قناة عشتار الفضائية
 

البطريرك الراعي: يتعثر انتخاب الرئيس لأن الخلاف يدور حول إنتمائه

 

عشتارتيفي كوم- أبونا/

 

قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، خلال ترؤسه قداس أحد النازفة، بحسب رزنامة الطقسيّة للكنيسة المارونيّة، اليوم الأحد 5 آذار 2023، إنّ "نزيف تلك المرأة الدموي يرمز إلى نزيف القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، ونزيف السياسة من مضمونها النبيل، ونزيف خزينة الدولة من مالها العام، ونزيف المؤسسات الدستورية من فاعليتها".

وأشار إلى أنّ "نزيف القيم الأخلاقية والإنسانية ظاهر في مجتمعنا في المسلك والكلام والتعاطي. فالكل يجمع على فقدان القيم والشعور الإنساني. ومرد ذلك إلى عدم الرجوع إلى الله ووصاياه ورسومه، وإلى خنق صوت الضمير، الذي هو صوت الله في أعماق الإنسان. فلنفكر مثلا في التلاعب بأسعار المواد الغذائية والأدوية، فيما الشعب يتضور جوعًا، وأولاد يحرمون الغذاء اللازم لنموهم، ومرضى يموتون لعدم إمكانية توفير دوائهم. فصرنا أشبه بالسمك الصغير الذي يأكله السمك الكبير".

"أمّا نزيف السياسة من مضمونها النبيل كفن لتأمين الخير العام، الذي يوفر الخير لجميع المواطنين ولكل مواطن"، فأوضح غبطته بأنّنا "أمام جماعة سياسيّة خاليّة من أية مسؤوليّة، وتمارس السياسة من أجل مصالحها الخاصة والفئوية فقط، بل تبيد الخير العام غير آبهة بالشعب الذي أوكل إليها هذه المسؤولية العامة بموجب مقدمة الدستور. ومن المؤلم حقًا غياب رجال دولة عندنا، والبرهان أن لا أحد من السياسيين والأحزاب أو الكتل النيابية، يقدّم مشروعًا واحدًا جديًا لإنهاض لبنان من انهياره الكامل. فإن تكلم بعضهم فاهوا بالكيدية والحقد والذهنية الميليشياوية والإساءة الشخصية وبث سم التفرقة والإنقسامات والعداوة، الأمر الذي يزرع الأشواك والألغام على طريق انتخاب رئيس للجمهوريّة".

أضاف البطريرك الماروني: "ونزيف خزينة الدولة من مالها العام، بالسرقات والهدر وغياب المحاسبة، وسد ينابيع الدخل للدولة بالتعطيل عن العمل والإضرابات المفتوحة، وايقاف أجهزة المراقبة إهمالا وربما تواطؤا، وعدم السيطرة على الجمارك في المرافئ البحرية، والمطار، وإيقاف التهريب بضبط الحدود خروجا ودخولا، وسوء الحوكمة باستئجار الدولة مباني إداراتها بالدولار، وإيجار ممتلكاتها بالليرة اللبنانية، والتهرب من دفع ضرائب الماء والكهرباء، واعتماد سياسة الريع بدلا من سياسة الإنتاج، وإهمال مكمن الخسارة في الفرق الشاسع بين قيمة الإستصدار وقيمة التصدير".

تابع: "ونزيف المؤسسات الدستورية من فاعليتها، إذ بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، يتوقف المجلس النيابي عن صلاحية التشريع، وحكومة تصريف الأعمال عن صلاحية إصدار القرارات التنفيذية وإجراء التعيينات في الإدارات العامة، فتتعطل مسيرة الدولة، ويتحكم بها النافذون والمتمردون والمدعومون، ويستبيح السياسيون التدخل في الإدارة والقضاء، وتسود الفوضى ويمارس الظلم والإستبداد من هذا وذاك من المسؤولين، ومن وزير تجاه المدير العام لأغراض مذهبية وطائفية وحزبية، متجاوزا هكذا إطار صلاحياته".

 

رئيس الجمهوريّة

ولفت البطريرك الراعي إلى أن تعثّر انتخاب رئيس للجمهورية مردّه "وبكل أسف، يدور الخلاف حول إنتمائه إما لفئة الممانعة، كما يسمى، وإما لفئة السيادة. والحل الوحيد هو في الخروج من هذه المعادلة، والعمل من قبل الشعب على انتخاب رئيس وطني متحرر من كل إرتباط وانحياز وفئة ومحور. هذا هو الرئيس الذي يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كل الدول في الخارج، ولكي يتمكن هذا الرئيس من قيادة الإصلاحات اللازمة والمطلوبة من أجل نيل المساعدات الدوليّة والإقليميّة".

وقال: "إنّ السعي إلى تمديد الشغور الرئاسي من أجل أهداف مبطنة منافية للهوية اللبنانية، فهو الإمعان في تكبير حجم الجريمة: بهدم مؤسسات الدولة، واضطهاد المواطنين اللبنانيين بافقارهم وتهجيرهم من وطنهم، وحرمانهم من تحقيق ذواتهم على أرض الوطن، ومن المساهمة في بنيانه، مثلما يفعلون في بلدان أخرى استضافتهم. من واجب من يتعاطى الشأن السياسي العمل الجدي على تجديد العقد الإجتماعي الضامن للتنوع الثقافي والديني بين اللبنانيين على أسس من الحداثة وإزالة الخوف المتبادل. فيتطلع الجميع، أفرادًا وجماعات، إلى مستقبلهم الوطني بأمل وثقة، ويتشاركون بروح المسؤوليّة في صياغة دور ريادي للبنان في العقود المقبلة، مستثمرين ما يملكه من خصوصيات وميزات تفاضلية وقيم حضارية".

وخلص إلى القول: "إنّنا بالإيمان والرجاء نصمد بوجه المصاعب ونعمل متضامنين على إزالتها بقوة النعمة الإلهيّة".