عشتارتيفي كوم- بي بي سي/
لينا سنجاب، بي بي سي عربيّة :
"أخوك بطل"، هذا ما قيل لعماد بعد علمه باستشهاد شقيقه في تفجير انتحاري في كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق. حاول شقيقه ميلاد، برفقة شخصين آخرين، دفع الانتحاري خارج مبنى الكنيسة، فاستشهد على الفور، إلى جانب 24 من الموجودين في الكنيسة.
أصيب 60 شخصًا آخرون في الهجوم على كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس، في منطقة الدويلعة شرق دمشق في 22 حزيران الماضي. ويعد هذا الهجوم هو الأول من نوعه في دمشق منذ أن أطاحت هيئة تحرير الشام بالرئيس السوري بشار الأسد في كانون الأول الماضي، منهيةً 13 عامًا من الحرب الأهلية المدمرة.
وبينما ألقت السلطات السورية باللوم في الهجوم على تنظيم "الدولة الإسلامية"، فقد أعلنت سرايا أنصار السنة، الأقل شهرة، مسؤوليتها عن الهجوم. ويقول مسؤولون حكوميون إن سرايا أنصار السنة لا تعمل بشكل مستقل عن تنظيم "الدولة الإسلامية".
كان ميلاد يحضر قداسًا مساء الأحد في كنيسة مار إلياس، عندما أطلق رجل النار على المصلّين قبل أن يُفجّر سترته الناسفة. سمع عماد دويّ الانفجار من منزله، ولم يتمكن من الوصول إلى شقيقه لساعات. ويقول عماد الذي تحدث من منزله الصغير المكون من غرفتين ويتشاركه مع عدد من أقاربه: "ذهبتُ إلى المستشفى لرؤيته. لم أستطع التعرف عليه. كان نصف وجهه محترقًا".
عماد رجل طويل ونحيف في الأربعينيات من عمره، وجهه حادّ يحمل علامات حياة قاسية. وهو مثل أخيه، يعمل عامل نظافة في مدرسة في الحي الفقير، الذي تقطنه العديد من العائلات من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ومعظمهم من المسيحيين.
خلال فترة حكم بشار الأسد، اعتقد أبناء أقليات دينية وعرقية في سوريا أن الدولة تحميهم.
والآن، يخشى كثيرون ألا تحذو الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع حذوها.
وفي حين تعهد الشرع وحكومته بحماية جميع المواطنين، إلا أن العنف الطائفي الدامي الأخير في المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية، ثم في مجتمعات درزية محيطة بدمشق، جعل بعض الأشخاص يشككون في قدرتها على السيطرة على الوضع.
وأعرب العديد من أفراد عائلة عماد عن هذا الشعور، قائلين: "لم نعد آمنين هنا".
أنجي عوابدة (23 عامًا) كانت على بُعد شهرين فقط من تخرجها في الجامعة عندما أصيبت في الهجوم. سمعت أنجي دوي إطلاق النار قبل الانفجار. قالت أنجي من سريرها في المستشفى وهي تتعافى من جروح سببتها شظايا في وجهها ويدها وساقها، بالإضافة إلى كسر في ساقها: "حدث كل شيء في ثوانٍ".
أنجي تشعر بالخوف وتشعر بعدم وجود مستقبل للمسيحيين في سوريا.
"أريد فقط مغادرة هذا البلد. عشت الأزمة والحرب وقذائف الهاون. لم أتوقع يومًا أن يحدث لي مكروه داخل كنيسة"، تقول أنجي. وأضافت: "ليس لديّ حل. عليهم إيجاد حل، هذه ليست مهمتي، إذا لم يتمكنوا من حمايتنا، فنحن نريد المغادرة".
قبل الحرب الأهليّة في البلاد التي استمرّت 13 عامًا، كان المسيحيون يشكلون حوالي 10 في المئة من سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليون نسمة، لكن أعدادهم تقلصت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين مع فرار مئات الآلاف إلى الخارج.
كانت الكنائس من بين المباني التي قصفتها الحكومة السورية والقوات الروسية المتحالفة معها خلال الحرب، لكن ليس أثناء وجود المصلّين داخلها. كما أُجبر آلاف المسيحيين على ترك منازلهم بسبب تهديد جماعات مسلحة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية".
خارج المستشفى الذي تُعالج فيه أنجي، اصطفت توابيت بعض شهداء هجوم الكنيسة، استعدادًا للدفن. حضر أشخاص من مختلف أطياف المجتمع السوري، يمثلون مختلف شرائحه، مراسم جنازة أُقيمت في كنيسة قريبة وسط إجراءات أمنية مشددة.
وفي عظته، أكد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا يازجي، على أن "تتحمل الحكومة المسؤولية كاملةً". قال يازجي إن اتصالاً هاتفيًا من رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع لتقديم تعازيه "لم يكن كافيًا لنا"، مما أثار تصفيق الحضور.
"نحن ممتنون لهذه المكالمة. لكن الجريمة التي وقعت أكبر من ذلك بقليل"، وفق يازجي.
ووعد الشرع الأسبوع الماضي بأن المتورطين في الهجوم "الشنيع" سيُحالون إلى العدالة.
بعد يوم من التفجير، قُتل اثنان من المشتبه بهم وأُلقي القبض على ستة آخرين في عملية أمنية استهدفت خلية تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في دمشق. لكن هذا لم يُخفف المخاوف بشأن الوضع الأمني هنا، خاصةً بالنسبة للأقليات العدديّة الدينيّة في البلاد.
|