عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الخميس 14 آب 2025، والمصادف عيد القديس مار حبيب الشهيد، شمّاس الرها، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة تقديس وتكريس الكابيلا في مجمَّع "قفير" - فاريّا، كسروان، لبنان، على اسم القديس مار حبيب الشهيد في يوم عيده. ثمّ أقام غبطته القداس الإلهي الأول على مذبح هذه الكابيلا الجديدة.
بدايةً ترأّس غبطته رتبة تقديس وتكريس الكابيلا الجديدة التي جاءت بحلّة بهيّة تعبّر عن عراقة جبل لبنان الأشمّ وأصالته، يعاونه المونسنيور حبيب مراد، والأب يوسف درغام، والأب كريم كلش، والأب طارق خيّاط، بمشاركة الأب شربل سلامة كاهن رعية مار شلّيطا المارونية في فاريّا، وبحضور ومشاركة جمع غفير من المؤمنين، تتقدّمهم فعاليات المنطقة البلدية والإختيارية والإجتماعية.
تلا غبطة أبينا البطريرك الصلوات الخاصّة برتبة تقديس وتكريس الكنيسة بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، وخلالها قام غبطته بمسح المذبح المقدس بالميرون، وكذلك الواجهة الخلفية للمذبح. ثمّ مسح غبطته جهات الكابيلا وبابها بالميرون المقدس، وسط جوٍّ من الخشوع والفرح الروحي العابق، مع التصفيق والتهليل والزغاريد. وبعد أن قام غبطته بإكساء المذبح بالحلّة الكنسية البهيّة، احتفل غبطته بالقداس الإلهي، يعاونه الآباء الكهنة.
وفي موعظته خلال القداس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالتنويه بأنّ "الإيمان يملأ قلوب أحبّائنا الموجودين في هذا المكان الذي يتميّز بفنّه وعراقته وأمانته لجبلنا المحبوب، جبل لبنان، وبهذه الهندسة الراقية. ومن الطبيعي والواجب أن نشكر الذين قاموا بهذا المشروع، وأن نتمنّى الشفاء العاجل لرئيس بلدية فاريّا من الوعكة الصحّية التي ألمّت به. ونشكر أيضاً رئيس البلدية السابق والمخاتير وأصدقاءنا الذين يسكنون ههنا في هذا المجمَّع على حضورهم ومشاركتهم في هذه الفرحة الروحية والمناسبة المبارَكة. نسأل الرب أن يباركهم ويجعلهم دائماً أمناء لهذا الجبل الذي يتأمّلون بجماله وعظمته، وهكذا يتذكّرون فضلَ لبنان عليهم وواجبهم أن يحموه ويحافظوا عليه".
ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا من الرسالة إلى العبرانيين أنّ الهيكل تأسَّس في العهد القديم منذ أيّام موسى، إذ طلب الله منه أن يؤسّس نوعاً من الخيمة، حيث كان رئيس الكهنة يدخلها ويقدّم ذبائح الحيوانات عن آثامه وآثام شعبه. وكاتب هذه الرسالة الهامّة يذكّرنا أنّ يسوع هو الذي قرّب ذاته ضحيّة فداء ومحبّة، لأنّه كلّه مليء بالمحبّة، حتّى يعلّمنا أنّنا أبناء وبنات الله، لذلك يسوع هو الكاهن والذبيحة في آن واحد".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نفرح بمشاركة أبونا شربل سلامة كاهن رعية مار شلّيطا في فاريّا، والآباء الكهنة الذين رافقونا كي يشاركوا معنا برتبة التقديس والقداس الإلهي، حيث احتفلنا بكلّ سرور بتكريس هذه الكابيلا الصغيرة والجميلة على اسم القديس مار حبيب الشهيد. البعض منكم لم يسمعوا عن هذا القديس، لكن بالتأكيد هناك من سُمِّيَ بإسمه في عائلاتكم. حبيب ليس فقط مار يوحنّا الرسول الذي دُعِيَ بيوحنّا الحبيب، إنّما هو الشمّاس حبيب، هذا الشهيد الذي قدّم دمه محبّةً بيسوع. واليوم، في كنيستنا السريانية، نحتفل بعيده، وهو في الوقت عينه عيد المونسنيور حبيب مراد الذي نتمنّى وندعو له بكلّ بركة سماوية".
ونوّه غبطته بأنّ "اليوم ليلة عيد انتقال أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، ومَن منّا لا يحبّ أن يصلّي إلى أمّنا مريم العذراء التي هي أمّنا السماوية، خاصّةً في هذا العيد الذي هو أعظم أعيادها في السنة الطقسية، والذي نحتفل به في كلّ الكنائس، شرقاً وغرباً".
وتأمّل غبطته "بدعوتنا المسيحية، حيث أنّنا نحن السريان في هذا الجبل استطعنا أن نبارك كنيستين صغيرتين، كابيلا التجلّي منذ بضع سنوات في فقرا، واليوم نبارك هذه الكابيلا على اسم القديس مار حبيب الشهيد. نبتهل إلى الرب أن يجعلنا على الدوام أمناء له، فلا نخجل أن نجاهر بأنّنا حقيقةً تلاميذ الرب يسوع، ليس بالقول فقط، بل أيضاً بحياة صالحة تشكّل مثالاً للآخرين، حتّى يعاين جميعُ الذين ينظرون إلينا الربَّ يسوع فينا، ليس بالكلام، بل بحياة مسيحية صادقة".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقديس مار حبيب الشهيد، كي يباركنا ويبارك صغارنا وشبابنا وعائلاتنا، حتّى نستطيع أن نكمل هذا المشوار، مشوار الأمانة له، مهما كانت الصعوبات والتحدّيات، أكانت عائلية أو اجتماعية أو سياسية أو وطنية، فنكون كلّنا الشهود الصالحين للرب يسوع طيلة أيّام حياتنا".
وقبل البركة الختامية، توجّه المونسنيور حبيب مراد بكلمات من القلب شاكراً جميع القيّمين على هذا المجمَّع، وكذلك الذين أعدّوا هذه المناسبة، وعلى رأس الجميع شكر غبطتَه الذي بارك هذا المجمَّع وترأّس رتبة تقديس وتكريس هذه الكابيلا، سائلاً الرب أن يديمه ويحفظه بالصحّة والعافية والعمر الطويل، ويبارك خدمته المتفانية للكنيسة والمؤمنين.
وفي ختام القداس، منح غبطة أبينا البطريرك المؤمنين بركته الرسولية. ثمّ توجّه غبطته إلى مدخل الكابيلا، فأزاح الستار عن اللوحة الرخامية التذكارية التي وُضِعَت تخليداً لهذه المناسبة المبارَكة، باللغتين السريانية والعربية، وسط الفرح والتصفيق والتهليل واستحسان الحضور جميعاً لهذه المناسبة المباركة، حتّى يبقى هذا المكان وهذا الجبل علامة رجاء وشهادة حيّة صارخة للحضور السرياني والمسيحي الأصيل في لبنان والشرق برمّته. فشكراً لله على عطيته التي لا يعبَّر عنها.
|