عشتارتيفي كوم- سيرياك برس/
الغسانية، إدلب – أُقيمت صلاة ربانية أمام كنيسة الروم الأرثوذكس في قرية الغسانية بريف إدلب، للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، بحضور عدد من رجال الدين من مختلف الكنائس المسيحية وممثلين عن الجهات الرسمية.
قاد الصلاة راعي أبرشية اللاذقية للروم الأرثوذكس المطران أثناسيوس فهد، بمشاركة نيافة المطران حنا جلوف، النائب الرسوليّ للاتين في سوريا، والقسيس إبراهيم نصير، رئيس السينودس الإنجيليّ في سوريا ولبنان، والأرشمندريت بولس أوردوغلو (الأسقف المنتخب)، وعدد من الآباء الكهنة والرهبان. الحدث الذي وُصف بالتاريخي جاء بمناسبة عودة أهالي الغسانية إلى قريتهم بعد سنوات من التهجير، في خطوة وُصفت بأنها إشارة إلى بداية مرحلة جديدة من التعافي وإعادة الإعمار.
وقال المطران أثناسيوس فهد في كلمته: “كنا على أمل العودة… اليوم عدنا، وسنبقى دوماً ثابتين في هذه الأرض وخادمين فيها.” فيما رفع القسيس إبراهيم نصير صلاة على نية سلام سوريا وعودة الحياة إلى القرى المهجّرة.
وشهدت المناسبة أيضاً كلمة لحارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو يلبو، ألقاها نيابة عنه الأب بهجت قره قاش في كنيسة سيدة الانتقال المدمّرة للاتين، أكد فيها أن الأملاك عادت إلى أصحابها، مشدداً على أن الغفران هو السبيل الأساسي للعيش المشترك في هذه الأرض التي أنهكتها الحرب.
القرية التي تقع في ريف جسر الشغور كانت قد تعرّضت لدمار واسع خلال سنوات الصراع، وهُجر معظم سكانها، كما فقدت أحد أبرز رموزها الروحية، الأب فرانسوا مراد، راهب دير العامودين للسريان الكاثوليك، الذي استشهد خلال الحرب.
ويأتي هذا الحدث بعد إعلان الرهبنة الفرنسيسكانية ومطرانية الروم الأرثوذكس في اللاذقية والكنيسة المشيخية عن عقد أول لقاء رعوي لعائلات الكنائس في الغسانية، في خطوة تمهّد لعودة تدريجية للأهالي إلى منازلهم واستئناف الحياة الدينية والاجتماعية في القرية.
وتُعد الغسانية من القرى السورية التي شكّلت رمزاً للتنوّع الديني، إذ تضم ثلاث كنائس رئيسية: كنيسة الروم الأرثوذكس، وكنيسة اللاتين، والكنيسة الإنجيلية. وكانت القرية تحتضن سنوياً احتفالات عيد السيدة العذراء في الخامس عشر من آب، حيث يجتمع الأهالي والزائرون في أجواء من الفرح والإيمان، وهو تقليد يأمل السكان أن يعود قريباً كما كان قبل الحرب.
عودة الصلاة إلى الغسانية ليست مجرد طقس ديني، بل علامة على إصرار أهلها على البقاء، واستعادة ما سُلب منهم خلال أكثر من عقد من النزاع، وعلى أن الحياة قادرة دوماً على النهوض من تحت الركام.
|