عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
تمكن فريق بحثي مشترك من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية "كاكست"، وجامعة كاليفورنيا سان دييغو، من ابتكار كبسولة ذكية متعددة الأجزاء تحوي الأدوية التي يحتاج إليها المريض خلال اليوم.
ووفقاً لـ"كاكست" فإن هذه الكبسولة تعد نهجاً جديداً ونقلة نوعية في مجال التحكم في توقيت توصيل الأدوية وفقاً لحاجات كل مريض، إذ يعتمد تصميمها المبتكر على آلية إطلاق مبرمجة للأدوية داخل كبسولة واحدة، مما يسهل التزام المرضى بخططهم العلاجية، بخاصة أولئك الذين يتناولون أكثر من دواء خلال اليوم، مما يعزز الالتزام العلاجي، ورفع كفاءة الدواء، وتحقيق نتائج صحية أفضل في إطار رعاية صحية أكثر تخصيصاً وملاءمة لكل فرد.
وتتميز الكبسولة الحاصلة على براءة اختراع أميركية باحتوائها على حواجز بوليمرية ذكية تفصل كل دواء عن الآخر، لإطلاقه بما يناسب حاجات كل مريض، كما تحوي بعض أجزائها على قدرات ذاتية تمكنها من تسكين الألم أو الاستجابة السريعة للحاجات العاجلة.
وتسهم الكبسولة في تقليل التداخلات الدوائية وأخطار تفويت الجرعات أو حدوث جرعات زائدة من طريق الخطأ.
وأوضحت رئيسة الفريق البحثي الدكتورة أمل عباس الباحثة بمعهد الهندسة الحيوية في "كاكست" أن هذا الابتكار يهدف إلى تبسيط إدارة الأدوية من خلال كبسولة ذكية قادرة على إيصال الدواء المناسب بالجرعة المناسبة، وفي الوقت المناسب، وزيادة معدلات الالتزام الدوائي، وتقليل الكلف المرتبطة بالأدوية غير المستخدمة أو عن سوء استخدامها.
فاعلية عالية لمرضى باركنسون
أشارت الدكتورة أمل إلى أن هذا الابتكار سيعيد طريقة تعامل أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم مع تعدد الأدوية وعلاجات الأمراض المزمنة وأمراض القلب لتبسيط العلاجات المعقدة وجعلها أذكى وأكثر فاعلية لكل مريض، والذي سيحدث ثورة في مجال الطب الشخصي، مضيفة أن الاختبارات السريرية الإلكلينيكية للكبسولة أظهرت فاعلية واعدة لدى مرضى باركنسون، حيث وفرت لهم استجابة سريعة ومتوسطة لأدوية التحكم بأعراض المرض.
مرض باركنسون هو اضطراب عصبي تنكسي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر بصورة أساسية على الحركة. ويعالج غالباً بمزيج من الأدوية التي تهدف إلى تعويض نقص مادة الدوبامين في الدماغ أو تعزيز تأثيرها.
تشير الجمعية الأميركية لمرض باركنسون (Parkinson’s Foundation) إلى أن المرضى قد يحتاجون إلى تناول 3 إلى 6 جرعات من الأدوية يومياً، وفي بعض الحالات تصل الجرعات إلى 10 مرات في اليوم تبعاً لشدة الأعراض واستجابة المريض للعلاج.
"الوقت" أساس العلاج
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 50 في المئة من مرضى الأمراض المزمنة حول العالم لا يتناولون أدويتهم وفق التعليمات الطبية، مما يؤدي إلى مضاعفات خطرة وزيادة في نسب الوفيات والكلف الصحية.
وأظهرت دراسة نشرت في مجلة نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن عام 2022 أن الالتزام بمواعيد الدواء يقلل من حالات دخول المستشفى بنسبة تصل إلى 30 في المئة بين مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم. كما بينت دراسة أخرى في مجلة جاما (JAMA) أن مرضى السكري الذين يلتزمون بتناول أدويتهم في أوقاتها المحددة تقل لديهم احتمالات الإصابة بمضاعفات الكلى والعيون والأعصاب بنسبة تزيد على 25 في المئة.
ويؤكد باحثون في جامعة أكسفورد أن "الوقت هو جزء من العلاج"، إذ إن فاعلية بعض الأدوية، مثل أدوية ضغط الدم والكوليسترول، ترتبط مباشرة بتوقيت تناولها، إذ تكون أكثر فاعلية عند الالتزام بساعات معينة من اليوم تتماشى مع الساعة البيولوجية للجسم.
وتشير تقديرات طبية إلى أن عدم الالتزام بمواعيد الأدوية يكلف أنظمة الرعاية الصحية عالمياً أكثر من 300 مليار دولار سنوياً نتيجة مضاعفات صحية يمكن تفاديها، وفق دراسة منشورة في المجلة الطبية الأميركية "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن" وأعيد نشرها عبر المكتبة الوطنية الأميركية للطب (NCBI).
|