قناة عشتار الفضائية
 

البابا فرنسيس يشدد على ضرورة قيام العلم على الأخلاقيات وتحرره من التأثيرات السياسة أو الاقتصادية

 

عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/

كانت التساؤلات الأخلاقية والاجتماعية التي يطرحها البحث العلمي والذكاء الاصطناعي محور كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم وفدا من جمعية المانية لمعاهد البحث العلمي.

استقبل البابا فرنسيس الخميس وفدا عن Max Planck Gesellschaft وهي جمعية غير ساعية للربح تجمع معاهد المانية للبحث العلمي. وفي كلمته إلى ضيوفه شكرهم الأب الأقدس على هذه الزيارة التي تُمَكنه من تثمين الكرسي الرسولي للبحث العلمي، وأيضا لتعزيز الجمعية للعلم وهو المجال الذي تعمل فيه المعاهد أعضاء الجمعية في خدمة معرفةٍ أكثر تعمقا ودقة. ثم أراد البابا فرنسيس تشجيع الجمعية على الاحتفاظ، وكما فعلت دائما، بمعايير أكثر ارتفاعا كي تظل العلوم متحررة من تأثيرات غير ملائمة سواء سياسية أو اقتصادية. وشدد قداسته على أن هذا أمر ضروري بالنسبة لكل مراحل العمل العلمي، من البداية حتى مرحلة تحديد النتائج واستخدامها. وتحدث البابا هنا عن أهمية الحفاظ في زمننا هذا على ما وصفه بالعلم النقي وإنماء دعمه قدر الإمكان. وأضاف أنه، وبدون إنكار أهمية العلوم التطبيقية، فمن الضروري الوعي بكون العلم النقي خيرا عاما يجب لنتائجه أن تكون في خدمة الصالح المشترك.

هذا وتطرق البابا فرنسيس في كلمته إلى ما يُعرف بالفكر المهجَّن، أي ذلك المزيج بين الحيوي وغير الحيوي والذي يمكن أن يجعل الذكاء الاصطناعي يحل محل الإنسان، وهو أمر يطرح تساؤلات فائقة الأهمية على الصعيدين الأخلاقي والاجتماعي. وتابع الأب الأقدس مشيرا إلى على ضرورة أخذ بعين الاعتبار أن المزج بين القدرات الإدراكية للبشر والكفاءات الحاسوبية للآلات يمكنه أن يغير بشكل جوهري جنس الـ homo sapiens. وواصل الأب الأقدس أنه إن كانت هذا الأمور لا تثير القلق لدى المتحمسين لهذا المشروع، فلا ينطبق هذا على الساعين إلى تشجيع مشروع أنسنة جديدة لا يمكن فيه القبول بالفصل بين الفعل والذكاء. وأضاف قداسته أن الفصل بين القدرة على حل المشاكل وضرورة التحلي بالذكاء للقيام بذلك، يعني إلغاء النية وبالتالي أخلاقيات الفعل. ثم أعرب البابا فرنسيس في حديثه عن ثقته أن جمعية Max Planck Gesellschaft ستقدم إسهاما أساسيا في هذا المجال.

وكان التأمل الأخير للأب الأقدس في حديثه إلى ضيوفه حول مفهوم المسؤولية التقنية الذي انتشر في أوساط البحث العلمي خلال ما تُعرف بالحداثة الثانية، مفهوم لا يسمح بتقييمٍ أخلاقي حول ما هو خير وما هو شر، حيث تقيَّم أعمال المنظمات الكبيرة بشكل خاص على أساس الوظيفية فقط، ولا يمكن للكنيسة أن تقبل بمثل هذا الموقف والذي رأينا الكثير من الأدلة على تبعاته المأساوية. شدد البابا بالتالي على ضرورة أن نضع في مركز ثقافتنا اليوم المسؤولية حول كيفية العناية بالآخر، وذلك لأننا لسنا مسؤولين فقط عما نفعل بل وفي المقام الأول عما لا نفعله رغم أن بإمكاننا ذلك.

وفي ختام حديثه إلى أعضاء فد جمعية Max Planck Gesellschaft الذين استقبلهم اليوم الخميس شكر البابا فرنسيس ضيوفه على هذه الزيارة متمنيا لهم الخير في عملهم. ثم تضرع كي يعضد الروح القدس أبحاثهم ومشاريعهم وطلب من الجميع الصلاة من أجله.