ويفسر اعتقادات الناس الخاطئة حول ذلك بالقول إنّ "ما يحدث عادةً، هو أنّ بعض الأشخاص لا يعلمن بوجود مشكلات لديهنّ مثل متلازمة تكيس المبايض التي يمكنها أن تجعل الإباضة غير منتظمة، مما يؤخر من حدوث الحمل، أو بطانة الرحم المهاجرة، وبعد توقفهنّ عن استخدام حبوب منع الحمل، يعتقدن أنّها المسؤولة عن عدم حملهنّ، وليس مشكلاتهنّ الأساسية".
من لا يجب أن تستخدم هذه الحبوب؟

تشدد غزيري على أنّ على الطبيب قبل وصفه حبوب منع الحمل، أن يسأل المريضة عن أي مشاكل صحية تعاني منها.
وتشير إلى أنّ المريضة التي تعاني من زيادة كبيرة في الوزن، "لا يمكنني أن أصف لها حبوب منع الحمل لأنها قد تسبب لها بارتفاع في ضغط الدم، أو السكري أو أن تكون بلا فائدة". وكذلك "المريضة التي خضعت لعملية تصغير معدة".
وتضيف غزيري على اللائحة، المرضى اللواتي يعانين من الصداع النصفي أو الشقيقة واللواتي يعانين بسببه من عوارض شديدة، بالإضافة الى المدخنات، وذلك لأنّ حبوب منع الحمل يمكنها أن تزيد من نسبة الجلطات.
الأمر نفسه ينطبق على المرضى اللواتي لديهنّ تاريخ عائلي مع الجلطات، وتقول الطبيبة: "علينا التأكد أولاً عبر الفحوصات إن كان لدى المريضة بدورها استعداداً إضافياً للجلطات قبل أن نصف لها هذه الحبوب".
وتقدر هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة الزيادة في خطر الإصابة بجلطة دموية بسبب استخدام حبوب منع الحمل الهرمونية بأنه "صغير جداً" ويؤثر "على ما يصل إلى 1 من كل ألف شخص يستخدمونها".
ويشير سعود إلى أنّ "جميع أنواع الهرمونات تزيد الى حدّ ما من نسبة حدوث جلطات دموية، ولذلك، قبل وصف أي نوع من الهرمونات لأي شخص، يجب أخذ تاريخه الطبي بعين الاعتبار".
وقد يسأل الطبيب عن "تعرض المريضة لأي جلطة من قبل، أو وجود تاريخ لجلطات في العائلة، هل تحمل أي موروثة جنائية تزيد من نسبة تعرضها لجلطات، أو إذا كانت ستجري عملية جراحية في وقت قريب وستكون مجبرة على الاستلقاء لأوقات مطولة" بحسب سعود. مشيراً إلى ضرورة إعادة تقييم حالة المريضة العامة كل عام.
ويشير الطبيب إلى أنّ بعض تركيبات حبوب منع الحمل قد تتسبب بنسبة أكبر من الجلطات مقارنة بغيرها. وعلى الطبيب هنا، يقول سعود "أن يختار تلك التي تحتوي على أقل نسبة من الإستروجين ونوع بروجستيرون محدد للتقليل من هذا الخطر". ولكنه يقول إنّ نسبة حدوث ذلك ليست كبيرة لدرجة أن تستغني المريضة عن حبوب منع الحمل بالكامل.
ماذا عن تعكر المزاج والاكتئاب؟
قد تتسبب هذه الحبوب الهرمونية بعوارض نفسية، منها تعكر في المزاج والقلق وفي بعض الأحيان الاكتئاب.
يشير سعود إلى أنّه هناك درجات متفاوتة من تعكر المزاج والقلق والاكتئاب الذي قد يصيب النساء بشكل طبيعي قبل الدورة الشهرية إجمالاً، وأنّ انخفاض هرمون البروجستيرون بشكل كبير قبل بدء الطمث، هو المسؤول عن ذلك.
ويقول الطبيب إنّ التأثير السلبي لذلك "قد يستمر لمدة يوم أو يومين أو أكثر قبل الدورة. وهو أمر يكون طبيعياً الى حد ما ويسمى بمتلازمة ما قبل الحيض".
إلا أنّ الحالات المتقدمة منه، يقول سعود "فقد تبدأ قبل أسبوع أو أسبوعين من بداية الدورة، ويكون سوء المزاج حادّ لدرجة أنهنّ لا يستطعن تقبل أي أمر ويدخلون في مشكلات مع الآخرين. هذا الاضطراب الشديد يسمى باضطراب سوء المزاج ما قبل الطمث" هو شكل حاد ومعيق للحياة لمتلازمة ما قبل الحيض.
ويشير إلى أنّه هناك أنواع معينة من حبوب منع الحمل المخصصة لهذه الحالات "للتخفيف من وطأتها وتقديم نوع حياة أفضل للسيدة التي تعاني من هذه المشكلة".
أمّا عن تسبيب حبوب منع الحمل لهذه التقلبات المزاجية أو القلق أو الاكتئاب، فيقول إنه "لا يمكنه أن يكون حازماً برده، فمن الممكن أن يحصل ذلك. وفي حال حدوثه، يجب مراجعة الأمر مع الطبيب لتغيير نوع الحبوب المستخدمة".
من جهتها، تبدو غزيري أكثر صرامة مع هذا الشق، وتقول أنه "لا شك في أنّ حبوب منع الحمل يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على الصحة النفسية للمريضة". ولكنها تضيف أنّ ذلك لا ينطبق على جميع المرضى.
ولذلك، تقول غزيري إنّ "توعية المريضة على الآثار الجانبية لهذه الحبوب مهمة جداً، فإذا شعرت بأنها تمر بفترة كئيبة، أو بقلق، أو بغضب زائد، أو بألم شديد في الرأس أو في الجسم، فعليها أن تخبر طبيبها فوراً كي توقف استخدامها".
هل تساعد حبوب منع الحمل في الحفاظ على عدد البويضات؟

يؤكد سعود في اتصال مع بي بي سي عربي إنّ "لا شيء يوقف خسارة السيدة للبويضات، حتى خلال حملها، عندما لا يكون هناك إباضة". ويضيف أنّ الأمر نفسه ينطبق على فترات استخدام حبوب منع الحمل.
وفي معلومة مفاجئة، يقول لنا سعود إنّ "السيدة تبدأ بخسارة البويضات وهي لا تزال جنيناً يبلغ 5 أشهر في أحشاء والدتها" ويستمرّ ذلك في كل مراحل حياتها حتى انقطاع الطمث.
ومن جهتها، تؤكد غزيري أيضاً أنّ استخدام هذه الحبوب لا يؤخر موعد انقطاع الطمث.
وفي كلمة أخيرة، يقول سعود إنّه يعتقد أنّ حبوب منع الحمل آمنة بما يكفي وهي تستخدم منذ سنوات طويلة. ويضيف إنّ "كل دواء، مهما كان بسيطاً، حتى الأسبيرين مثلاً، له تأثيرات جانبية، ولذلك على أي شخص يأخذ أي دواء كان، أن يقارن بين الحسنات والسيئات التي يقدمها هذا الدواء له على صعيد شخصي".
ويشير إلى أنّه من جهة الطبيب، "يجب على كل طبيب أن يدرس مريضه بشكل جيّد وألا يصف له أي دواء من دون فحص دقيق ودراسة حثيثة لحالته وتاريخه الطبي وتاريخ عائلته الطبي أيضاً".
من جهتها تشدد غزيري على أهمية توعية الطبيب والمريضة على "سلبيات حبوب منع الحمل وأعراضها الجانبية، بالإضافة إلى إعلام المريضة بوجود طرق بديلة لتنظيم الهرمونات أو منع حصول حمل في حال لم تناسبها حبوب منع الحمل لسبب من الأسباب".
وتختم قائلة: "رأي المريضة ومداخلتها حول العلاج الذي وصفناه لها مهم جداً. يجب العودة دائماً الى المريضة وسؤالها عن تأثيرات العلاج عليها".