عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
السويداء, الجمعة 3 أكتوبر، 2025
في مشهد صادم أثار موجة استنكار واسعة، نشرت أبرشيّة بصرى حوران وجبل العرب للروم الملكيّين الكاثوليك تسجيلًا مصوّرًا يوثّق اعتداءً طالَ مقابر للمسيحيّين في قرية الصورة الكبرى بمحافظة السويداء، حيث تعرّضت قبور للنبش والتخريب، في انتهاك فاضح لحرمة الموتى والقيَم الإنسانيّة. وأعادت الحادثة تسليط الضوء على التحدّيات التي تواجه مكوّنات المجتمع في السويداء، في ظلّ أزمة معيشيّة خانقة، وصعوبات سياسيّة وأمنيّة تُعمِّق جراحها.
وَصفت الأبرشيّة الملكيّة، في بيان رسميّ، هذا الفعل بـ«المُشين والمرفوض بكلّ المقاييس الدينيّة والاجتماعيّة»، معتبرةً أنّه يهدف إلى نشر الفتنة وزعزعة الأمن المجتمعيّ. وأكّد البيان ضرورة الوحدة والتآزر بين أفراد المجتمع، واحترام التنوّع الدينيّ والإنسانيّ، والعمل على تعزيز ثقافة السلام والتسامح.
وأضاف البيان: «نؤمن بأنّ هذا الحادث لا يُمثّل إلّا فئة قليلة خارجة عن نطاق المجتمع بأسره، وأنّه لا يُمكن لأيّ عمل عنيف أن يُفتّت اللحمة الوطنيّة التي تجمعنا». وطالب البيان مكوّنات الشعب السوريّ كلّها بالتنديد بهذا العمل، داعيًا إيّاها إلى تشكيل صفّ واحد في مواجهة هذه الأفعال التي تسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعيّ. كما دعا الجهات المعنيّة إلى تحقيق العدالة عبر محاكمة المعتدين. واختتمت الأبرشيّة بيانها بالتشديد على أنّ «هذه التصرّفات لن تزيدنا إلّا قوّة وتماسكًا في مواجهة أيّ محاولات لزرع الفرقة بيننا».
وفي خطاب سابق، أكّد متروبوليت بصرى حوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، المطران أنطونيوس سعد، أنّ المجتمع المسيحيّ في السويداء لن يُغادر أرضه رغم التحدّيات. وقال في رسالة واضحة: «نحن باقون هنا، رغم كلّ الشدّة التي نمرّ بها والتي لا نعرف متى سوف تنتهي. نحن ملتزمون رعاية أبنائنا، ونسعى إلى حماية الجميع في السويداء، وأبوابنا مفتوحة للجميع». ووجَّه سعد نداءً إنسانيًّا إلى المجتمع الدوليّ، قائلًا: «أوجّه نداءً إنسانيًّا إلى أصحاب الضمير الحَيّ في كلّ العالم، لكي تُفتَح المعابر من أجل دخول كلّ المواد التي نحتاجها في ظلّ الظروف الصعبة، من قلّة المياه والخبز والمواد الغذائيّة والكهرباء».
وبالفعل، شهدت السويداء انقطاعًا كاملًا للخبز، ما دفع بعض النشطاء إلى إصدار «بيان الطحين» الذي طالبوا فيه بفكّ الحصار وإدخال الدواء والمواد التموينيّة الأساسيّة لاستمرار الحياة، على رأسها الطحين، بشكل عاجل وفوريّ. وقد أُعيدَ إدخال الطحين إلى المحافظة.
إذًا، لم تُطبَّق حتّى الساعة بنود الاتّفاق الثلاثيّ بين دمشق وعمّان وواشنطن بشأن السويداء، وهو ما أكّده مصدر محلّي لـ«آسي مينا»، موضحًا أن المسيحيّين لم يتمكّنوا حتّى الآن من العودة إلى قراهم التي ما زالت تحت سيطرة مجموعات مسلّحة، خلافًا لِما نصَّ عليه الاتّفاق المُعلَن. كذلك، كشف المصدر وجودَ آلاف الموظّفين الحكوميّين المسيحيّين الذين لم يحصلوا على رواتبهم الشهريّة منذ نحو 4 أشهر، حالهم كحال بقيّة المكونات.
|