قناة عشتار الفضائية
 

كنيسة الأقيصر... شاهد صامت على جذور المسيحيّة المشرقيّة

 

عشتار تيفي كوم - آسي مينا/

بقلم: جورجينا بهنام حبابه

دعا راعي أبرشيّة البصرة والجنوب الكلدانيّة المطران حبيب هرمز الهيئة العامّة للآثار والتراث العراقيّة إلى إيلاء كنيسة الأقيصر الأثريّة، الواقعة في قضاء عين التمر في محافظة كربلاء العراقيّة، الاهتمام المُستَحَقّ.

وأبرزَ عبرَ «آسي مينا» أهمّيّة هذه الكنيسة التاريخيّة والآثاريّة، إذ يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الخامس أو السادس الميلاديّ، وما زالت أطلالها المبنيّة من الطابوق المفخور صامدة  وشاهدة بصمتها على جذور المسيحيّة المشرقيّة الموغِلة عميقًا في بلاد ما بين النهرَين.

وأشار هرمز إلى وجود بعض الكتابات باللغة السريانيّة الشرقيّة (الكلدانيّة) على جدرانها وصلبانٍ تشير إلى أصولها المسيحيّة المشرقيّة التي تعود إلى زمن مملكة المناذرة اللخميّين الذين حكموا معظم مناطق جنوب العراق قرابة  400 عام ما بين القرنَين الثالث والسابع.

وأبرزَ اهتمام المناذرة، وكانت غالبيّتهم من المسيحيّين، بإنشاء كنائس وأديار عدّة ما زالت آثار عشراتٍ منها شاخصة، رغم معاناتها الإهمال، في النجف والكوفة والحيرة وسائر المناطق التي كانت تشكّل مملكتهم التاريخيّة.

وأوضح أنّ التنقيب الآثاريّ في سبعينيّات القرن الماضي أسفر عن اكتشاف الكنيسة محاطةً بسورٍ مدعّمٍ بأبراجٍ، بلغ عدد المُكتَشَف منها 29 برجًا. وبيَّنَ أنّ طولها يبلغ 45 مترًا وعرضها 9 أمتار، وتتوسّط موقعها بلدة ما زالت تحت التراب بانتظار حملة تنقيبٍ جديدة.

وأضاف: «يتّضح من أطلال الكنيسة أنّ لها خمسة أبواب بعضها للرجال والنساء، فضلًا عن الباب الملوكيّ لدخول الأسقف أو الكاهن. ويتصدّرها المذبح المتوجّه إلى الشرق، بحسب تقليد الكنائس المشرقيّة، تعلوه فتحة للإضاءة تخترقها أشعّة الشمس عند شروقها، فتضيء الكنيسة وقت القدّاس».

واستذكر زيارةً سابقة للأقيصر تعود إلى تسعينيّات القرن المنصرم وصعوبة الوصول إليها «وسط طرق صحراويّة ترابيّة وبين قنابل غير منفجرة». ولفت إلى أنّ الجيش العراقي كان حينئذٍ يستخدم الكنيسة كهدف في أثناء تدريبات مدرسة المدفعيّة.

واستدرك: «من المحزن أنّنا وجدنا القبور قد نُبِشَت، سواء تلك الخاصّة بالكهنة والأساقفة الموجودة في محاذاة المذبح، أو تلك العائدة إلى المؤمنين والموجودة خارج الكنيسة».

الجدير بالذكر أنّ كلمة الأقيصر باللهجة المحلّيّة تؤدّي معنى القُصَير أي تصغير كلمة القصر، في إشارة إلى بنيان الكنيسة الأشبه بالقصر. يزورها مسيحيّو العراق كلّما سنحت الفرصة، مستلهمين من إيمان أجدادهم رجاءً وقوّة تعينهم على الصمود في أرضهم التاريخيّة.