قناة عشتار الفضائية
 

غبطة البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد القديسة تريزيا الطفل يسوع ويقدّس الأيقونات والصور ويبارك أعمال الترميم في كنيسة القديسة تريزيا وقاعتها، زحلة، البقاع – لبنان

 

عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الكاثوليك/

 

في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد 28 أيلول 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري بمناسبة عيد القديسة تريزيا الطفل يسوع، وذلك في كنيسة القديسة تريزيا في زحلة، البقاع – لبنان. وخلاله، قدّس غبطته الأيقونات والصور، وبارك أعمال الترميم التي تمّت في الكنيسة وقاعتها.

عاون غبطتَه صاحبا السيادة: مار برنابا يوسف حبش، ومار أفرام يوسف عبّا، بحضور ومشاركة صاحب النيافة مار يوستينوس بولس سفر النائب البطريركي في زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس، وصاحب السيادة يوحنّا عصام درويش رئيس أساقفة زحلة والفرزل السابق للروم الملكيين الكاثوليك، وحضر لاحقاً صاحب السيادة جوزف معوّض رئيس أساقفة زحلة للموارنة، وعدد من الآباء الخوارنة والكهنة والرهبان.

وحضر القداس النائبان في البرلمان اللبناني الياس اسطفان، وسليم عون، وفعاليات بلدية واختيارية، وبحضور ومشاركة أعضاء جمعية القديسة تريزيا الخيرية في الرعية، واللجان والفعاليات الرعوية، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية ومن رعايا الأبرشية البطريركية في لبنان، غصّت بهم الكنيسة، وقد قَدِموا متلهّفين لاستقبال أبيهم ورئيسهم ونيل بركته الرسولية، وللمشاركة في هذا الإحتفال الروحي.

بدايةً، استُقبِلَ غبطةُ أبينا البطريرك استقبالاً حاشداً من قِبَل كاهن الرعية المونسنيور أنطوان حمزو وفعاليات المدينة والمؤمنين، وقد أدّت جوقة مفوّضية البقاع في الكشّاف السرياني اللبناني المعزوفات والترانيم السريانية والعربية ترحيباً بغبطته.

ثمّ دخل غبطته بموكب حبري مهيب إلى الكنيسة التي ارتدت حلّة بهيّة قشيبة، يتقدّمه الأساقفة والكهنة والشمامسة، على أنغام نشيد استقبال رؤساء الأحبار، أدّاه جوق الرعية الذي خدم القداس.

وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "إن لم تصيروا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات"، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالقول: "قبل كلّ شيء، نودّ أن نشكركم، أيّها الأحبّاء، لتفانيكم وتضحياتكم التي ساعدتم وعبّرتم بها عن محبّتكم للكنيسة، بترميمكم هذه الكنيسة، وبوضع هذه الأيقونات الجميلة في قدس الأقداس، وكلّ الأعمال التي قمتم بها في قاعة الكنيسة وفي مداخلها. وبذلك أظهرتم إيمانكم سخاءكم وغيرتكم على كنيستكم، إن كنتم هنا في الرعية، أو في بلدان الإنتشار. كما نشكر المونسنيور أنطوان حمزو كاهن رعيتكم على كلمته الترحيبية وأدعيته كي تنمو رعيتكم بالنعمة حسب قلب الرب يسوع، وبصلوات وأدعية هذه القديسة العالمية تريزيا الطفل يسوع، والتي على اسمها شُيِّدَت هذه الكنيسة. ونشكر جميع الكهنة والشمامسة الذين خدموا هذه الرعية منذ تأسيس كنيسة مار أفرام وتأسيس كنيسة القديسة تريزيا".

ولفت غبطته إلى أنّ "الطفل يسوع كان هدف حبّ القديسة تريزيا منذ طفولتها، حتّى أنّ إحدى الأمّهات في الرهبانية سمَّتْها تريزيا الطفل يسوع لأنّها كانت مشغوفة بالمخلِّص الإلهي الذي تنازل وتواضع وأصبح بشراً مثلنا، كي يرفعنا إلى أبيه السماوي. وبالتأكيد، لقد قرأتم حياة القديسة تريزيا واطّلعتم عليها، وقد استقبلْنا ذخائرها منذ بضعة أشهر في لبنان، وصلّينا لها كي تكون شفيعة لبنان لدى الطفل الإلهي، لينهض من أزماته المتكرّرة التي طالت، وللأسف، وأصبحنا نوعاً ما يُهزَأ بنا بين الأمم، ويقولون إنّنا كنّا نعرف لبنان بسويسرا الشرق، وأين أصبح اليوم! لقد بات رهينةً لبعض من يتاجر به، أكان باسم الدين، أو باسم الطائفية أو السياسة. نسأل الرب، بشفاعة هذه القديسة البريئة كالأطفال، أن يحنّ علينا، ويساعد هذا البلد لينهض بكلّ أبنائه وبناته، فيعود ويكون حقيقةً بلداً لامعاً على الساحة الدولية".

ونوّه غبطته بأنّنا "قمنا، في الأيّام الثمانية الماضية، بزيارة كيرالا، وهي الولاية الجنوبية الغربية من الهند، وفيها نسبة المسيحيين أكثر من باقي الولايات، لأنّ السريان منذ القرون الأولى ذهبوا يبشّرون تلك الأراضي البعيدة. فالسريان وصلوا، ليس فقط إلى الهند، بل إلى الصين أيضاً. لم يبقوا في الصين، لكنّ آثارهم لا تزال موجودة إلى اليوم، لكنّهم بقوا في الهند، واليوم أكبر نسبة للمسيحيين هناك هي للمسيحيين الشرقيين، أكانوا كاثوليك أو أرثوذكس. وما نفتخر به هو أنّ لدينا كنيسة سريانية كاثوليكية ملنكارية في الهند، صحيح أنّها تُعتبَر بالنسبة للكنائس الأرثوذكسية الشقيقة صغيرة العدد، لكن إذا قارنّا نفسنا، نحن وكلّ المسيحيين في هذا الشرق الذي هو منبع المسيحية وأرض الإنجيل والرسل والفداء، فيسوع فدانا في هذه الأرض، نستطيع أن نقول إنّنا بعيدون عنهم كثيراً. لقد حافظوا على إيمانهم في هذه المنطقة في الهند، وعلى تقاليدهم الشرقية، وعلى الأخصّ هذه التقوى الرائعة التي لمسناها. زرناهم مع وفد مؤلَّف من 13 شخصاً، والجميع، لا سيّما الذين يزورون كيرالا لأول مرّة، أُعجِبوا بهذا الإيمان الذي لمسوه هناك".

وأشار غبطته إلى أنّه "يشاركنا في هذا الإحتفال الروحي اليوم مطرانان من كنيستنا، يتميّزان بالغيرة على الكنيسة والإيمان الحقيقي، وبدعوة كهنوتية وأسقفية لا غبار عليها، لا بل هما راعيان صالحان، خدما في بلدهما العراق، ثمّ توجّها إلى كنائس الإنتشار، وأنا كنتُ هناك كاهناً ثمّ أسقفاً، وطلبتُ من سيادة المطران يوسف حبش، الذي كان كاهناً في البصرة – العراق، وسيادة المطران يوسف عبّا، الذي كان كاهناً في قره قوش، كي يأتيا ويساعدانِنا في الخدمة في الولايات المتّحدة الأميركية وكندا. فلبّيا الدعوة من دون أيِّ تردُّد، ولم ينظرا إلى الوراء، وضعا يدهما على المحراث وتطلّعا إلى الأمام، كي يبنيا ويخدما الكنيسة. ولمّا دعاهما الرب للدعوة الأسقفية، لم يقصّرا، بل خدما، سيدنا يوسف حبش في الولايات المتّحدة وكندا، وسيدنا يوسف عبّا في بغداد. كما أنّ سيدنا عصام درويش تميّز هو أيضاً بخدمته، أكان هنا في الشرق أو في أستراليا. نحتاج إلى رعاة صالحين يتطلّعون نحو المسيح مثالهم، ويكونون مثالاً للخدمة، بالبرّ والتقوى والنزاهة، مهما كان ضعفهم البشري".

وقدّم غبطته الشكر "للرب على دعوته إيّانا، ونحن نتمثّل بهذه القديسة تريزيا التي تعرفون حياتها، خاصّةً الكتاب الذي كتبَتْه "Histoire d’une âme قصّة نفس"، وفيه تتكلّم عن طفولتها، حين كانت طفلة صغيرة ككلّ الأطفال، لديها نقائصها، لكن رويداً رويداً، قادها الرب إلى القداسة، وانتقلت إليه بعمر 24 سنة. إنّها تذكِّرنا بالقديسين والقديسات الذي ابتُلُوا بأمراض، لأنّهم لم يكونوا يهتمّون بأنفسهم، وانتقلوا إلى السماء".

وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة القديسة تريزيا الطفل يسوع، أن يبارك رعيتنا، ويبارك زحلة العزيزة ومؤمنيها، ويبارك لبنان، ويجعله مشعّاً بالتقوى والروحانية والحضارة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقديسة تريزيا الطفل يسوع، وجميع القديسين والشهداء".

وبعد الموعظة، أقام غبطته رتبة تقديس وتكريس الأيقونات والصور الجديدة، مباركاً أعمال الترميم التي تمّت في الكنيسة بهمّة الغيارى من أبناء الرعية.

وكان المونسنيور أنطوان حمزو قد ألقى كلمة رحّب فيها "بكم، غبطة أبينا البطريرك، ونشكركم على بركتكم الأبوية لأبناء الرعية بهذه المناسبة، وقد قاموا بتلك الأعمال الجمالية في الكنيسة وقاعتها، وكان ذلك بفعل حبٍّ وإيمانٍ ورجاءٍ وفرحٍ بالمسيح وبالقديسة تريزيا الطفل يسوع. نرحّب بكم، ونشكركم على كلّ الأعمال التي قمتم بها على كلّ الصعد والمستويات في مسيرتكم على هذه الأرض الزائلة، من سيامتكم الكهنوتية والأسقفية وتوليتكم البطريركية، والتي تدلّ في جوهرها على أنّ المسيح هو ابن الله الحيّ، وابن مريم خادمة الرب، والذي هو بالأمس واليوم وغداً، وفي هذه الألفية الثالثة لتجسُّده وقيامته".

وتابع قائلاً: "نعم، الإيمان يتبرّر بالأعمال التي قمتم بها في عالم الإنتشار، بشراء الكنائس ومراكز الإرساليات، فقد وحّدتم أولادكم المشتَّتين شرقاً وغرباً. الإيمان يتبرّر بالأعمال التي قمتم بها في هذا الشرق المعذَّب، والذي يحمل في طيّاته التحوّلات والمتغيِّرات الجغرافية وصراع البقاء من أجل الحفاظ على الكيان والوجود والمصير والهويّة. الإيمان يتبرّر بالأعمال في حضوركم الشخصي، صاحب الغبطة، على مستوى الكنيسة الأمّ والجامعة والرسولية، وجميع الكنائس والمؤسَّسات الكنسية في هذا الشرق، وحضوركم مع رؤساء العالم والمؤسّسات الدولية التي تهتمّ بالشؤون الإنسانية والإجتماعية، وحضوركم في اللقاءات الحوارية مع جميع الأديان والحضارات والثقافات. كلّ ذلك يعود للحفاظ على الكيان والوجود والهويّة والمصير، ومن أجل بناء حضارة المحبّة والرحمة والعدالة والحقيقة والحرّية والسلام والأخوّة الإنسانية المستدامة".

وختم كلمته بالقول: "شكراً لكم، غبطة أبينا البطريرك، على جميع أعمالكم الخيّرة والنيّرة والظاهرة للعيان التي قمتم بها في مسيرتكم الحياتية على هذه الأرض الزائلة، كلّ ذلك إيماناً من شخصكم بالمسيح يسوع الذي قال: ليضئ نوركم للناس فيروا أعمالكم الصالحة ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات. شكراً لكم، سيدنا صاحب الغبطة، وليحفظكم الرب للكنيسة معلّماً ومدبّراً ومقدّساً، ولسنين عديدة يا سيّد".

وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، انتقل إلى قاعة الكنيسة، فباركها بعد انتهاء أعمال الترميم التي أُجرِيَت فيها. ثمّ استقبل غبطتُه الأساقفةَ والكهنةَ والمؤمنين من مختلف أبناء زحلة وفعالياتها، فضلاً عن رعية القديسة تريزيا بجمعيتها ولجانها وأبنائها، فتحلّقوا جميعهم حول أبيهم وراعيهم، وسط جوّ من الفرح الروحي.