عشتارتيفي كوم- إرم نيوز/
في تطور يثير التساؤلات على المستوى الدولي، نفذت الولايات المتحدة ضربة بحرية على سفينة مزعوم أنها محملة بالمخدرات قبالة سواحل فنزويلا، ما أثار اهتمام دبلوماسيين من أوروبا وأمريكا وفنزويلا على حد سواء.
وطرح هؤلاء الدبلوماسيون أسئلة قانونية وجيوسياسية حرجة: في أي مياه وقع الهجوم؟ هل كانت المياه وطنية أم دولية؟ ما هو علم السفينة المستهدفة؟ وهل تم توجيه أوامر بالتوقف قبل الهجوم؟ وهل يجوز استهداف مشتبهين في تهريب المخدرات دون محاكمة؟
ولاحظ دبلوماسيون من فينزويلا وأوروبا أن العمليات البحرية لمكافحة المخدرات غالبًا ما تتجاوز حدود القانون الدولي، مستشهدين بتجارب فرنسا في خليج غينيا والمياه المحيطة بجزر الكاريبي، حيث تتحدى الزوارق السريعة للمهربين السفن الرسمية.
وأشاروا في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" إلى أن هذه العمليات تثير مخاوف حول انتهاك حق حرية الملاحة البحرية، وهو ما قد يؤدي إلى توترات سياسية وقانونية دولية معقدة.
من جهة أخرى، دعا دبلوماسيون من فنزويلا وأمريكا إلى الحذر من تسييس الضربات البحرية، معتبرين أن نشر سبع سفن حربية و4500 جندي، بينهم 2200 من مشاة البحرية الأمريكية، قد يفضي إلى حصار بحري محتمل للبلاد، مما يعيق تصدير النفط ويزيد الضغوط الاقتصادية والسياسية على الحكومة الفنزويلية.
وفي هذا الإطار، يرى أوليفييه فالي، الخبير الدولي والمستشار في العلوم السياسية، أن ما يحدث لا يقتصر على مكافحة المخدرات، بل هو رسالة استراتيجية متعددة الأبعاد.
ويضيف فالي في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن "تحريك القوات البحرية والجوية قرب السواحل الفنزويلية رسالة واضحة إلى الحكومة الفنزويلية وحلفائها، مع اختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية، بما في ذلك موقف الصين وروسيا".
السياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية
يتصدر هذا الملف ماركو روبيو، وزير الخارجية السابق وخصم ترامب القديم، الذي يركز اهتمامه على فنزويلا والإكوادور والمكسيك.
وبعد الضربة البحرية، التقى روبيو بالرئيسة المكسيكية كلوديا شاينباوم، وأعلنت الدولتان عن تأسيس "قواعد تعاون ثنائية جديدة" لمكافحة الكارتلات، وفقًا لصحيفة Milenio المكسيكية.
وعلى الرغم من غياب التفاصيل الدقيقة عن التنفيذ، تؤكد الدولتان تشكيل مجموعة رفيعة المستوى لمتابعة الإجراءات ضد تهريب المخدرات، وتنسيق تفكيك الكارتلات، وتعزيز الأمن على الحدود، ومراقبة تجارة الأسلحة غير المشروعة.
وبدا روبيو في الإكوادور، أكثر ارتياحًا، معتبرًا الرئيس دانييل نوبوا، رجل الأعمال الذي فاز بالرئاسة في 2023، حليفًا مهمًا في تعزيز النفوذ الأمريكي لدى القادة اليمينيين في أمريكا اللاتينية، الذين يسعون لاستعادة الأمن والاستقرار.
وقد أعلن نوبوا حالة الطوارئ في عدة مناطق لنشر الجيش ضد الجريمة المنظمة، مؤكدًا لروبيو أن هذه الإجراءات تعزز "حماية الولايات المتحدة وأسلوب حياتها"، بحسب تصريحات نقلها أوليفييه قالي.
ويشير الخبير الدولي إلى أن واشنطن تراهن على القادة المحليين لتعزيز نفوذها، على غرار تجربة الرئيس السلفادوري نيب بوكيلي، الذي اكتسب شعبية واسعة من خلال مكافحة الجريمة، ونال تقدير إدارة ترامب، رغم احتجاجات جماعات حقوق الإنسان.
فنزويلا على صفيح ساخن
يتركز الهدف الأمريكي الرئيسي على تغيير النظام في فنزويلا، وإنهاء حكم نيكولاس مادورو.
ولا يعترف البيت الأبيض بإعادة انتخاب مادورو في يوليو 2024، ويصفه بأنه "زعيم هارب" للكارتل المعروف باسم "كارتل الشموس"، وقد رفعت السلطات الأمريكية المكافأة إلى 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
بعد الضربة البحرية الأخيرة، أشار ترامب إلى أن كارتل "ترين دي أراجوا" يُدار من قبل الرئيس الفنزويلي نفسه.
ومنذ 20 أغسطس، نشرت واشنطن سبع سفن حربية، مع تعزيز قواتها بـ4500 جندي، مما يفتح الباب لاحتمال فرض حصار بحري قد يمنع تصدير النفط الفنزويلي ويزيد الضغوط على الحكومة.
اقرأ ويعلق أوليفييه فالي قائلاً: "رفع المكافأة في هذا التوقيت ليس مجرد تحرك قضائي، بل رسالة سياسية دولية، تعكس محاولة الولايات المتحدة إعادة فرض نفوذها في المنطقة، على حساب سيادة فنزويلا والدول المجاورة".
إمكانات التصعيد والسيناريوهات المستقبلية
يرى الخبير أن الضربات البحرية ليست مجرد إشارة ردعية، بل قد تمهد لعمليات برية تشمل مرتزقة كوبيين وأمريكيين، مدعومة بحماية الأسطول الأمريكي.
ويوضح أن تعبئة مليوني ميليشيا محتملة من قبل مادورو تمثل أداة سياسية وعسكرية تتيح حماية الجيش من المواجهة المباشرة، مع اعتماد نموذج "حرس الثورة" الإيراني.
ويختم أوليفييه فالي: "ليس بالضرورة أننا على أعتاب مواجهة مباشرة، لكن واشنطن تستخدم هذه التحركات كجزء من دبلوماسية المدفعية، في رسالة تحذيرية لمنع أي تحدٍ لمصالحها في الكاريبي وأميركا اللاتينية".
|