عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الجمعة 19 أيلول 2025، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، مع غبطة أخيه الكردينال مار باسيليوس اقليميس كاثوليكوس الكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية، جلسة لسينودس أساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية في الهند، وذلك في دار مطرانية أبرشية باثانامثيتّا Pathanamthitta، كيرالا – الهند.
شارك في هذه الجلسة السينودسية أصحاب السيادة مطارنة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية، وقد رافق غبطةَ أبينا البطريرك صاحبا السيادة مار برنابا يوسف حبش، ومار أفرام يوسف عبّا، والمونسنيور حبيب مراد، والأب كريم كلش.
خلال الجلسة، ألقى صاحب الغبطة الكردينال مار باسيليوس اقليميس كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك، قائلاً:
"حقّاً إنّه لشرف عظيم أن يكون بيننا صاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث، مع وفد خاص من الكنيسة السريانية الكاثوليكية والمارونية. عندما التقيتُ بغبطتكم في المرّة الماضية، في غضون شهر آذار المنصرم، دعوتُكم للمشاركة في احتفال يوم الإتّحاد مع كرسي روما، فَقَبِلتم بكلّ طيبة خاطر أن تكونوا معنا، فحضرتم البارحة وترأّستم بكلّ فرح ختام الاحتفالات بيوبيل معهد مار أفرام في كوتايام.
لقد كان لغبطتكم كما لأسلافكم الكثير من المآثر تتشارك فيها كنيستانا، بدءاً بالمثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني رحماني، وصولاً اليوم إلى غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان العزيز. البطريرك رحماني ساعد مار إيفانيوس لنيل الإعتراف بنا ككنيسة، وبنفس العاطفة والفعالية والجهود الحثيثة، يقوم غبطة البطريرك يونان بمساعدتنا كي نكون أقوياء وأشدّاء في الجماعة الكاثوليكية، وكي نعزّز هويتنا وانتماءنا للكنيسة السريانية. كلّما التقينا في روما، كان غبطته يلحّ عليّ بالقدوم إلى لبنان حيث قمنا بزيارة الكنيستين السريانيتين الكاثوليكية والأرثوذكسية بهدف تعزيز الوحدة المسيحية.
غبطتكم رجل ذو خبرة طويلة وواسعة وغنيّة في الإدارة والرعاية والتدبير الكنسي، ونحن نفرح بالعمل معكم. فأنتم وقداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني وأنا، كنّا معاً نعمل لفترة في الولايات المتّحدة، ونحن أسّسنا أبرشيتنا الملنكارية هناك عام 2001.
غبطتكم تمثّلون التراث المشترك والسعي نحو الوحدة الكاثوليكية - الأرثوذكسية، وقد حظيتُ بالمشاركة في جلسات السينودس المقدس للكنيسة السريانية الكاثوليكية في لبنان بدعوة من غبطتكم وبضيافتكم وبرئاستكم عام 2012، وهذه علامة وحدة وشركة عميقة.
كلّنا نعرف أنّ الكنيسة التي تمثّلونها غبطتكم عانت ولا تزال تعاني الكثير من الأزمات والاضطهادات، وأحياناً لا نعرف أين يتواجد المؤمنون، هل لا يزالون أحياء أو هم مخطوفون، أو هل لا يزالون في أرضهم، أو هاجروا إلى بلاد أخرى، لكنّهم في هذه الحالات كلّها يتابعون العيش كأتباع للرب يسوع.
نحن نثمِّن ونُعجَب بشجاعة غبطتكم في قيادة هذه الكنيسة التي تعاني الكثير، علامةً للشهادة والرجاء، كما قال البابا فرنسيس، أن نعيش فضيلة الرجاء وكحجّاج الرجاء.
نحن ممتنّون لغبطتكم لحضوركم الغالي والثمين معنا هنا، وأنا حقيقةً منذهل أنّكم كنتم في ديترويت، ثمّ لوس أنجلوس، وسان دييغو، في الولايات المتّحدة الأميركية، ثمّ وصلتم إلى بيروت، وفي الصباح الباكر بدأتم الرحلة إلى تريفاندروم. وما أن وصلتم إلى تريفاندروم، وبعد استراحة قصيرة لساعتين أو ثلاثة، غادرتم مباشرةً إلى كوتايام للمشاركة في الجلسة الختامية لاحتفالات الذكرى السنوية الأربعين على تأسيس معهد مار أفرام. ثمّ أتيتم إلى تيروفالا لحفل الاستقبال، ثمّ مدينة أدور، واليوم أنتم هنا معنا، وسوف تشاركوننا غداً الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والتسعين لاتّحاد كنيستنا السريانية الملنكارية مع الكرسي الروماني، شكراً لصبركم وحضوركم. نحبّكم كثيراً، ونحترم شجاعتكم في قيادة هذه الكنيسة في خضمّ كلّ التحدّيات.
حضرتم، يا صاحب الغبطة، في المرّة الماضية عام 2017 إلى مدينة أدور للمناسبة عينها، حيث تمّ أيضاً تنصيب أسقفين جديدين، وتكريس كنيسة جديدة في أدور، واليوم نحن فرحون أن نقول إنّ لدينا إعلان انتخاب أسقفين جديدين، نحن فرحون لأنّكم كلّما تأتون إلينا تجلبون معكم خبراً جميلاً أو حدثاً فريداً.
كنيستكم تعاني من أزمات وأزمنة صعبة، نصلّي جميعنا من أجلكم. ونحن نستمدّ من غبطتكم القوّة، ونسألكم أن تشدّدونا بصلواتكم وبركاتكم، والقديس اغناطيوس الذي تحملون اسمه هو عزيز علينا جداً، وهو علامة النصر والشهادة والاستشهاد واتّباع الرب على درب الصليب. وكما يخبرنا الإنجيل المقدس، وبحسب التقليد الكنسي، فإنّ اغناطيوس كان ذلك الطفل الذي حمله يسوع بين ذراعيه وباركه.
في احتفال يوم تذكار الإتّحاد مع كرسي روما، نأخذ كلّ خمس سنوات موضوعاً ونتأمّل به على مدى السنوات الخمس. الموضوع الأخير كان كلمة الله، واليوم ننتهي منه، وغداً نبدأ بموضوع جديد حول المسكونية، ليقودنا إلى عيش حياة تحمل لنا الإتّحاد الذهبي بالرب بالوحدة والمحبّة، كما ذكرتم، غبطتكم، في كلمتكم البارحة في دار مطرانية تيروفالا، أنّ أتباع الرب دُعُوا مسيحيين أولاً في أنطاكية، لأنّهم كانوا يحبّون بعضهم بعضاً.
شكراً لغبطتكم لكلّ ما تتحمّلونه من ثقل في المعاناة، فليقوّيكم الرب. باركنا الرب جميعاً، وبارك الكنيسة السريانية".
ثمّ ردّ غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بكلمة قال فيها:
"شكراً لكم، صاحب الغبطة، على كلماتكم اللطيفة الطيّبة، كعلامة تشهد على أنّ كنيستينا هما متّحدتان بالإيمان وبالتراث الأنطاكي والدعوة الأنطاكية.
في إحدى مقابلاته التعليمية العامّة، لفت البابا بنديكتوس السادس عشر إلى أنّ مار اغناطيوس الأنطاكي كان الأكثر قرباً من الله بين آباء الكنيسة، سواء من خلال حياته كراعٍ لكنيسة أنطاكية، أو من خلال تعليمه، إذ ترك سبع رسائل، وهي بين الأكثر انتشاراً في القرون الأولى لتعاليم الآباء الأوائل، ومن خلال شهادته. لذا، وبحسب البابا بنديكتوس، فهو، أي اغناطيوس الأنطاكي، الأكثر قرباً للرب يسوع. وقد كتب للمرّة الأولى مشيراً إلى أنّ كنيسة المسيح هي جامعة، وذلك منذ أكثر من 200 سنة قبل انعقاد مجمع نيقية المسكوني عام 325، والذي أقرّ وأعلن الإيمان المسيحي، وأنّ الكنيسة هي كاثوليكية أي جامعة.
إنّنا فخورون أنّ لنا أباً رسولياً كهذا هو مثالنا في رعاية الكنائس. نقول كنائس، لكنّنا كنيسة واحدة، لأنّه، كما قلنا ونعرف جميعنا، إنّ بطريركية أنطاكية توّسَّعت حتّى الشرق الأقصى، وهذا يعني أنّنا كنيسة واحدة، يا إخوتي الكاثوليكوس والأساقفة. بالطبع، في التاريخ أحداث حزينة فرّقَتنا، لكنّنا كنيسة الرجاء بأنّه حتّى ولو كان المسيحيون يتناقصون عدداً، وهذا محزن للغاية، بسبب الكثير من الاضطهادات والأزمات والتحدّيات، لكنّنا نبقي الرجاء راسخاً بأنّ الكنيسة الملنكارية ستحافظ على الإيمان وتنمو كمثال على الكنيسة المزدهرة بين سائر الكنائس الأخرى.
أتينا إلى هنا لنشارككم فرحة يوم الإتّحاد بالكرسي الروماني، وقد ذكرتم العلاقة الوطيدة التي جمعت المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني رحماني برجل الله مار إيفانيوس، وسنستمرّ بالمحافظة على هذه العلاقة بمعونة الرب. ومهما حصل للمسيحيين في الشرق الأوسط، فنحن ننظر إليكم، إخوتنا الأعزاء، ليس فقط بالكلمات، بل حقّاً لدينا الرجاء أن الكنيسة السريانية الملكنارية ستنمو وتزدهر، وقد ذكرتم الحاجة الملحّة لرُسُل كهنة ورهبان وراهبات ينشرون كلمة الرب وسط صخب هذا العالم.
فلنتشارك سويةً حِمْل الشهادة للرب يسوع، سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو الأراضي المقدسة أو أماكن أخرى في الشرق، كي نحافظ على الإيمان والتقليد والتراث، وكي نرعى المؤمنين الموكَلين إلينا، لأنّ الرب يسوع لن يترك كنيسته أبداً كما وعدنا. شكراً جزيلاً لكم جميعاً".
بعدئذٍ جرى تبادُل الأحاديث الأخوية، ومعالجة النقاط الواردة على جدول الأعمال في جوّ من المحبّة الأخوية.
وفي نهاية الجلسة، منح غبطةُ أبينا البطريرك، غبطةَ الكاثوليكوس وآباء السينودس والكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية، البركة الرسولية، في جوّ مفعم بالتأثّر والوداعة.
|