عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة ٢٩ أيلول ٢٠٢٣، أقام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي وصلاة الجنّاز راحةً لنفوس ضحايا فاجعة سهرة العرس في قره قوش (بغديده)، وذلك على مذبح كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار - المتن، لبنان.
شارك في القداس، وببادرة محبّة أخوية ملفتة ومميّزة، صاحبُ القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع.
كما شارك، ممثّلين أصحاب الغبطة البطاركة، كلٌّ من: صاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر، رئيس أساقفة أبرشية بيروت المارونية، ممثّلاً صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب السيادة المطران جورج بقعوني، رئيس أساقفة أبرشية بيروت وجبيل وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك، ممثّلاً صاحب الغبطة يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، وقدس الأب غارو كيلينجيان، ممثّلاً صاحب الغبطة روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك.
وشارك أيضاً صاحبا السيادة: مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول راعوية الشبيبة.
وكذلك شارك أصحاب النيافة من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: مار ثيوفيلوس جورج صليبا المستشار البطريركي، ومار اقليميس دانيال كورية مطران بيروت، ومار كريسوستوموس ميخائيل شمعون المعتمَد البطريركي لأبرشية جبل لبنان وطرابلس والنائب البطريركي للمؤسّسات البطريركية الخيرية في العطشانة، ومار أوكين الخوري نعمت السكرتير البطريركي.
وشارك في القداس صاحب السيادة ميشال قصارجي مطران لبنان للكلدان، وعدد من الآباء الكهنة والرهبان والراهبات، بمشاركة جموع غفيرة من المؤمنين هم بغالبيتهم من أبناء إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، ومنهم من لديه أهل وأقرباء بين ضحايا هذه الفاجعة الرهيبة، مع كاهنهم الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، إلى جانب مؤسّسات الكنيسة وفعالياتها، وجموع من المؤمنين من مختلف رعايا أبرشية بيروت البطريركية.
كما شارك في هذه المناسبة القنصل والقائم بالأعمال في السفارة العراقية في بيروت، وأصدقاء الطائفة ومؤسّسات وجمعيات.
وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "إفرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين"، مشيراً إلى أنّ "هذا ما سمعناه من رسالة القديس بولس، حيث يذكّر المؤمنين في روما بأنّ علينا أن نكون جسداً واحداً، أي أن نلتقي جميعنا بالرب يسوع الذي خلّصنا وفدانا وطلب منّا أن نكون واحداً كما هو والآب واحد".
ولفت غبطته إلى أنّ "حضوركم، أيّها الأحبّاء، تعبير عن هذه الوحدة وهذه المحبّة وهذا التضامن، إذ نجتمع سويّةً كي نرفع أولاً آيات التسبيح للإله خالق الكون ومدبّره، نشكره رغم كلّ ما يصيبنا من آلام وفواجع وكوارث على هذه الأرض الفانية، ونطلب منه أن يقوّي إيماننا، ويثبّتنا في الرجاء، ويذكّرنا بأنّ دعوتنا هي أن نحمل صليبنا ونتبعه على طريق الآلام لكي نتمجّد معه".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "كنّا مع أهلنا في بغديده - قره قوش - الحمدانية لكي نبكي معهم بسبب هذه الفاجعة التي حلّت بهم، وبيننا، أيّها الأحبّاء، هناك بالتأكيد من له صلة الأهل والقرابة مع الضحايا. فهناك، وبألم شديد، ما يقرب من ١٥٠ ضحيّة، وما يملأ قلبنا من ألم وحزن هو أن نرى هذا الحدث يحدث في بغديده - قره قوش - الحمدانية التي هي مدينة سريانية منذ القديم، والتي تجمع اليوم العدد الأكبر من مسيحيي العراق في مكان واحد ومنطقة واحدة، والتي بقيت صامدة بالرغم من هجمات الإرهابيين وتهجير أهل هذه المدينة مع سائر مدن سهل نينوى إلى أماكن مختلفة، أكان في العراق أو خارجه. ورغم المعاناة، لا يزال هناك ما يتحمّله البعض بسبب الظروف الاستثنائية الموجودة فيها هذه الأراضي الراقية التي تعود إلى القدم في حضارة بلاد ما بين النهرين".
وأشار غبطته إلى أنّنا "كنّا في دير مار بهنام وسارة، ورأينا ما خلّفته تلك العصابات الإرهابية من دمار في ذلك الدير العريق. واليوم نحن في كنيسة مار بهنام وسارة الشهيدين، نرجع كلّنا ونجدّد ثقتنا بالله الخالق والمدبّر، رغم كلّ المآسي والآلام".
وتوجّه غبطته بالشكر من الحاضرين جميعاً لمشاركتهم في هذه المناسبة الأليمة: "نشكركم جميعاً، صاحب القداسة، وأصحاب السيادة والنيافة، والكهنة والرهبان والراهبات، والمؤسّسات وممثّلي السفارة العراقية في بيروت، على حضوركم معنا ومواساتكم للألم الجلل الذي حلّ بنا في هذه الأيّام التي تعرفونها".
وثمّن غبطته "بادرة فخامة رئيس الجمهورية العراقية الذي اتّصل بنا البارحة هاتفياً ووعد أن يتوجّه اليوم بالذات إلى بغديده - قره قوش - الحمدانية، ليقدّم التعازي ويطّلع على الأمور التي تديرها الدوائر المسؤولة بالنسبة لهذا الخطب الجلل. وكنّا البارحة أيضاً مع دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي الذي جاء يعزّي ويؤكّد تضامنه مع المعنيين، ويذكّر أنّه يتابع أمور تشكيل لجنة التحقيق لتلك الفاجعة التي روّعت العالم، ليس فقط قره قوش - بغديده - الحمدانية، ولكن العراق كلّه. حتّى أنّ بعض المعنيين المسؤولين، إن كانوا دينيين، وإن كانوا مدنيين، قالوا إنّهم امتنعوا عن استقبال المحتفلين بالمولد النبوي بسبب هذه الفاجعة التي حلّت بالعراق".
وختم غبطته موعظته بالقول: "مع ذلك نبقى شعب الرجاء، نبقى الذين يؤمنون بأنّ رسالة الرب يسوع هي رسالة سلام ومحبّة وتواضع وانفتاح على الجميع، كي تبقى بلادنا، التي هي منبع الحضارة في العالم، حقيقةً شاهدة لرسالتها للجميع، إن كان في داخل بلداننا المتألّمة، وإن كان للعالم".
وكان المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية قد قدّم الشكر لجميع الحاضرين والمشاركين والمعزّين، باسم غبطة أبينا البطريرك، وباسم الكنيسة السريانية الكاثوليكية، وفي مقدّمتهم صاحب القداسة، وأصحاب السيادة والنيافة، والكهنة والمؤمنين، شاكراً أيضاً من وجّه رسالة تعزية إلى غبطته من أصحاب القداسة والغبطة البطاركة، وكذلك رئيس الجمهورية العراقية ورئيس مجلس الوزراء العراقي، سائلاً الله أن يتغمّد الضحايا في ملكوته السماوي، ويبلسم القلوب الثكلى على فقدانهم، وينعم على المصابين بالشفاء العاجل والتامّ.
وقبل نهاية القداس، أقام غبطة أبينا البطريرك صلاة الجنّاز راحةً لنفوس الراقدين من ضحايا هذه الفاجعة الرهيبة، يشاركه صاحب القداسة وأصحاب السيادة والنيافة.
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، بمعيّة قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، تقبّل غبطته التعازي من الجميع في جوّ من التأثّر البالغ والحزن والأسف الشديدين.
|