الرجاء قراءة الجزء الأول من المقالة …..من أجل أن تتوضح الأفكار …..
إن شعبنا المسيحي برمته بلا شك يعلم أن الرب قد قال في إنجيل متى 18/ 18ــ 20 ( الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ. وَ أَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ ).وهذا القول ليس بطلسم يستحيل فك شفرته و ليس بلغز يصعب تحليل رموزه بل إنه أوضح ما يكون بل هو مفهوم جدا لمن لا يزالون بعد في الإيمان أطفالاً و لا يحتاج الى أي تفسيرات لاهوتية و دراسات إيمانية مُعَمَقة حتى نكتشف ماذا يعني المسيح الرب بقوله هذا.. إنه ببساطة شديدة يعلن أنه قد مَنح السلطة الكاملة مع وعد حقيقي لكل إثنين أو أكثر إتفقا في شيئ يطلبانه فإنه يكون لهما من الرب لكنه إشترط أن يكون الإجتماع بإسمه ليكون في وسطهم لأجلهم ليَمِدَهُم بِحكمَة و تواضع منه وليَشهَد عليهم …و أعتقد أن لا إعتراض لأحد على هذا الشرط….‼
لكن ولأن الشعب المسيحي قد ضَجَرَ و أصابه المَلَل و هو يشهد تكرار حالات الفشل الذي أصبح ملازماً و كأنه مرضاً مُزمِنا أصاب كل الفعاليات الداعية الى وحدة الكنيسة المسيحية و كأن صلوات المُصَلين غير مقبولة و تضرعاتهم غير مُستجابة و ترانيمهم غير مسموعة و إن كلمات و وعود المُجتمعين بَعضهم لبعضٍ تبدوا و كأنها هباءً منثورا لا قيمة لها في لقائتهم…رغم الخطب العلنية البليغة الرنانة….
لذا يصبح من حق الشعب أن يناقش و يتحاور ليكتشف الأسباب التي تؤدي الى الفشل المستمر خاصة و إنه لا يتأخر عندما توجه الدعوة اليه لان يَسجُد و يَركَع و يَتَضَرَع و يُرَتِل بكل الفرح و الإيمان والأمل…و رغم ذلك لا يتحقق مراده و يتلاشى أمله يوما بعد آخر و صلاة بعد أخرى…حتى أصبح ربما في سره يُعاتب الرب في لحظة الضعف و بكل الخوف و الورع أن لماذا لا يَستجيب الرب لتضرعاته و لا يقبل صلواته …. أم أن الرب لا يريد أن تَتَوَحَد كنيسته التي أسسها على صخرة واحدة ..؟؟؟؟ ( حاشا له ذلك ) أم أنه لا يحترم وصاياه و وعوده لشعبه و لم يَصدُقَ معه بما قال له ….‼!( حاشا له ذلك )…و الإحتمالين غير واردين لأن الرب أسس كنيسة واحدة لأنه أرادها أن تبقى كنيسة واحدة و لأنه دائماً يصدق في وعوده لشعبه ….
لذلك يصبح واجباً جائزا في البحث عن أسباب أخرى تكمن فيها هذه المُعضلة التي ألمت بالشعب المسيحي…فهل يا ترى أن الرب لا يكون حاضرا مع أصحاب الغبطة و السيادة في إجتماعاتهم المُغلقة..‼‼ أم أنهم لا يتفقون على ربط و حل ما يحتاج الى ربط و حل…‼‼ أم انهم يضمرون في بواطنهم رغبات أخرى خلاف ما يعلنون..‼! و لا يطلبون من الرب ما يصلي الشعب لأجله…‼‼ و هذه الإحتمالات ورادة جدا مع…..
و لأن ما لا يمكن أن يختلف عليه إثنان هو أن الرب لم يكن مطلقاً طرفاً في إنقسام الكنيسة على نفسها ولم يكن بالتأكيد راضياً عنه بل أن الإنقسام كان بسبب أسلاف القِمَم الطائفة الحالية حيث كان حينها أُولَئِكَ الأسلاف يتسابقون متباهين في إستحداث الكراسي الطائفية خدمة لمصالحهم تحت حجج متنوعة منها لاهوتية أو طقسية أو حتى في أدنى درجاتها تاريخية ( تقويمية )….و يوم قرروا الإنقسام المشؤوم لم يُصَلوا و لم يَسجِدوا و لم يُرَتِلوا و لم يطلبوا المُعَزي ليعينهم و يَمُنَ عليهم بحكمة الأنقسام بل كانوا يتصارعون حول أرائهم الشخصية و رغباتهم الدنيوية يخفونها خلف إجتهادات لاهوتية و تفسيرات إيمانية …‼‼
فلما اليوم نشهد هذا الإصرار في طلب الحلول من الرب في شأن تم إقحامه فيه عنوة و لم يكن راغبا في حدوثه و لا مسؤولاً عن تداعياته…و كأنما القرار هو بإرادته وحده و يجب عليه أن يوحي لهم بان ينبذوا التفرقة و يتفقوا على الوحدة و كأنهم غير قادرين على فعل هذا الأمر إلا بأمر من الرب و بالتالي تصبح هذه الفعاليات و القداديس و الصلوات و السجود و الركوع و كأنها محاولة تقديم ( رشوة ) روحية للرب …‼‼‼ بكلمات إيمانية مشبوهة و تضرعات مُرَنَمة لإستدراجه لأن يوافق على وحدة كنيسته….و هي بذات الوقت تأكيد إلقاء مسؤولية إستمرار التفرقة على كاهل الرب و تبرئة القِمم الطائفية من مسؤولية التشرذم المسيحي …..لذا و بما لا يقبل الشك فإنه يمكن الإستنتاج أن كل هذه الصلوات و اللقاءات و الزيارات إنما هي من أجل ان تَتَغابَطوّن الواحد للآخر حتى تدوم الغِبطَة عليكم و تدوم الفرقة والتشتت على الشعب بفضلكم…
يتبع …… الجزء الثالث
بعيدا عن بغديدا 18 / آذار / 2019