الجزء الأول.... المقدمة …..
الرجاء قراءة المقالة بكل أجزاءها …..
على مدار سنوات عديدة و الشعب المسيحي إما هو بغالبيته متابعاً بشغفٍ شديد و ترقب كبير أو بأقليته مُشارك بحضور فاعل وإيمان عميق و فرح كبير في ما يدعوا اليه و يرعاه البعض بتنظيم رائع و إعلام محترف من فعاليات إيمانية متنوعة بدءاً من قداديس روحية و صلوات مشتركة مروراً بإجتماعات مُغلقة و مُؤتمرات إعلامية تدعوا جميعها الى وحدة الطوائف المسيحية و رصد الصفوف لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب المسيحي الذي يتعرض الى إبادة جماعية تلوح بوادرها في الأفق …..إن هذه الفعاليات الوحدوية وما يتخللها من تلاقح للأفكار و تبادل للأراء من خلال الزيارات و اللقاءات والمناقشات المكثفة و المستفيضة للسبل و الإجراءات الكفيلة بتحقيق الوحدة بين الطوائف المسيحية كل ما نخرج به في ختامها هو أن نَستمع فقط الى بيانات تَتَقَطرُ منها المَحَبة مدراراً وكذلك الإِيمان و الأُخوة بكلمات مُنَمَقَة مُصاغة بإحترافية فقط..‼‼ و لكن من غير أن تَتَحَقَق الوحدة في أبسط بداياتها المُتَمَثِلة بتوحيد الإحتفال بعيد القيامة على أقل تقدير مثلا.....و رغم كل هذه السنوات العديدة التي مرت بما حملته من فعاليات تحت شعار توحيد الطوائف المسيحية. لم يفكر أحد ممن يشارك في هذه الفعاليات بأي صفة كانت أو حتى من متابعيها على أقل تقدير في البحث عن سبب عدم تحقيق الوحدة و رص الصفوف….بما يثبت أن الفشل كان و ما يزال و ربما سوف يبقى هو المرافق لها دائما حتى أن الشعب المسيحي بدأ يستغرب جدا الصمت في مناقشة هذه الحالة المزمنة و يتساءل في سره و هو يرى أن الأقلام يجِفُ مِدادُها و الصحائِف تُطوى صَفحاتها و الحناجر تصمت راغبة أو مرغمة ( و كل له أسبابه ) لكن لا أحد يتجرأ لمناقشة أسباب هذا الفشل علناً و الذي لا يخفى على أحد، لكن بل شك أن الأغلبية من المهتمين بالشأن المسيحي و من رواد الفكر و العلمانيين و الكتاب يُحجِم عامداً أو راغباً عن الكتابة و محاورة المجتمعين عما يدور في الجلسات المغلقة للبحث عن نقاط الخلاف و أسباب الفشل و كيفية معالجته….....
و الأغلبية الذين يَتحاشَون الكتابة عامدين مُتَعَمدين فيما يعتقدون أنه تجاوز للخطوط الحمراء و يترددون مُعتَقدين ان هذا ربما يُعَدُ عليهم تَدَخلاً غير مُستساخ في أُمور لا يفقهون فيها و لا تعنيهم البته. و الأهم ربما أنهم لا يكتبون لتَيَقُنِهِم من أن كتابتهم سَوف تُلحِق الضرر بعلاقاتهم الشخصية بأصحاب الغِبطة و السيادة لذلك يرون بالصمت على أنه الحل الأفضل و إن عدم الخوض فيما يعكر صفو العلاقات الشخصية هو التصرف الأمثل لهم حتى و إن كان في صِمتهم هذا طمس للحقيقة التي لا تُخفى عنهم ...‼‼ و البعض يقف مَرعوبا مُفَضِلاً تجاهل الأحداث من حوله تجنباً للإتهامات التي قد تطاله بالإلحاد ربما….‼‼ أو الخروج من الملة قطعاً ،إن تجرأ و خَطَ سهواً……‼‼ بِضعُ كلمات بما لا يَتوافَق مع آراء و توجهات أصحاب الغِبطة و السيادة لذلك يَتحاشون الإصطدام الذي قد تسببه لهم أرائهم مع المؤمنيين جدا جدا و الذين يُصِرون على أن لا يرون الأمور و الأحداث بعين المنطق الذي يناقش الوقائع وصولاً الى الحقائق و لكنهم ينظرون اليها بعين المرائي المنافق الذي يطمس الحقائق بهدف الإنتهازية التي تحركهم تحقيقاً لمآربهم و ترسم لهم خطواتهم نحو التسلق وصولاً الى جَنة مَسح الأكتاف و تقبيل الأيادي ……
و البعض مُتَيَقن أن كل كتاباتهم لن تجد لها آذان صاغية لتقييمها و التَبَصُرَ فيها إن كانت تُصيب الحقيقة أو تبتعد عنها... و إنها مهما كانت فإنها تبقى كما الحَصاة الصغيرة التي تُلقى في بحر مُتلاطم الأمواج فهي لا تزيد التلاطم و تُقَلِلَه و لا تغير من مسارات تقاذف الأمواج و إن جل ما تفعله أن تختفي فيه حال إلقائها….. أو أن كلماتهم ما هي إلا مجرد نسمات رقيقة و همسات للحقيقة التي تواجه عواصف من النفاق المُتَمَكن …. و رغم ذلك فإن طَفَحَ الكَيل و بَلَغَ السَيل الزُبى فلابد من الكتابة و طرح الأفكار التي بالتأكيد سوف تصل بطريقة ما الى حيث تَستَهدِف الوصول …‼‼‼
إن كل هذه الفعاليات بدون إستثناء و بما لا يقبل الشك قد باءت جميعها بالفشل الذريع الى الدرجة التي جعلت البعض من أبناء شعبنا المسيحي يستهزأ سراً و يستهجن أمتعاضا و يستهين إقتناعاً بأن هذه الفعاليات الروحية و المهرجانات لن تُحَقِق الوحدة المنشودة بسبب تسرب الشك الى النفوس من عدم جديتها و إختفاء الرغبة الصادقة بتحقيق أهدافها بل أن الشعب المسيحي ربما بات مقتنعاً أنها لن تَرُصَ الصفوف المتباعدة وقد تزيد ربما من حالة تباعدها و التشرذم و الضعف الذي أصبح واضح للعيان و يرى فيها أنها إنما هي محاولات مكشوفة للضحك على الذقون ليس إلا أو من أجل ذر الرماد في العيون .. و إنها عوضاً من أن تثبت القيم المسيحية من أجل أن يرتقي بها بالشعب المسيحي الى حيث يجب أن يكون و على ضوئها تُعيد تَرميم الكنيسة و تُعيد لها بَهائِها و رَونَقها و تَأثيرها فإنها على العكس من ذلك زلزلت القيم في النفوس و جعلت الكنيسة أهون من بيت العنكبوت يُمكن للبعض الإستغناء عن دورها مقابل حصة غذائية و بضع من وريقات خُضر لذلك فإنه عوضاً من أن تُقَوي إرادة الشعب المسيحي في مواجهة التحديات و المعاناة فإنها أضعفت الشعب أكثر و أكثر و جَعَلَتهُ مَرعوبا من المستقبل الذي ينتظره…
و لكن ما لا يمكن غض البصر عنه و السكوت عنه فإن كل هذه الفعاليات و في مقدمتها صلوات الوحدة قد كشفت بشكل واضح و جلي عن مدى تَمَكُن الرَغبَة الجامِحة على قِمَمْ الأهرام الطائفية الذين يَرتَقوّن المَذابح تَقديساً باسطين الأيادي مُتَضرعين صادحين بالصوت مُرَنمين و مُصلين و يتصدرون المجالس مُتواضِعين و واعظين و تَسَلُطَ هذه الرغبة الجامحة على قراراتهم التي تَكشف بشكل واضح عن مدى تشبثهم بالكراسي و المناصب و كشفت أنهم الأكثر إصراراً على إستمرار تفرقة الكنيسة المسيحية و تعزيز الطائفية فيها و إن لا رغبة مُخلصة و صادقة تجمعهم من أجل تحقيق الوحدة المسيحية و ليس في هذا أي إتهام أو تجريح ( لا سمح الله ) بل أن القراءة المتنأنية لكل الأحداث و بالإستناد الى واقع الحال المُزري الذي يَعصُف بالشعب المسيحي يرغمنا الى الإعتراف بهذه الحقيقة شاء من شاء و أبى من أبى… لذلك يُصبِحُ لزاماً مُناقشة التَحديات التي بدأت تُشَتِتُ شمل هذا الشعب المسالم الأصيل. والذي يستحق أن يكون هناك تنازلات متبادلة تقدم من قبل قِمَم الأهرام الطائفية بعضهم لبعضٍ من أجل منح الشعب المسيحي نبضة مَحبة مُحملة بالتفاؤل بغدٍ تشرق فيه أنوار الآمل بمستقبل أفضل من واقعه الحالي..
يتبع …..الجزء الثاني
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 16 / آذار / 2019