حتى التعديلات البسيطة في التوقيت يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات يمكن ملاحظتها، فالأفراد الذين يعيشون في الطرف الغربي لنطاق التوقيت معرضون أيضاً لمخاطر أعلى للإصابة بنفس الحالات التي يعاني منها العاملون بنظام الورديات.
وتشير بعض الدراسات كذلك إلى وجود ارتباط بين تأخير عقارب الساعة في الخريف وزيادة احتمالية الإصابة بنوبات الاكتئاب، واستطاع باحثون دنماركيون تحليل بيانات السجل المركزي للأبحاث النفسية في الدنمارك خلال الفترة من 1995 إلى 2012، وتبيّن لهم أنه خلال عشرة أسابيع بعد تعديل التوقيت، ارتفع معدل الإصابة بنوبات الاكتئاب الشديدة بنسبة 11في المئة.
وعلى الرغم من ذلك، يرى جوآن كوستا-إي-فونت، أستاذ اقتصاديات الصحة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن لتغيير التوقيت في الخريف ينطوي على بعض الآثار الصحية الإيجابية، فقد أجرى دراسة شملت 30 ألف شخص على مدى ثلاثين عاماً، من 1984 إلى 2018، إذ كان يُطرح على المشاركين في الدراسة بانتظام أسئلة حول مدى رضاهم عن حياتهم ونومهم، وصحتهم البدنية والنفسية، ومستوى رفاهيتهم.
وأظهرت النتائج وجود فوائد مرتبطة بتغيير الساعة في الخريف، لكنها لم تكن بالقدر الكافي لتعويض السلبيات المرتبطة بتغيير الساعة في الربيع.
ويقول كوستا-إي-فونت: "توصلنا إلى أن تغيير التوقيت في الخريف يعود بالفائدة على الصحة، إذ أتاح للأفراد فرصة نوم إضافية لنحو 40 دقيقة، كما شعر الأشخاص بطاقة أكبر، وبصحة أفضل، وحالة مزاجية أكثر سعادة".
وعلى الرغم من ذلك، وبشكل عام، وبسبب الآثار السلبية لتغيير الساعة في الربيع، كان هناك تكلفة كبيرة على صحة الأفراد ورفاهينهم، إذ توصل كوستا-إي-فونت إلى أن تقديم الساعة في الربيع يقلل رضا الناس عن حياتهم بنحو 1.44 في المئة، وكان له تأثير سلبي على النوم، والشعور بالتعب، ومستوى التوتر.
كما خلصت الدراسة إلى أن تغيير الساعة مرتين في السنة يكلف اقتصاد الفرد بما يزيد على 750 يورو (881 دولاراً) سنوياً.
ويضيف كوستا-إي-فونت: "يميل معظم الناس إلى الاعتقاد بأن هذا لا يشكل فرقاً، فهي مجرد ساعة زمنية، إلا أن المشكلة تكمن في أن جدول مواعيد الأفراد يتقدم أو يتأخر ساعة كاملة، وهو ما يسبب اضطراباً واضحاً".
والسؤال هل ينبغي إلغاء التوقيت الصيفي بالكامل؟
كان البرلمان الأوروبي قد صوت على هذا القرار في عام 2019، لكنه لم ينفّذ حتى الآن، وتكمن المشكلة في انقسام الدول بشأن التوقيت الذي ينبغي اعتماده، فالأغلبية تميل إلى التوقيت الصيفي، وهو ما يتناقض مع توصيات العلماء.
ويقول راي: "يتبنى غالبية علماء دراسة الأنماط الزمنية الحيوية على الجسم الرأي القائل بأن العمل بالتوقيت الشتوي قد يكون الأفضل لصحتنا".
وفي أمسيات الخريف المظلمة، وبينما نستعد لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، يمكننا على الأقل تعزية أنفسنا بأننا سنتمتع بطول عدد ساعات الليل مما يسهم في تحسين جودة النوم، وهو أمر يحتاجه الجميع.