عشتارتيفي كوم- رووداو/
يعتقد بعض المراقبين بان ايران كانت قد صنعت القنبلة الذرية واحتفظت بها، او انها قادرة، سابقا وحاليا ولاحقا، على صناعة هذه القنبلة في اي وقت تشاء، مثلما يؤكد عالم الذرة العراقي حامد الباهلي. وعلى العكس من ذلك تماما ينفي الرئيس الاميركي دونالد ترامب قدرة طهران على الاستمرار ببرنامجها النووي بعد قصف الطائرات الاميركية للمنشآت النووية، فوردو ونطنز وأصفهان، واخرجتها من الخدمة.
ايران والقنبلة الذرية
عالم الذرة العراقي البروفيسور في الفيزياء الذرية، حامد الباهلي، يوضح بداية بانه لا فرق بين تسمية القنبلة الذرية او النووية. وفي حديثه لشبكة رووداو اليوم الاحد، (29 حزيران 2025)، عن امكانية ايران لصناعة القنبلة الذرية، قال:" بالتاكيد ايران كانت قادرة في السابق، واليوم وغدا على صناعة قنبلة ذرية لو تريد ذلك. مستدركا " في تصوري ان ايران لم تكن تحتاج لاي وقت لصناعة هذه القنبلة، وهذا الكلام الذي اسمعه في الاعلام او خلال التصريحات السياسية هو كلام فارغ، وانا تحدثت بهذا الموضوع، القنبلة الذرية الايرانية، عام 2013، خلال ندوة عن مشاريع ايران بصناعة قنبلة ذرية، وكان معي علماء ذرة ومن ايران وبريطانيا واوضحت بان هذا الكلام سياسي وليس مهنيا وغير دقيق وان ايران لم تبدأ باية صناعة نووية عسكرية، وانا تحدثت كما اتحدق هنا من جانب مهني وليس سياسيا".
ماذا قصفت اميركا؟
واضاف البروفيسور الباهلي قائلا:" هذا الكلام الذي نسمعه عن ان ايران خصبت اليورانيوم بنسبة 20 و40 و80 بالمائة غير مهني، انا شغلت مفاعل تموز في العراق وكان تخصيب اليورانيو 10% و30% و80% وصولا الى 90%، وايران لو تريد صناعة قنبلة ذرية لفعلتها سابقا او اليوم". لكن كيف تستطيع ذلك ومنشآتها النووية المهمة قد تم قصفها؟ يجيب قائلا:" دعني اقول معلومة مهمة، عندما قصفت اسرائيل مفاعل تموز عام 1981، اقامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدنيا ولم تقعدها، واصدرت اشد قرار وبيانات الاستنكار والشجب ضد اسرائيل واتهمتها بانها عرضت السلم والامن العالميين للخطر".
وتسائل الباهلي" اذا كانت هذه البيانات الشديدة اللهجة قد صدرت من المنظمة نتيجة قصف مفاعل واحد، تموز، فلماذا لم تحدث ردة فعل مضاعفة ،اليوم نتيجة قصف اميركا لثلاث منشآت نووية ايرانية غاية في الاهمية، لماذا لم يصدر مثل هذا البيان، ولماذا لم تقل، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ان اسرائيل واميركا عرضوا السلم العالمي للخطر؟ ثم ان الوكالة هي التي كانت تشرف على انشطة هذه المفاعلات وتعرف فيما اذا حدث اي تسريب شعاعي او ان المفاعلات تم قصفها بالفعل ام لا".
وكالة الطاقة
وخمن عالم الذرة العراقي بقوله:" اما ان اميركا لم تقصف المنشلآت النووية الايرانية الفعلية ، وان هذه المواقع التي قيل عنها مفاعلات نووية هي ليست كذلك، لانه من المستحيل ان يتم قصف مفاعر ذري ولا يحدث اي تسريب او انفجار نووي هذا مستحيل ومن سابع المستحيلات ان يحدث ذلك في ظل مراقبة دقيقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي تطبق معاهدة حضر انتشار الاسلحة النووية، لاي نشاط او تسريب شعاعي اوتفجير او حادث لمفاعل ذري في العالم دون ان تشعر به وتحذر العالم منه. لكن هذا لم يحدث، فاين ذهبت التسريبات الشعاعية نتيجة القصف؟".
وقال:" نحن شاهدنا القاذفات الاميركية العملاقة B2 ، قد القت مئات الاطنان من المتفجرات على مواقع قالت عنها منشآت نووية ايرانية فاين ذهبت؟ وما الذي تم قصفه وقالوا هذه 3 مفاعلات واسمائها، لكن الذي اعرفه انه لو يتم قصف 3 مفاعلات لاحترقت الدنيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كانت قد احتجت سابقا على قصف مفاعل واحد، تموز، باعتباره يؤثر على السلم العالمي، فكيف تسكت على قصف 3 مفاعلات؟".
في رده عن سؤالنا حول فيما اذا كانت ايران قد صنعت قنبلة ذرية ام لا، اجاب قائلا:" ليست هناك اية معلومات واضحة حول هذا الموضوع، من قال ان ايران لم تصنع القنبلة الذرية؟ ومن سينفي هذه المعلومة؟ كيف لنا ان نعرف"، منبها الى ان:" ايران ليست بحاجة لصناعة قنبلة ذرية وبرنامجها النووي قام على اساس سلمي ولمساعدة الناس وكان يجب ان يدعمون برنامجها لانه سلمي. ولا اعتقد انها، ايران، تفكر بصناعة سلاح نووي ولا تفكرباستخدامه في الحروب بل لاغراض سلمية وهذه قناعتي". موضحا" ثم ما هي القنبلة الذرية؟ سابقا كانوا يتحدثون عن هذا الموضوع باعتباره معجزة ، اما اليوم مع التطورات العلمية والتكنولوجية ما عادت المسالة كذلك ، اذا عندك حفنة يورانيوم فسوف تصنع منها قنبلة ذرية. قلت لك انا شغلت مفاعل تموز، وهو قنبلة مسيطر عليها، بنسبة 10% تخصيب".
البرنامج النووي العراقي كان سلميا
يذكر ان البروفيسور حامد الباهلي كان قد تسلم مسؤولية مفاعل تموز العراقي عام 1980، وصار عضوا في لجنة إنشاء أول محطة كهرونووية في العراق، إذ لا يتم تشكيل اللجان من دونه لأنه صاحب الاختصاص الوحيد في تلك اللجان. واكد بان " العراق لا يمتلك اليوم اي مفاعل ذري وقمنا بتصفية بقايا مفاعل تموز".
واوضح بان :" العراق لم يكن قادرا، ولم يكن يريد صناعة قنبلة ذرية، ولم يكن عندنا وقود نووي بل كان يصل الينا على شكل اعمدة من فرنسا او من روسيا، ياتينا مصنع اصلا وهذا يختلف تماما ولا يصلح لصناعة قنبلة ذرية" وشدد بقوله" العراق اطلاقا اطلاقا لم يكن يعمل على انتاج قنبلة ذرية في عهد صدام حسين ولا يخطط لذلك، وكان صدام يكذب على العالم عندما تحدث عن البرنامج النووي العراقي وانا اطلقت عليها تسمية (الكذبة الكبرى) ونشرت ذلك في الصحافة، تلك الكذبة التي كلفت العراق مليارات الدولارات وكان هناك من يروج لهذه الكذبة للاستفادة المادية".
وتحدث عن (المكثفة) التي حملها صدام وعرضها في التلفزيون متحدثا عن البرنامج النووي، وقال:" كانوا قد عرضوا هذه المكثفة عليً واخبرتهم بان هذه نستطيع صناعتهاب المختبر، ومساءا حملها صدام حسين ملوحا وقال(هذه صنعوها الويلاد بالتصنيع العسكري)، وهي مكثفة التفجير واحدى حلقات السلاح النووي" . مضيفا" كان صدام يلوح بالسلاح النووي من باب التهديد والاعلام وليس حقيقة لانه لم يكن عندنا يورانيوم وقلت آنفا كان الوقود النووي يصلنا على شكل قضبان وهذه ما تصير سلاح نووي".
وعن اليورانيوم الذي اشتراه العراق من افريقيا، اوضح العالم الذري العراقي البروفيسور حامد الباهلي" لقد صنعنا منه الكعكة الصفراء ولم نستخدمها، ثم باعها العراق عام 2009 الى فرنسا على ما اعتقد وكانت محفوظة بمخزن في منطقة التويثة قرب مفاعل تموز". موضحا ان:" اليورانيوم موجود في الطبيعة وتجده معروض للبيع في البرازيل ونيجيريا ويحتاج الى تكنولوجيا متطورة ومراحل عدة حتى يتم تخصيبه، واذا ارادوا تخصيبه بنسبة 100% سيحتاج الى مراحل عديدة تعتمد على عدد الفواصل".
بقي ان نعرف بان البروفيسوريعتبر حامد الباهلي هو أحد أهم علماء العراق القلائل اللذين برزوا في مجال الطاقة النووية، والفيزياء الذرية، وكانت له إسهامات كبيرة في مشروع العراق النووي.
ولد الباهلي في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان جنوب العراق عام 1940، وفيها أكمل دراسته الابتدائية والثانوية، ثم سافر إلى الاتحاد السوفيتي عام 1960 وحصل على شهادة الدبلوم العالي الذهبي في الفيزياء عام 1966، وعاد إلى العراق ليتخرج بعدها من دورة الضباط الاحتياط، ولكنه لم يمنح الرتبة بسبب اتهامه بالشيوعية ، وانخرط بعدها في العمل بالمجال النووي. وفي عام 1976 سافر ثانية إلى موسكو ليحصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء ثم عاد برفقة زوجته وأطفاله، وتم تعينه في وكالة الطاقة النووية بشرط عدم حصوله على منصب إداري, ثم أصبح رئيسا للجنة.
للبروفيسور الباهلي نحو ثلاثمئة بحثا في مجالات الطاقة النووية، ونشر وترجم أكثر من 27 كتابا في تخصصه، منها: الأسلحة النووية والوقاية منها، المنشآت النووية، الثرموداينمك، مدخل إلى الهندسة النووية والصواريخ المقاتلة.
|