قناة عشتار الفضائية
 

"كسوف صناعي".. قفزة فضائية قد تمنح البشر سيطرة على الشمس

 

عشتارتيفي كوم- إرم/

 

في خطوة غير مسبوقة بتاريخ علوم الفضاء، تمكن فريق من العلماء الأوروبيين من خلق أول كسوف شمسي اصطناعي باستخدام قمرين صناعيين يعملان بتنسيق بالغ الدقة. وهذا الابتكار الفريد، بحسب الخبراء، قد يغيّر طريقة دراسة الشمس والهالة الشمسية، التي لطالما كانت لغزاً محيراً أمام الباحثين.

وكشفت وكالة الفضاء الأوروبية عن الصور الأولى لهذه التجربة العلمية المذهلة خلال مشاركتها في معرض باريس الجوي، مؤكدة أن هذه المشاهد توفر نظرة دقيقة للهالة الشمسية لا يمكن تحقيقها عبر الكسوفات الطبيعية التي لا تتكرر كثيرًا.

ويعود هذا الإنجاز إلى القمرين الصناعيين اللذين أُطلقا في أواخر عام 2023، وبدآ مهامهما العلمية فعليًّا في مارس 2025. وتتلخص الفكرة العبقرية في أن يحلّق القمران على مسافة ثابتة تبلغ 150 متراً، بحيث يقوم أحدهما بحجب ضوء الشمس بشكل كامل، بينما يوجه الآخر تلسكوبه نحو الهالة الشمسية لدراستها بتفاصيل غير مسبوقة.

ويشير الخبراء إلى أن التحكم في هذه المسافة الدقيقة ليس بالأمر السهل، بل يتطلب تكنولوجيا متطورة تشمل أنظمة GPS عالية الدقة، وأجهزة تعقّب النجوم، وتقنيات ليزر متقدمة، واتصالات لاسلكية فائقة السرعة.
واللافت أن حجم كل قمر لا يتجاوز 1.5 متر، بينما يتم ضبط المسافة بينهما بدقة تصل إلى مليمتر واحد فقط، أي ما يعادل سُمك ظفر الإنسان.

المهمة التي تحمل اسم "بروبا-3" (Proba-3)، وتبلغ تكلفتها نحو 210 ملايين دولار، نجحت بالفعل في تنفيذ 10 كسوفات اصطناعية خلال المرحلة التجريبية.
وصرّح الدكتور أندريه زوكوف، الباحث الرئيس في المشروع من المرصد الملكي البلجيكي، أن إحدى جلسات الرصد استمرت لخمس ساعات متواصلة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الرصد الشمسي.

ويأمل العلماء في أن يتمكن النظام من إنتاج نحو كسوفين أسبوعياً؛ ما يوفر أكثر من 1000 ساعة رصد خلال العامين المقبلين، مقارنة بدقائق محدودة توفرها الكسوفات الطبيعية التي لا تتكرر إلا مرة كل 18 شهرًا تقريبًا.

وتُعد هذه القفزة العلمية بالغة الأهمية لفهم الهالة الشمسية التي تزيد حرارتها على سطح الشمس نفسه، وكذلك لتحليل الانبعاثات الإكليلية التي قد تؤثر في الاتصالات الأرضية والأقمار الصناعية، وتشكّل الشفق القطبي المدهش.