذَّينا المخاوف، فسنميل إلى الانغلاق على أنفسنا، وخلق الحواجز للدفاع عن أنفسنا من كلّ شيء ومن الجميع، وسنصاب بالشلل. علينا أن نتفاعل! وألا ننغلق على أنفسنا أبدًا! نجد في الكتاب المقدّس ثلاث مئة وخمس وستين مرّة عبارة "لا تخف"، بجميع مشتقاتها. كمن يقول إنّ الربّ يريدنا أحرارًا من الخوف جميع أيام السنة. 

أضاف البابا فرنسيس يقول يصبح التمييز ضروريًا عندما يتعلّق الأمر بالبحث عن الدعوة الشخصيّة. في الواقع، غالبًا ما لا تكون الدعوة واضحة على الفور أو جليّة ولكننا نفهمها شيئا فشيئا. لذلك لا يجب فهم التمييز، في هذه الحالة، على أنه جهد فرديّ من المراجعة الذاتيّة، يهدف لمعرفة أفضل لآليّاتنا الداخليّة كي نتقوّى ونبلغ توازنًا معيّنًا. يمكن للشخص، في هذه الحالة، أن يصبح أقوى ولكنه يبقى منغلقا في الأُفق المحدود لإمكانيّاته ووجهات نظره. أما الدعوة فهي دعوة من العلى، ويقوم التمييز، في هذه الحالة، على الانفتاح خاصةً على الآخر الذي يدعو. وبالتالي من الضروري عيش صمت الصلاةِ للإصغاء لصوت الله الذي يتردّد صداه في الضمير. فهو يقرع على أبواب قلوبنا، كما فعل مع مريم، ويرغب في أن يقيم صداقة معنا من خلال الصلاة، وأن يكلّمنا من خلال الكتاب المقدّس، ويَهبنا رحمته في سرّ المصالحة، ويتّحد بنا في الشركة الافخارستية. لكنَّ المهمّ أيضًا هو المواجهة والحوار مع الآخرين، إخوتنا وأخواتنا في الإيمان، الذين يملكون خبرة أكبر ويساعدوننا لكي نرى بشكل أفضل، ونختار من بين الخيارات المختلفة. عندما سمع صموئيل الشاب صوتَ الربّ، لم يتعرّف عليه فورًا، ولثلاثة مرات ركض إلى عالي، الكاهن الشيخ، الذي قدّم له في النهاية الجواب الصحيح على دعوة الربّ: "إِن دَعاكَ أَيضًا، فقُل: تَكلَم، يا رَبّ، فإِنَّ عَبدَكَ يَسمعَ" (1 صم 3، 9). اعلموا، في شكوكِكم، أنه بإمكانكم الاعتماد على الكنيسة. أعرف أن هناك كهنة، ومكرّسون ومكرّسات، ومؤمنون علمانيّون، صالحون، وكثيرون منهم هم شباب أيضًا، وباستطاعتهم كإخوة وأخوات أكبر في الإيمان أن يرافقونكم؛ وإذ يحرّكهم الروح القدس، سيعرفون كيف يساعدونكم على فهم شكوكِكم وقراءة مخطط دعوتكم الشخصيّة. إن "الآخر" ليس المرشد الروحي وحسب، بل هو أيضًا من يساعدنا على الانفتاح على كلّ الغنى اللامتناهي للحياة التي وهبنا الله إياها. من الضروري أن نَفتَح فسحات في مدننا وجماعاتنا لكي ننمو ونحلم وننظر إلى آفاق جديدة! لا يجب أن نفقد أبدًا طعم التمتّع باللقاء والصداقة، طعم أن نحلم معًا، أن نسير مع الآخرين. إنَّ المسيحيين الحقيقيّين لا يخافون من الانفتاح على الآخرين، ومن مشاركتهم أماكن عيشهم الخاصة محوّلين إياها إلى فسحات أخوّة. أيّها الشباب الأعزاء، لا تسمحوا، لِشرارة الشباب بأن تنطفئ في ظلام غرفة مغلقة، نافذتها الوحيدة لرؤية العالم هي نافذة الكمبيوتر والهاتف الذكي. شرِّعوا أبواب حياتكم! لتكن فسحاتكم وأوقاتكم عامرة بأشخاص ملموسين، وعلاقات عميقة، تتقاسمون معهم خبرات أصيلة وحقيقيّة من حياتكم اليوميّة.

تابع الأب الأقدس يقول "لقد دعوتُك باسمِك" (أش 43، 1). أوّل سبب لعدم الخوف هو بالتحديد أن الله يدعونا بأسمائنا. إنَّ الملاك، المُرسل من الله، قد دعا مريم باسمها. سلطة إعطاء الإسم هي لله؛ وفي عمل الخلق، دعا الله إلى الوجود كلَّ خليقة باسمها. خلف الاسم هناك هويّة، أي ما هو فريد في كلّ شيء وفي كلّ شخص، ذاك الجوهر الذي وحده الله يعرفه بعمقه. لقد شارك الله الإنسان فيما بعد بهذا الامتياز الإلهي، وسمح له بأن يُعطي الأسماء للحيوانات، والطيور، ولأبنائه أيضًا (تك 2، 19- 21؛ 4، 1). ثقافات عديدة تتشاطر هذه الرؤية البيبليّة العميقة فترى في الاسم الكشف عن السرّ الأعمق للحياة، وعن معناها. عندما يدعو الله شخصًا باسمه، يكشف له في الوقت عينه دعوته ومشروع القداسة والخير، الذي سيصبح من خلاله هذا الشخص عطيّة للآخرين، والذي سيجعله فريدًا. وعندما يريد الربّ أيضًا أن يوسّع آفاق شخص ما، يختار أن يعطي المدعوَّ اسمًا جديدًا، كما فعل مع سمعان، إذ سمّاه "بطرس". ومن هنا جاءت عادة اتخاذ اسم جديد عند دخول الدير، للإشارة إلى هويّة جديدة ورسالة جديدة. لكونها شخصيّة وفريدة تتطلّب الدعوة الإلهيّة منّا شجاعة التحرّر من وطأة التماثل النمطيّة، لكي تصبح حياتنا حقّا عطيّة فريدة لا تتكرّر، لله والكنيسة والآخرين. أيّها الشباب الأعزاء، أن نكون مدعوّين باسمنا هو بالتالي علامة لكرامتنا العظيمة في عينيّ الله، ولمحبّته الكبيرة لنا. إنَّ الله يدعو كلاً منكم باسمه. أنتم "أنتَ" الله، ثمينون في عينيه، وجديرون بالتقدير ومحبوبون (را. أش 43، 4). فاقبلوا بفرح هذا الحوار الذي يقترحه الله عليكم وهذه الدعوة التي وجّهها إليكم داعيًا إيّاكم بأسمائكم.   

أضاف البابا فرنسيس يقول إن السبب الرئيسيّ الذي يمنع مريم من الخوف، هو أنها نالت حظوة عند الله. إنَّ الكلمة "حظوة" تحدّثنا عن محبّة مجّانية، غير مُستحقّة. إنّه لأمر مُشجِّع لنا أن نعرف أنه لا يجب علينا أن نستحق قرب الله ومعونته من خلال تقديم "سيرة امتياز" مسبقة، مملوءة بالجدارة والنجاح! قال الملاك لمريم إنها قد نالت حظوة عند الله، لا أنها سوف تنالها في المستقبل. وصيغة كلام الملاك نفسها تُفهمنا أن النعمة الإلهيّة هي استمراريّة، وليست أمرًا عابرًا أو مؤقّتًا، ولذا فهي لن تنقص أبدًا؛ وأنَّ نعمة الله ستعضدنا في المستقبل أيضًا، لا سيّما في أوقات المحن والظلام. إنَّ الحضور الدائم للنعمة الإلهيّة يشجّعنا لكي نعانق بثقة دعوتنا التي تتطلّب التزام أمانة ينبغي تجديده يوميّا. إنَّ درب الدعوة ليست خالية من الصلبان: إذ لا توجد الشكوك الأولى وحسب، إنما التجارب المتكرّرة أيضًا التي نواجهها طيلة الدرب. إنَّ الشعور بالعجز والقصور يرافق تلميذ المسيح حتى النهاية، ولكنّه يعلم أن نعمة الله تعضده. إنَّ كلمات الملاك تنزل على المخاوف البشريّة فتحلُّها بقوّة البشرى السارة التي تحملها: إن حياتنا ليست صدفة أو مجرّد كفاح للعيش، بل كلّ واحد منّا هو قصّة محبوبة من الله. أن نكون "قد نلنا حظوة عندِ الله" يعني أن الخالق يرى في كياننا جمالاً فريدًا ولديه مخططًا رائعًا لحياتنا. هذا الإدراك، لا يحلّ بالطبع كلّ المشاكل ولا يزيل أيضًا شكوك الحياة، ولكنّه يملك القوّة على تحويلها في العمق. إنَّ المجهول الذي يخبّئه لنا الغد، ليس تهديدًا مُظلمًا علينا أن ننجو منه، بل هو وقت مناسب يُعطى لنا كي نحيا فرادة دعوتنا الشخصيّة ونشارك بها إخوتنا وأخواتنا في الكنيسة والعالم.

تابع الأب الأقدس يقول من الثقة بأن نعمة الله معنا، تأتينا القوّة للتحلّي بالشجاعة في الحاضر: شجاعة لنقوم بما يطلبه الله منّا، هنا والآن، وفي جميع أُطر حياتنا؛ شجاعة معانقة الدعوة التي يرينا الله إياها؛ شجاعة عيش إيمانًا دون إخفائه أو تقليصه. نعم، عندما ننفتح على نعمة الله، يصبح المستحيل حقيقة. "إِذا كانَ اللّهُ معَنا، فمَن يَكونُ علَينا؟" (روم 8، 31). إن نعمة الله تلمس حاضر حياتكم، "تأخذكم" هكذا كما أنتم، مع كلّ مخاوفكم ومحدوديّاتكم، لكنها تكشف أيضًا مخططات الله الرائعة! أيها الشباب، أنتم بحاجة لأن تشعروا بأن هناك من يثق بكم حقّا: تعلمون أنّ البابا يثق بكم، وأن الكنيسة تثق بكم! لذا، ثقوا بالكنيسة! لقد عُهِدَ إلى مريم الشابّة برسالة مهمّة لأنها كانت شابّة. وأنتم أيّها الشباب لديكم القوّة، وتعيشون إحدى مراحل الحياة التي لا تنقص فيها الطاقة بالتأكيد. استخدموا هذه القوّة وهذه الطاقة من أجل تحسين العالم، بدءًا من الواقع الأقرب إليكم. أرغب في أن يُعهد إليكم في الكنيسة بمسؤوليّات مهمّة، وأن يكون هناك شجاعة في إفساح المجال لكم؛ أما أنتم، فتحضّروا لحمل هذه المسؤوليّات.

أضاف الحبر الأعظم يقول أدعوكم للتأمّل مجدّدًا بمحبّة مريم: محبّة متنبّهة وديناميكيّة وملموسة. محبّة مفعمة بالجرأة وتتوق نحو هبة الذات. إن الكنيسة التي تسودها هذه المزايا المريميّة ستكون على الدوام كنيسة "في انطلاق"، تتخطّى محدوديّاتها وحدودها لتسمح للنعمة التي نالتها بأن تفيض. إن سمحنا لمَثَل مريم أن يَعدينا، فسوف نحيا بطريقة ملموسة تلك المحبّة التي تدفعنا إلى محبّة الله فوق كلّ شيء، وإلى محبّة الأشخاص الذين نشاركهم الحياة اليوميّة. وسنحبّ أيضًا مَن قد يبدو لنا من الصعب محبّته. إنها محبّة تصبح خدمة وتفاني، لا سيّما تجاه الأضعف والأشد فقرًا، وتحوِّل وجوهنا وتملؤنا بالفرح. أودّ أن أختم بكلمات القدّيس برناردوس الجميلة في إحدى عظاته الشهيرة حول سرّ البشارة، كلمات تعبّر عن انتظار البشريّة جمعاء لجواب مريم: "لقد سمعتِ أيتها العذراء، ستحبلين وتلدين ابنًا؛ لقد سمعتِ أن ذلك لن يحدث بتدخّل رجل، إنما بفعل الروح القدس. إنَّ الملاك ينتظر الجواب؛ ونحن أيضًا أيتها السيّدة ننتظر كلمة شفقة. لأنّه بجوابك المختصر، سنتجدّد ونعود إلى الحياة. إنَّ العالم بأسره ينتظر، ساجدًا عند ركبتيك. أيتها العذراء، أعطِ جوابك بسرعة".

وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيّها الشباب الأعزّاء، إن الربّ والكنيسة والعالم ينتظرون أيضًا جوابكم على الدعوة الفريدة لكل واحدٍ منكم في هذه الحياة! وفيما يقترب اليوم العالميّ للشباب في باناما، أدعوكم لكي تتحضّروا لموعدنا هذا بفرحِ وبحماسِ مَن يريد المشاركة بمغامرةٍ كبيرة. إنَّ اليوم العالمي للشباب هو للشجعان! وليس لشباب يبحثون فقط عن الراحة ويتراجعون أمام المصاعب. أتقبلون التحدّي؟      

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6161 ثانية