عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: جورجينا بهنام حبابه
مسقط, الأربعاء 12 نوفمبر، 2025
أكّد السفير العُمانيّ لدى الكرسيّ الرسوليّ محمود بن حمد بن ناصر الحسنيّ أنّ المركز الرعويّ الكاثوليكيّ في العاصمة مسقط يعكس نهج سلطنة عُمان الثابت والقائم على احترام التنوّع الدينيّ والثقافيّ في البلاد.
شدَّد الحسنيّ في حديثه إلى السجل الوطنيّ الكاثوليكيّ، شريك إخباريّ لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزيّة، على أنّ إنشاء المركز يُعبّر عن قِيَم السلطنة المرتكزة على التسامح الدينيّ، ما يوطِّد التعايش المشترك بين مكوّنات المجتمع العمانيّ تحت قيادة مستنيرة ترى في التنوّع مصدر قوّة وغنى.
شرع العمل في إنجاز المركز الرعويّ الكاثوليكيّ بوضع حجره الأساس في يوليو/تمّوز 2024 مجاورًا كنيسة الروح القدس في منطقة غلا بالعاصمة مسقط، على قطعة أرضٍ تبرّع بها السلطان الراحل قابوس بن سعيد في العام 1977، وافتُتح في يونيو/حزيران المنصرم ليكون مركزًا للتنشئة الدينيّة والتعليم المسيحيّ، فضلًا عن توفيره سكنًا للكهنة.
وهو يُعدّ المركز الأوّل من نوعه في بلادٍ غالبيّة سكّانها من المسلمين، وينصّ دستورها على أنّ الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلاميّة هي أساس التشريع، لكنّه يكفل في الوقت عينه حرّيّة المُعتقد ويمنع التمييز على أساسٍ دينيّ.
تجسيدٌ للرؤية العُمانيّة
وقال الحسنيّ إنّ المركز يمثّل خطوةً إضافيّة لتعزيز العلاقات الدوليّة، لا سيّما في إطار تلاقي الرؤية العُمانيّة مع رسالة الكرسيّ الرسوليّ في توطيد ثقافة الحوار والسلام. وأوضح أنّه ليس مكانًا للعبادة فحسب، بل تجسيدٌ للرؤية العُمانيّة الثابتة، القائمة على احترام كرامة الإنسان دون تمييز، والانفتاح الثقافيّ واعتماد الحوار نهجًا أسمى لبناء جسور الثقة وتجاوز الاختلافات، قائلًا إنّ السلام يبدأ من الداخل وينعكس على الخارج.
وتابع: «يُبرز المركز أيضًا اهتمام السلطنة بالمجتمعات المقيمة والمغتربة والزائرة، بما فيها الجالية الكاثوليكيّة الكبيرة، عبر تقديم دعم روحيّ وإنسانيّ في جوّ من الاحترام المتبادل، ضمن نهجٍ أرسى دعائمه السلطان الراحل قابوس بن سعيد ويتواصل مع السلطان هيثم بن طارق».
تسامح وتعايش
وأشار إلى أنّ المركز ليس لفتةً رمزيّة بل نتاج مسيرة طويلة من التقارب والاحترام المتبادل بين سلطنة عمان ودولة الفاتيكان، رافقتها رغبة أكيدة في الحوار تكلّلت بإقامة علاقات دبلوماسيّة رسميّة في الآونة الأخيرة، ما يمهّد لمزيدٍ من التعاون المؤسّساتيّ.
وبيَّنَ أنّ التعاون الدبلوماسيّ القائم بين البلدَين يتيح حوارًا أعمق ويعزّز صورة عُمان كجسرٍ بين الحضارات يوحّد الشعوب والأديان وفق نهج السلطنة القائم على الحياد الإيجابيّ واعتماد الحوار وسيلةً للتقارب وتفضيل المصالح المشتركة لبناء شراكات قائمة على الثقة والاحترام.
حضور كاثوليكيّ
لطالما كانت الكنيسة الكاثوليكيّة حاضرةً في عُمان لعقود وتمارس نشاطها بحرّيّة وبدعمٍ رسميّ، حتّى بلغت مسيرتها مرحلة العلاقات الدبلوماسيّة ثمّ إنشاء المركز. ورأى الحسني أنّ هذه الخطوة جاءت في وقتها، دون تسرّعٍ أو تأخير، ومتوافقةً مع إيمان السلطنة العميق بأنّ العلاقات الدبلوماسيّة لا تقاس بسرعتها، بل بعمقها ومتانتها.
يُذكَر أنّ العلاقات الدبلوماسيّة بين سلطنة عُمان والكرسيّ الرسوليّ تعود إلى العام 2023، وتسارعت خطواتها منذ 2017 في أعقاب وساطةٍ عُمانيّة أسهَمَت في تحرير الراهب الساليزيانيّ توم اوزهونناليل الذي كان مُختَطَفًا في اليمن، عقب 18 شهرًا من الاحتجاز.
ويُشار إلى أنّ السلطان قابوس أدرك الحاجة الماسّة إلى تشييد كنيسة كاثوليكيّة في البلاد مع تزايد أعداد الوافدين منهم للعمل فيها. وشهدت البلاد في العام 1977 افتتاح أوّل كنيسة كاثوليكية تحمل اسم القدّيسَين بطرس وبولس، ثمّ كنيسة الروح القدس في العام 1987 إلى جانب كنائس أخرى، ما يعكس روح التسامح والتعايش الدينيّ في السلطنة.
|