قناة عشتار الفضائية
 

البابا يتحدث للصحفيين في طريق عودته إلى روما متطرقا إلى زيارته الرسولية ومسألة الهجرة والعلاقات الأخوية مع الكنائس الأرثوذكسية

 

عشتارتيفي كوم- أخبار الفاتيكان/

 

في طريق عودته من أثينا إلى روما مختتما زيارته الرسولية الخامسة والثلاثين خارج الأراضي الإيطالية كان للحبر الأعظم لقاء مع الصحفيين على متن الطائرة البابوية، تطرق خلاله إلى مجموعة من القضايا مجيبا على أسئلة الصحفيين وتناول زيارته إلى قبرص واليونان ومسألة الهجرة فضلا عن العلاقة الأخوية بين الكاثوليك والأرثوذكس.

 

استهل البابا حديثه للصحفيين متطرقا إلى لقائه مع رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان للكنيسة الأرثوذكسية إيرونيموس الثاني، ولفت إلى أنه طلب منه المغفرة على كل الانقسامات التي حصلت بين المسيحيين على مر العصور، خصوصا على ما قام به الكاثوليك. وأوضح أن هذه الأخطاء حصلت أيضا خلال حرب الاستقلال عندما اصطف بعض الكاثوليك إلى جانب الحكومات الأوروبية كي لا تنال اليونان استقلالها، ومنهم من دافعوا عن الاستقلال وماتوا من أجل بلادهم. وذكّر فرنسيس بأن الله لا يتعب إطلاقا من المغفرة، لكننا نحن البشر نتعب من طلب المغفرة من الأخوة، خوفا من الخجل والذل، مشددا على أن عالمنا اليوم يحتاج إلى مواقف الذل وطلب المغفرة، إزاء العديد من الحروب والأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يُقتلون. كما لا بد أن نطلب المغفرة على المآسي التي يعيشها المهاجرون، وإزاء فضحية موت العديد منهم غرقا في البحر. فيما يتعلق بالحوار المسكوني شدد البابا على ضرورة أن تسير الكنائس معاً، خصوصا وأن كلمة "سينودس" تعني السير معاً، مشيرا إلى أن الكنائس الشرقية الكاثوليكية والأرثوذكسية حافظت على السينودسية، في وقت نسيتها الكنيسة اللاتينية، لغاية البابا بولس السادس الذي استعاد المسيرة السينودسية، لأربع وخمسين أو ست وخمسين سنة خلت.

ردا على سؤال حول الديمقراطية التي بدأت تنحسر في أوروبا – كما جاء في خطابه إلى السلطات المدنية في اليونان – قال البابا فرنسيس إن الديمقراطية هي كنزٌ للحضارة لا بد من الحفاظ عليه. وينبغي أيضا أن نحافظ على ديمقراطية الآخرين. وقال إنه يرى اليوم خطرا محدقا بالديمقرادية وهو الشعبوية، التي بدأت تظهر في مختلف البلدان الأوروبية، وذكّر في هذا السياق بأن النازية كانت شعبوية تدافع عن القيم الوطنية، كما ادّعت، وتمكنت من القضاء على الديمقراطية، وتسببت بموت الناس. واعتبر البابا أنه لا بد أن تتنبه الحكومات اليوم لمخاطر الشعبوية، التي لا تمت بصلة إلى التعبير الحرّ عن الشعوب، وعن هويتها وقيمها وفنّها. وهذا الأمر يؤدي إلى إضعاف الديمقراطية.

في سياق حديثه عن ظاهرة الهجرة أكد البابا أن ثمة العديد من الأشخاص الذين يريدون التصدي للهجرة، فيُقدمون على بناء الجدران أو وضع الأسلاك الشائكة من أجل منع المهاجرين من الدخول إلى بلدانهم. وقال إنه يدعو كل واحد من هؤلاء الأشخاص إلى وضع نفسه مكان المهاجر، عندما يحاول الهروب من أرضه فيرى أمامه الجدران. ولفت فرنسيس إلى أن من يبنون هذه الجدران يفقدون معنى التاريخ، معنى تاريخهم الخاص، مذكرا بأن العديد من الأشخاص الذين يبنون الجدران اليوم كانوا يوماً ما عبيداً. وأضاف أن كل حكومة يمكن أن تقول بوضوح إنها لا تستطيع أن تستقبل عددا من المهاجرين يفوق طاقتها على الاستيعاب. وهذا هو حقُّها. لكن في الوقت نفسه لا بد أن يحظى المهاجرون بالاستقبال وأن يرافَقوا ويُدمجوا في المجتمع. وأكد البابا أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يلعب دورا في هذا السياق لأنه قادر على تنسيق عملية توزيع المهاجرين، بين مختلف الحكومات. وقال إن فكره يتجه نحو قبرص واليونان، وأيضا جزيرة لامبدوزا الصقلية، حيث يصل المهاجرون ولا يوجد تنسيق بين الدول الأوروبية من أجل توزيعهم، مع الأخذ في عين الاعتبار أهمية السعي إلى دمج المهاجرين في المجتمعات المضيفة كي لا يتحولوا إلى غيتوهات.

ولفت فرنسيس إلى أن عملية الاندماج تتم من خلال التربية والعمل والرعاية، مع أن استضافة المهاجرين ليست بالمهمة السهلة، لكن لا بد من إيجاد حلول لهذه المشاكل، من أجل إنقاذ حضارتنا. ومن الأهمية بمكان أن يحصل توافق حول هذا الموضوع بين ممثلي الحكومات الأوروبية. وذكّر البابا في هذا السياق بأن السويد كانت نموذجا للضيافة والاندماج إذ استقبلت مهاجرين من أمريكا اللاتينية فروا من الأنظمة الدكتاتورية في تشيلي، الأرجنتين، البرازيل وأوروغواي، وقامت بدمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع. وتوقف البابا هنا عند مأساة أخرى غالبا ما يتعرض لها المهاجرون، عندما يقعون في فخ المنظمات الإجرامية. وأضاف أنه عندما يُعثر على هؤلاء المهاجرين في البحر تتم إعادتهم إلى السواحل الليبية، مشددا على ضرورة مرافقتهم كي لا يُتركوا ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم.

في معرض إجابته على سؤال بشأن وضع العلاقات بين الكاثوليك والأرثوذكس، واحتمال أن يلتقي ببطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل، قال البابا إن هذا اللقاء يلوح في الأفق غير البعيد، موضحا أن المتروبوليت هيلاريون سيزور روما الأسبوع المقبل إعداداً لهذا الاجتماع المرتقب. وعبر فرنسيس عن استعداده للذهاب إلى موسكو ليتحاور مع أخيه كيريل. وقال إن أخوته الأرثوذكس هم كيريل وكريزوستوموس وإيرونيموس، الذين يلتقون به ويتحاورون معه بصدق وصراحة لأن الجميع أبناءٌ لأم واحدة، هي الكنيسة. وشدد الحبر الأعظم في الختام على ضرورة العمل معا والسير سويا في إطار الوحدة ومن أجل الوحدة، قائلا إن اللاهوتيين مدعوون إلى مواصلة نقاشاتهم لكن في الوقت نفسه لا بد أن نسير معاً، ونصلي معا ونمارس أعمال المحبة معا، على غرار التعاون القائم في المشاريع الخيرية بين الكاثوليك واللوثران في السويد.