قناة عشتار الفضائية
 

إنجيل بغديدا... مخطوطة فاتيكانيّة نادرة من القرن الثالث عشر

 

عشتارتيفي كوم- آسي مينا/


بقلمجورجينا بهنام حبابه

بغديدا, الأربعاء 5 نوفمبر، 2025

 

تبرز مخطوطة إنجيل بغديدا بوصفها واحدة من أنفَس مقتنيات مكتبة الفاتيكان وأندرها، ليس لأهمّيّتها التاريخيّة كونها تعود إلى القرن الثالث عشر فحسب، بل لندرة محتواها الفنّي من مُنَمنَمات ملوّنة رائعة ومتقنة، فضلًا عن أهمّيّتها الأساسيّة كونها تضمّ بين دفّتيها البُشرى السارّة.

تُوثِّق المخطوطة ذات الرقم «Vat. Syr. 559» في مكتبة الفاتيكان تاريخَها بنفسها، إذ يَرد في صفحتها الأخيرة أنّها خُطَّت في سنة 1531 يونانيّة الموافقة 1220 ميلاديّة. وتُنسَب كتابة هذا المخطوط النفيس والنادر إلى مبارك بن داؤد بن صليبا بن يعقوب البرطلّيّ، أحد رهبان دير مار متّى الواقع في حضن جبل الفاف بمحافظة نينوى شماليّ العراق، كما بيَّنَ الأب د. بهنام سوني، المتخصِّص في آباء الكنيسة السريانيّة، في حديثه عبر «آسي مينا».

وأوضح أنّ المخطوط يتضمّن نصوصًا مجمّعة من الأناجيل الأربعة للقراءات على مدار السنة بحسب طقس الكنيسة السريانيّة، كُتِبَت بالخطّ السريانيّ الإسطرنجيليّ، معزّزةً بمجموعة مُنَمنمات ملوّنة، بعضها كبير الحجم يشغل صفحةً بكاملها وبعضها أصغر يشغل جزءًا من الصفحة، تصوّر شيئًا من حياة المسيح وتعليمه ومعجزاته وسواها من أحداثٍ وردت في الإنجيل.

وأشار سوني إلى أنّ المخطوطة كانت عُرضةً للسلب والنهب مرّات عدّة على مدى تاريخها، لا سيّما في خلال «أوقات الضيقات والمصائب التي حلّت بالمسيحيّين بأيدي الوثن والكفرة الذين سبوا، ونهبوا المدن والقرى. وقد نهبوا البيَع أيضًا وسلبوا من الأديرة الكتب الثمينة التي لا تثمّن بالذهب ولا بالفضّة ولا باللآلئ، ومن بينها كتاب الإنجيل هذا»، وفق ما ورد في إحدى حواشيه.

وأضاف أنّ غَيرة البغديديّين دفعتهم مرارًا إلى شراء هذه المخطوطة وسواها، لاستعادتها بعد كلّ مرّة تُنهَب فيها، ثمّ إهدائها إلى كنيسة الطاهرة في بغديدا لتكون ضمن مقتنياتها، فصارت تُعرَف بإنجيل بغديدا.

 

هديّة ثمينة

واستذكر سوني تكليف المطران جرجس دلّال راعي أبرشيّة الموصل للسريان الكاثوليك الشمّاس إبراهيم عطا الله تجليد المخطوط تجليدًا لائقًا، قبيل مبادرته إلى إهدائه إلى البابا بيوس الحادي عشر في خلال زيارته روما في العام 1937، فأوصى البابا بحفظه في مكتبة الفاتيكان، وأوكِلَت إلى الأب غليوم دي جرفانيون اليسوعيّ مهمّة دراسته وتحقيق محتواه، فأثمرت جهوده بحثًا رصينًا يُعدّ مرجعًا في مجاله.

تتميّز المخطوطة بوَرقها السميك، وعدد صفحاتها يُقارب 250 صفحة مزدوجة بقياسات تقريبيّة (44×33.5 سم) وسمكها (11 سم)، يضمّها غلافٌ أحدث عهدًا من الجلد الأسود يتوسّطه صليب يُحيطه إطار، وكلاهما ذهبيّ اللون.